التقارب السياسي يجبّ ما قبله: مصر تفتح الباب أمام الاستثمارات التركية

التقارب السياسي يجبّ ما قبله: مصر تفتح الباب أمام الاستثمارات التركية

دخلت العلاقات بين مصر وتركيا منعطفًا جديدًا بعد التقارب السياسي بين البلدين، وبدأت الاستثمارات التركية بالتدفق نحو مصر، حيث أعلنت كيانات تركية ضخ استثمارات جديدة في مصر بقيمة 500 مليون دولار في مجالات تطوير المناطق الصناعية والغزل والنسيج والملابس الجاهزة والرياضية والمستحضرات الطبية والأجهزة الكهربائية.

وبدأت العلاقات الاقتصادية تتطور علانية مع تعدد لقاءات المسؤولين، ومشاركة أعضاء الغرف التجارية في البلدين، وازدادت العلاقات وثوقا بعد قيام وفد تركي بزيارة إلى مصر ولقاء رئيس الحكومة مصطفى مدبولي وعدد كبير من المسؤولين فيها.

ويتزامن ذلك مع مرحلة تحول اقتصادي تمر بها مصر، حيث باتت تخطط لجذب أكبر عدد من المستثمرين الأجانب، ما يعود بالنفع على البلاد لجهة استقطاب الدولار الذي أدى شحّه إلى أزمة اقتصادية عميقة تحتاج القاهرة جهودا كبيرة للتغلب عليها.

أثناء افتتاح فعاليات بطولة كأس العالم في نوفمبر الماضي، كما أرسلت مصر خمس طائرات عسكرية محملة بمساعدات طبية عاجلة لكل من تركيا وسوريا.

ورغم التباين السياسي في فترات سابقة حرصت القاهرة وأنقرة على أن تظل العلاقة بين الشعبين مستمرة، ويظل التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية وثيقا.

وأبرمت مصر اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا في عام 2005، ودخلت حيز التنفيذ بعد ذلك بعامين، ولا تزال قائمة حتى اليوم ولم تتأثر بالخلافات السياسية، وتصل استثمارات تركيا في مصر الآن إلى نحو ملياري دولار.

وازداد مجموع التبادل التجاري ثلاثة أضعاف تقريبًا بين عام 2007 وعام 2020، وقفز من 4.42 مليار دولار إلى 11.14 مليار دولار، ما يؤكد أن الجانبين اتفقا ضمنيًا في ذروة خلافاتهما على إبقاء التبادل الاقتصادي بمنأى عن التجاذبات السياسية.

وفي خضم التوتر بين البلدين لم تتأثر كثيرا العلاقات الاقتصادية بينهما، سواء في حركة السفر أو التجارة أو السياحة أو الاستثمارات والتبادل التجاري.

وتؤكد اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين أن مصر من أكبر الشركاء التجاريين لتركيا في أفريقيا، ومع حلول الربع الأول من العام الماضي أصبحت تركيا أكبر مشترٍ للغاز المسال المصري.

وقال حمادة العجواني نائب رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين إن لقاء رئيس الوزراء المصري بوفد ممثلي الشركات التركية العاملة في مصر والرغبة في ضخ استثمارات جديدة هما خطوة لطيّ صفحة الماضي وبداية لانطلاق المزيد من الاستثمارات التركية في مصر.

وتزايد التبادل التجاري بين البلدين بوتيرة مرتفعة في سنوات الخلاف السياسي، كما حافظت الاستثمارات التركية في مصر على وضع جيد لها.

الممتدة بين عامي 2013 و2020، وبالمثل ارتفعت الصادرات التركية إلى مصر من 3.37 في المئة من مجموع الواردات المصرية بين عامي 2005 و2012 إلى 4.47 في المئة في الفترة الممتدة بين عامي 2013 و2020.

واحتلت تركيا المرتبة الثالثة في قائمة الدول المستوردة للصادرات المصرية والمرتبة الخامسة في قائمة الدول المصدرة إلى مصر عام 2020، وفي نفس السنة احتلت مصر المرتبة الرابعة عشرة في قائمة الدول المستوردة للسلع التركية.

وأضاف العجواني لـ”العرب” أن جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين على علاقة وطيدة بالعديد من الشركات التركية وتعمل على تشجيعها لدخول السوق المصرية وتدعم الرغبة في التوسع في الاستثمارات بالبلاد.

وتنتعش الصناعات النسيجية والملابس التركية في مصر، وتتخذها معبرًا للتصدير إلى بعض الأسواق القريبة، كما تصدر أنقرة إلى القاهرة سيارات لعلامات تجارية يابانية، أبرزها تويوتا وهوندا، وسيارات إيطالية مثل فيات، وأخرى فرنسية مثل رينو.

وأكد العجواني أهمية التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث يمكن للجانب التركي الاستفادة من موقع مصر كمركز للتجارة في القارة السمراء، ومن اتفاقيات التجارة التي وقعتها القاهرة مع عدد من دول أفريقيا (التجارة الحرة القارية)، فضلا عن إمكانية زيادة الصادرات من السوق المصرية إلى الدول العربية والشرق الأوسط.

كما أن عودة العلاقات السياسية بعد نزع فتيل الأزمة بين البلدين تعزز عودة مصر أرضا خصبة للنمو والفرص الاستثمارية الواعدة، وأن اقتصاد مصر المتنامي قد يكون محصلة للسلام والاستقرار في ظل إصلاحات اقتصادية وإجرائية وتشريعية.

وذكر إبراهيم بشاري عضو الغرفة التجارية بالإسماعيلية (شمال شرق القاهرة) أنه رغم فترة الخلافات بين مصر وتركيا فإن المستوردين ورجال الأعمال حافظوا على العلاقات والمصالح الاقتصادية، وهو دور أساسي لمنظمات الأعمال، مثل الغرف التجارية وجمعيات المستثمرين، لأنه يحظر على الغرف العمل بالسياسة، وكان يتم الفصل تمامًا بين العلاقات السياسية وبين المصالح الاقتصادية.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن مصر تُسابق الزمن لخلق مناخ وبيئة أعمال جديدة متميزة وجاذبة للاستثمار من خلال سن حزمة تشريعات جيدة مرتبطة بتسهيل قوانين الاستثمار والمناطق الاقتصادية الخاصة والعمل والضرائب والجمارك والسجل التجاري المدعومة بثورة إجرائية لتيسير مناخ الاستثمار.

ولفت بشاري إلى أن أهم الفرص المتاحة أمام المستثمرين الأتراك في مصر هي قطاعات: السياحة والعقارات والخدمات واللوجستيات علاوة على تميزهم في صناعة الملابس الجاهزة.

العرب