بكين- قدّمت الصين على مدى السنوات العشرين الماضية 240 مليار دولار كقروض إنقاذ إلى 22 دولة نامية تواجه خطر التخلّف عن سداد ديونها، وهو رقم ارتفع في السنوات الأخيرة، بحسب تقرير نشر الثلاثاء.
يأتي هذا في الوقت الذي بدأت فيه بعض الدول تلجأ إلى التمويل الصيني، رغم مخاطره، لمواجهة تشدد صندوق النقد الدولي في شروطه لفرض إصلاحات اقتصادية تضع الدول المستفيدة من القروض في حرج أمام شعوبها.
وذهبت المليارات الصينية تقريبا إلى دول تشكل قسما من طرق الحرير الجديدة لاسيما سريلانكا وباكستان وتركيا.
وهذا المشروع الطموح الذي أطلقته بكين بدفع من الرئيس شي جينبينغ يهدف إلى تحسين العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا وحتى أبعد من ذلك عبر بناء موانئ وسكك حديد ومطارات ومجمّعات صناعية.
وهذه البنى التحتية يفترض أن تتيح للعملاق الآسيوي الوصول إلى المزيد من الأسواق وفتح منافذ جديدة لشركاته.
وهذا المشروع الذي انضمّت إليه أكثر من 150 دولة بحسب بكين، يواجه انتقادات على الصعيد الدولي بسبب المديونية الخطيرة التي يشكّلها على الدول الفقيرة.
وبدا أن الصين التي متنت علاقاتها اقتصاديا في آسيا وأفريقيا تريد أن تستثمر ذلك في لعب دور سياسي من خلال طرح وساطتها بين السعودية وإيران ونجاحها في تأمين اتفاق بينهما. ويتوقع كذلك أن تسعى الصين لتمديد وساطتها بين الرياض وطهران كي تشمل التأثير على الوضع في اليمن لتأمين طريق الحرير البحري.
ورغبة الصين في تأمين طريق الحرير البحري ستدفعها إلى الانغماس أكثر في مشاكل المنطقة، وما سيساعدها على تفكيك أزمات الشرق الأوسط أنها أصبحت الشريك التجاري الأول لمعظم دول المنطقة.
وتعمل بكين على إنجاح وساطتها في حرب أوكرانيا في وقت قوبلت فيه بانتقادات غربية شديدة لكونها لا تقدر على أن تكون وسيطا فيما هي منحازة لروسيا، وهو ما يظهر عدم الاستعداد الغربي للقبول بالدور السياسي الصيني الطارئ.
ورفضت الحكومة الصينية الثلاثاء الانتقادات الموجّهة لهذا المشروع، متّهمة “بعض الأشخاص” بـ”إثارة ضجّة حول ما يسمّى ‘فخّ الدين’ وقروض غامضة صينية وتشويه صورة الصين، وهو أمر نرفضه تماما”.
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ في تصريح صحفي أنّ “الصين لم ترغم أبدا أحدا على اقتراض المال، ولم ترغم أيّ دولة على الدفع، ولا تطرح أيّ شرط سياسي على اتفاقيات القروض ولا تسعى إلى أيّ مصلحة سياسية” ضمن هذا النظام.
وبحسب التقرير الواقع في 40 صفحة والذي أصدره مركز الأبحاث الأميركي “AidData” والبنك الدولي ومعهد هارفرد كينيدي ومعهد كييل للاقتصاد العالمي فإنّ القروض التي منحتها الصين ارتفعت بين 2016 و2021، وهي الفترة التي تركّز فيها 80 في المئة من المبلغ الإجمالي الذي مُنح على مدى عشرين سنة.
وقال التقرير إنّ “الصين طوّرت نظام ‘إنقاذ طرق الحرير الجديدة’ الذي يساعد الدول المستفيدة على تجنّب التخلف عن السداد ومواصلة تسديد قروضها على الأقل على المدى القصير”.
◙ المشروع الذي انضمت إليه أكثر من 150 دولة يواجه انتقادات بسبب المديونية الخطرة التي يشكلها على الدول الفقيرة
وتكثفت هذه الحالات في السنوات الماضية في إطار من ارتفاع التضخم ونسب الفوائد وكذلك الأثر الاقتصادي لجائحة كوفيد – 19.
ومقارنة مع صندوق النقد الدولي ودعم السيولة، الذي يقدّمه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يبقى حجم قروض الإنقاذ التي تقدّمها الصين متواضعاً لكنّه يزداد بسرعة، كما أوضحت الوثيقة.
وهذه القروض هي أيضا أكثر غموضا ونسبة الفائدة عليها تصل إلى 5 في المئة في المتوسط، مقابل 2 في المئة لفوائد صندوق النقد الدولي.
وقال التقرير إن “بكين استهدفت عددا محدودا من المستفيدين المحتملين، وكلّ قروض الإنقاذ الصينية تقريبا كانت لدول من طرق الحرير الجديدة ذات الدخل الضعيف أو المتوسط لكن مع ديون كبرى لدى المصارف الصينية”.
ووافقت الصين هذا الشهر على إعادة جدولة قروضها لسريلانكا ممهدة الطريق أمام الإفراج عن خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.9 مليار دولار إلى الجزيرة الواقعة في جنوب آسيا.
العرب