القاهرة – بدأت مصر في تنفيذ إستراتيجيتها الرامية للاعتماد على التمويل الإسلامي، وتستعد لإصدار أول طرح من السندات السيادية لمواجهة شحّ العملة الأجنبية وتوفير تمويل للمشاريع المدرجة بخطة التنمية الاقتصادية.
وأظهرت وثيقة الجمعة أن الحكومة عينت بنوكا لبيع أول إصدارتها من السندات الإسلامية المقومة بالدولار الأميركي، لكنها لم تشر إلى حجم الديون التي تنوي القاهرة جمعها.
والمديرون الرئيسيون ومديرو الدفاتر المشتركون الذين سيرتبون هذا الطرح هم مصرف أبوظبي الإسلامي وسيتي بنك وكريدي أغريكول والإمارات دبي الوطني كابيتال وبنك أبوظبي الأول وأتش.أس.بي.سي.
الحكومة ستعلن الأسبوع المقبل عن حجم الديون التي تنوي جمعها من طرح السندات السيادية في الأسواق الدولية
وسيتبع ذلك بيع سندات بحجم قياسي لأجل ثلاث سنوات وعادة لا تقل عن نصف مليار دولار وفقا لظروف السوق.
وتحتاج مصر للحصول على المزيد من التمويل الخارجي بينما تحاول التخلص من مأزق تكدس الواردات في موانئها، مما يضيف إلى تراكم الطلب غير المحقق على الدولار.
ويقول خبراء إن السندات الإسلامية أداة تمويل رخيصة بطريقتها الحالية والمتزامنة مع السياسات النقدية المتشددة حول العالم، ومن ثم تزيد معدلات الديون الخارجية للدولة، لكنها أخف وطأة من ديون الاقتراض من المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد.
وتعمل السندات كأداة دين، وهي تمثل ملكية مشتركة واستثمارا مشتركا في الأصول المدرة للنقد بدلا من كونها التزامات ديون بفوائد، لأن الشريعة الإسلامية بحسب الكثير من الفقهاء، تعتبر الفوائد شكلا من أشكال الربا.
ويتمثل عامل التمييز بين الصكوك والسندات في أن الأولى تستند إلى أصل أساسي، وينتج عن هذا الأصل عائد محدد على الاستثمار أو دخل بدلا من “كوبون” أو فائدة.
كما تؤدي إلى إيجاد علاقة استثمار مشترك يجري فيها تقاسم المخاطر وعدم تحويلها، كما هو الحال مع السندات التقليدية.
لكن السندات بشكلها الحالي، رغم أنها تأخذ الصبغة الإسلامية، تحدد سعر عائد تقريبي أو معدل لا يمكن للمشتري أن يحصل على أقل منها، أخرجها من دائرة الشريعة التي تمنع تحديد الفائدة بأي شكل وهو ما يميل إليه خبراء الاقتصاد الإسلامي.
وكشفت مصادر مطلعة لوكالة بلومبيرغ أن المسؤولين المصريين سيشرعون في مقابلة المستثمرين هذا الأسبوع قبل طرح محتمل لبيع السندات الإسلامية المعروفة.
وقال مصدران إن القاهرة “أجرت اتصالات مع المستثمرين العالميين وسلسلة من المكالمات مع مستثمرين من ذوي الدخل الثابت اعتبارا من الجمعة”. ومن المتوقع أن تنتهي الجولات الترويجية الاثنين المقبل وستقرر البلاد البيع حسب ظروف السوق.
السندات تعمل كأداة دين، وهي تمثل ملكية مشتركة واستثمارا مشتركا في الأصول المدرة للنقد بدلا من كونها التزامات ديون بفوائد
وتحاول مصر، إحدى أكثر دول المنطقة العربية مديونية، إصلاح الاقتصاد الذي تعرض لأزمة بسبب الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة وأضر بعائدات السياحة.
وتشير التقديرات إلى أن ديون البلاد تبلغ نحو 39 مليار دولار بالدولار واليورو، منها 1.75 مليار دولار مستحقة هذا العام و 3.3 مليار دولار العام المقبل.
والأسبوع الماضي خفضت وكالة موديز لخدمات المستثمرين التصنيف الائتماني للبلاد بدرجة أعمق إلى منطقة غير المرغوب فيها، مشيرة إلى ما وصفته بانخفاض القدرة على امتصاص الصدمات.
وتم تصنيف ديون الدولة عند درجة بي، أو خمسة مستويات أقل من درجة الاستثمار، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وتبذل السلطات جهودا حثيثة لمساعدة الملايين من الناس على مواجهة التضخم القاسي الذي أرخى بظلال قاتمة على حياة الكثيرين في ظل تدهور متسارع في قدراتهم الشرائية.
وتنفد من البلد، الذي يزيد عدد سكانه عن 103 مليون نسمة، العملات الأجنبية اللازمة لشراء السع الضرورية، مثل الحبوب وزيوت الطهي والوقود وغيرها، فيما تتكدس السلع في الموانئ لعدم توفر السيولة لتخليصها.
وارتفع التضخم إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات بأكثر من 26 في المئة ما دفع معظم المصريين إلى تقليص مشترياتهم أو التحول إلى سلع بديلة أرخص، وسط محاولات حكومية لترويض الأسعار.
العرب