تقارب المحاور… إسرائيل تودع عصر الصراعات المحدودة

تقارب المحاور… إسرائيل تودع عصر الصراعات المحدودة

خلال عطلة عيد الفصح، شهدت إسرائيل تصعيداً متعدد الجبهات مختلفاً عما شهدته منذ فترة طويلة، حيث أطلقت عشرات الصواريخ من لبنان وغزة ووقعت حوادث في الضفة الغربية.

تعدد الجبهات يشير إلى أن هناك نمطاً جديداً من المواجهة مع إسرائيل، وقد تزامن هذا النمط مع اشتعال جبهات المحور السني – الشيعي المحيط بها، فما دلالة تلك التطورات لا سيما في السياق الإقليمي الحالي؟

تفجرت التوترات من حول إسرائيل تزامناً مع الأزمة الداخلية فيها، وفي ظل مناخ إقليمى بدا أنه يتجه نحو تهدئة التوترات بين المتنافسين الإقليميين بعيداً من إسرائيل، وخصوصاً بعد الاتفاق بين السعودية وإيران.

دلالة اشتعال التوترات

اعتبرت التقديرات الإسرائيلية أن تفجر بؤر التوتر في جبهات فلسطينية ولبنانية عدة في الوقت ذاته هو محاولة من “حزب الله” لتغيير قواعد اللعبة مع إسرائيل، وفى حين شنت الأخيرة غارات جوية في قطاع غزة ولبنان، قائلة إنها تستهدف حركة “حماس”، انطلقت رداً على ذلك عشرات الصواريخ على إسرائيل من كلتا المنطقتين، من ثم بات ما يهدد أمن إسرائيل الآن هو تقارب المحاور، أي محور المقاومة الفلسطينية بقيادة “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، مع محور إيران – “حزب الله”. تتقارب المحاور المعادية لإسرائيل تزامناً مع تحطم حلم نتنياهو في تحالف إقليمي بقيادة تل أبيب مع الدول العربية ضد إيران

وعبر نتنياهو عن تلك التخوفات الجديدة خلال مؤتمر صحافي قائلاً “يبدو أن الحلم الذي طالما راود أعداء إسرائيل بتشكيل جبهة موحدة ضد الدولة الواقعة في الشرق الأوسط يتحقق مع قيام مسلحين في قطاع غزة ولبنان وسوريا بإطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، والهجمات المميتة ضد المدنيين والجنود الإسرائيليين”.

وتدور التقييمات الاستخباراتية في إسرائيل حول احتمالية متزايدة لوقوع حرب شاملة على الجبهة الشمالية لأول مرة منذ فترة طويلة، حيث تعتقد إدارة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي أن إيران و”حزب الله” غير مهتمين بمواجهة مباشرة مع إسرائيل، لكن ثقتهما بأنفسهما تعززت، وزاد عزمهما على مهاجمتها عبر قصف جوي من خارج حدودها. والمغزى هنا هو تآكل التقييمات الاستخباراتية العسكرية التي كانت تقلل من فرص اندلاع حرب شاملة، لكن التقييم الأخير يشير إلى التآكل المتسارع لهذا الردع.

نحو حرب شاملة

يؤكد تلك الرؤية تصريح وزير الدفاع يوآف غالانت في محادثة مع الصحافيين، حين قال “يجب أن يستعد الجيش الإسرائيلي لحرب متعددة الجبهات مع وجود تهديد أمني حقيقي على جميع الجبهات في الوقت نفسه”، مضيفاً “نحن في نهاية عصر الصراعات المحدودة، واليوم هناك ظاهرة بارزة لتقارب الحلبة”.

ما يغذي تراجع الردع الإسرائيلي التحولات الداخلية التي تشهدها إسرائيل بسبب الضعف العام لحكومة نتنياهو والاحتجاجات المناهضة للحكومة، فضلاً عن الصدع المتزايد بين إسرائيل والولايات المتحدة، والبرود الدبلوماسي الذي تعانيه إسرائيل على المستوى الدولي.

وفي حين شنت إسرائيل سلسلة من الهجمات ضد شخصيات عسكرية وعلمية إيرانية على أراضي إيران خلال حكومة نفتالي بينيت، ينشغل نتنياهو بأزماته الداخلية والتوترات المتفجرة على الحدود الشمالية، ومن ثم كانت إسرائيل مستعدة للردع تجاه إيران الذي يعزز الردع تجاه “حزب الله”، وبينما كانت الصدامات مستمرة في الضفة الغربية وداخل إسرائيل، فإنها لم تفجر العنف على جبهات أخرى، على عكس ما يحدث الآن، وهذا التحدي الأمني يطرح تساؤلات حول مدى استعداد إسرائيل، ومدى قدرتها على عزل الساحات عن بعضها بعضاً.

تشعر إسرائيل بالعزلة في مواجهة محور المقاومة السني – الشيعي، لا سيما مع تراجع بعض الدول العربية عن التعامل مع حكومة نتنياهو لسياساتها المستفزة، أخيراً، التي أدت إلى تراجع مكانتها الدولية، كما يكمن التهديد في تقارب المحاور والساحات المواجهة لإسرائيل مع إمكانية شن حرب شاملة بينها والجبهات المتعددة للرد على ترسانة من مئات الآلاف من الصواريخ التي يمتلكها “حزب الله” وإيران و”حماس” و”الجهاد الإسلامي” والميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق.

اندبندت عربي