برشلونة – تعمل مجموعة من الشركات الصينية بقيادة هواوي على تحويل أكبر معرض تجاري للاتصالات في العالم إلى فرصة لإظهار قوتها في مواجهة إدراج هذه الشركة التكنولوجية العملاقة في القائمة السوداء من قبل الدول الغربية.
وبعد الاضطراب الذي خلفه وباء كورونا انضمت الشركات الصينية إلى المؤتمر العالمي للجوال (أم.دبليو.سي) الذي انطلق الاثنين بمدينة برشلونة الإسبانية، وهو حدث سنوي لصناعة التكنولوجيا يستعرض فيه القطاع أحدث معدات شبكات الاتصال والبرمجيات المتقدمة.
ومن بين ألفي عارض هناك 150 شركة صينية، وتتمتع هواوي بأكبر حضور. ويقول المنظمون إن الشركة المصنعة للهواتف الذكية ومعدات الشبكة وسعت نطاق تواجدها إلى الضعف بمقارنة سنوية.
ويعتقد خبراء أن هذا الحضور يبدو مذهلا بالنظر إلى أن هواوي كانت في قلب معركة جيوسياسية على التفوق التكنولوجي العالمي، والتي تركت أجزاء من أعمالها مشلولة بسبب العقوبات.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن بريان تشامبرلين، المستشار التنفيذي في هواوي لشركات الاتصالات اللاسلكية، قوله “كان للعقوبات تأثير كبير”، لكن الشركة “لن تحاول خرق أي من هذه القواعد”.
وأوضح خلال المعرض أنه “في الوقت نفسه لن يبطئنا ذلك في تقديم الحلول المبتكرة والابتكارية وسنواصل القيام بأعمال تجارية مع الشركات والبلدان التي تريد دعمنا”.
ونجحت الولايات المتحدة قبل ثلاث سنوات في دفع حلفائها الأوروبيين، مثل بريطانيا والسويد وأيضا اليابان وأستراليا ونيوزيلندا، إلى حظر أو تقييد معدات هواوي في شبكات هواتفهم.
وتم اتخاذ هذا الإجراء بسبب مخاوف من أن بكين قد تستخدمها في المراقبة الإلكترونية أو تخريب البنية التحتية للاتصالات الحيوية، وهي مزاعم نفتها هواوي مرارا.
وقال جون ستراند مستشار صناعة الاتصالات الدنماركي إن “حضور هواوي الهائل في المعرض هو علامة على التحدي”. وأضاف أن “هواوي تريد بعث رسالة مفادها أنه رغم العقوبات الأميركية نحن أحياء ونعمل بشكل جيد”.
وقد تصاعدت التوترات التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين فقط، وأثار بالون تجسس صيني مشتبه به أسقطته طائرة مقاتلة أميركية خلافا بين بكين وواشنطن في الأسابيع الأخيرة.
وحظرت السلطات الأميركية تيك توك من الأجهزة التي تم إصدارها لموظفي الحكومة بسبب مخاوف من أن تطبيق مشاركة الفيديو الشهير المملوك للصين يمثل خطرًا على خصوصية البيانات أو يمكن استخدامه لدفع الروايات المؤيدة للصين.
وتسعى واشنطن أيضا لتقييد وصول الصين إلى المعدات اللازمة لصنع أشباه الموصلات المتقدمة، وتشجيع الحليفين الرئيسيين اليابان وهولندا على ذلك.
الولايات المتحدة نجحت قبل ثلاث سنوات في دفع حلفائها الأوروبيين إلى حظر أو تقييد معدات هواوي في شبكات هواتفهم
وجاء ذلك بعد أن أصبح معرض أم.دبليو.سي قبل أربع سنوات ساحة معركة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم حول هواوي وأمن شبكات الجيل التالي اللاسلكية.
وكدليل على أن صخب هواوي لم يخفت، استفز أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة الصينية الولايات المتحدة بسبب سعيها لجعل الحلفاء يتجنبون معدات الشركة.
وقد وسّعت واشنطن العقوبات خلال الشهر الماضي بفرض قيود جديدة على الصادرات إلى هواوي من المكونات التكنولوجية الأقل تقدما.
ومع ذلك، حافظت الشركة على مكانتها كأول صانع في العالم لمعدات الشبكات ولاسيما الجيلين الخامس والسادس للاتصالات (5 جي و6 جي) بفضل المبيعات في الصين والأسواق الأخرى؛ إذ لم تنجح واشنطن في إقناع حكومات البلدان، بما فيها دول الخليج، بمقاطعتها.
وقال ستراند، الذي يحضر الحدث منذ ربع قرن، إن “هواوي تريد أن تُظهر للعالم أنها تتجه بعيدا عن صنع معدات الشبكات بشكل أساسي مثل المحطات الأساسية والهوائيات التي تربط الأجهزة المحمولة في العالم وأن تصبح موردا تقنيا شاملا”.
وتعيد الشركة ابتكار نفسها من خلال توفير الأجهزة والبرامج لموانئ الشحن والسيارات ذاتية القيادة والمصانع وغيرها من الصناعات التي تأمل أن تكون أقل عرضة لواشنطن.
وقال توماس هوسون، المحلل الرئيسي في شركة فوريستر للأبحاث، إنه “نظرًا إلى أن أم.دبليو.سي هو حدث عالمي، فإنهم (مسؤولي هواوي) يريدون التواصل بشأن هذا الأمر وإظهار أنهم مازالوا لاعبا رئيسيا في صناعة الاتصالات والتكنولوجيا الفائقة”.
واعتبر تشامبرلين أن تواجد الشركة كبير جدا ببساطة بسبب “الطلب المكبوت”. وقال “لقد تم حبسنا في الصين على مدى السنوات الثلاث الماضية بسبب قيود كوفيد لذا فهذه المرة الأولى التي نتمكن فيها من التعامل مع زبائننا”.
ورغم أن الشركة تصنع الهواتف الذكية، فإن المبيعات خارج السوق الصينية توقفت بعد أن تم منع غوغل من تقديم الخرائط وأيضا يوتيوب وغير ذلك من الخدمات التي تأتي عادة محملة مسبقا على أجهزة أندرويد.
وقال هاسون “لقد انهارت العلامة التجارية الاستهلاكية لهواوي في أوروبا”. ولكنه أشار إلى أن معرض برشلونة يشكل لها فرصة للإعلان عن أحدث هواتفها وأجهزة جديدة للمستهلكين رغم أن العلامة التجارية فقدت زخمها”.
وأضاف “هذه الإعلانات مخصصة في المقام الأول للأسواق سريعة النمو خارج الولايات المتحدة وأوروبا الغربية”.
وهواوي هي مجرد جزء من الوفد الصيني الأكبر، الذي تلقى إقباله دفعة من الصين لرفع جميع قيود السفر الخاصة بكوفيد، إذ تخطط زد.تي.إي، وهي شركة تقنية صينية أخرى تم فرض عقوبات عليها من قبل الولايات المتحدة، لإطلاق منتجاتها في المعرض.
وقال بن وود، كبير المحللين في سي.سي.أس انسايت، إن “شركات تصنيع الهواتف المحمولة الصينية هونور وأوبو وتشاومي ستحظى بحضور قوي”.
وكانت هونور هي العلامة التجارية لشركة هواوي، ولكن تم بيعها في العام 2020 على أمل إنعاش المبيعات من خلال فصلها عن العقوبات المفروضة على الشركة الأم.
وأوضح وود أن إزالة قيود الإغلاق في الصين قد أتاحت لهؤلاء المصنّعين حضور المعرض بشكل مكثف وهم حريصون على ترسيخ أنفسهم على أنهم “البديل الثالث لشركة أبل وسامسونغ في الأسواق الأوروبية ويرون أم.دبليو.سي كحدث محوري للقيام بذلك”.
العرب