العراق: السوداني ينتظر إقرار الموازنة لإجراء التعديل الوزاري ومخاوف من أزمة مرتقبة داخل الائتلاف الحاكم

العراق: السوداني ينتظر إقرار الموازنة لإجراء التعديل الوزاري ومخاوف من أزمة مرتقبة داخل الائتلاف الحاكم

أقدم رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على «إعفاء وتدوير» أكثر من 50 مسؤولاً حكومياً بدرجة مدير عام، خلال الأسبوع الماضي، تمهيداً لإجراء «تعديل وزاري» مرتقب، في خطوة قد تمهد لأزمة سياسية جديدة داخل ائتلاف «إدارة الدولة» الحاكم، الذي شكّل الحكومة وفقاً لنظام «المحاصصة» المتّبع في هذا البلد المُثقل بالأزمات منذ عام 2003.

المتحدث باسم الحكومة، باسم العوادي، فصّل في تصريح رسمي، عمل لجنة تقييم أداء المديرين العامين في الوزارات والهيئات والجهات غير المرتبطة بوزارة، ومنهجية التقييم التي تم اعتمادها، وعدد المديرين العامين (أصالة، ووكالة) الذين شملوا بقرارات الإعفاء والتدوير.
وطبقاً للعوادي فإنه «استناداً إلى المادة 78 من الدستور، وبناءً على ما ورد في المنهاج الوزاري، صدر أمر ديواني بتوجيه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، برقم (23059 لسنة 2023) لتشكيل لجنة تقييم أداء المديرين العامين في الوزارات والهيئات والجهات غير المرتبطة بوزارة».
اللجنة الحكومية باشرت أعمالها في بداية شهر آذار/مارس الجاري، وأعدت (4) استمارات تساعد في تقييم الأداء؛ الأولى خاصة بتقييم وتوصية الوزير، واستمارتين لديوان الرقابة المالية الاتحادي وهيئة النزاهة، أما الاستمارة الرابعة فهي للمديرين العامين أنفسهم، حسب العوادي الذي أفاد أيضاً بأن تلك الاستمارات تضمّنت «78 سؤالاً تم تصميمها على ضوء قرار مجلس الوزراء رقم 114 لسنة 2018 (لائحة السلوك الوظيفي من هيئة النزاهة) وكذلك (منهجية التقييم المعتمدة لدى ديوان الرقابة المالية) على أن يرفقوا مع كل إجابة الأدلة الداعمة».
ولفت إلى أنه «تم تشكيل الفريق الساند لعمل اللجنة (مكون من 12 أستاذاً أكاديمياً) وفق الأمر الديواني (23112 لسنة 2023) والفريق الفني (المكون من 12 موظفاً) وفق الأمر الديواني 23125 لسنة 2023 وكان من الأمانة العامة لمجلس الوزراء/دائرة التدقيق والرقابة، وأيضا فريق للتدقيق».
وأوضح أن «اللجنة لم تتوفر لها قاعدة معلومات، لذلك أعدت قاعدة بيانات شاملة محدثة ولكل مدير عام، وأرسلت استمارات التقييم إلى الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة لملئها بتأريخ 2023/3/13 ومستمرة باستلام الإجابات».
وأشار إلى أن «عدد الوثائق المستلمة لغاية نهاية الأسبوع الماضي بلغ 150 ألفا تطلبت فرزاً وإعادة تصنيف وتوزيع، ثم الشروع بالتقييم والتدقيق والمنجز النهائي» مبيناً أن «العمل استمر لمدة شهرين وكثير من أيام العطل وحتى ساعات الليل».
ونوه إلى أن «مجموع المديرين العامين في الوزارات الـ23 يبلغ 439 مديراً عاماً، والإجراءات أعلاه أنتجت تقييم 322 ملفاً لمدير عام في 19 وزارة بالإضافة إلى أمانة بغداد».
وبشأن منهجية التقييم، أوضح العوادي، أنه «تم اعتماد ثلاثة محاور وجمع درجاتها، وكانت الأسئلة تدور حول المؤهلات الشخصية العلمية والعملية، ومهارات القيادة ونتائج الأداء، والبرنامج الحكومي غير المعتمد على الموازنة».
وأضاف أن» هذه الأسئلة وزعت على ثلاث استمارات وهي: استمارة الوزير المختص وتضمنت 25 سؤالاً، استمارة ديوان الرقابة المالية وتضمنت 14 سؤالاً، واستمارة المدير العام وتضمنت 39 سؤالاً، إضافة إلى عرض موقف هيئة النزاهة حول كل مدير عام التحقيقات، الوقاية، القانونية وكذلك وزارة التخطيط للمديرية التي لها علاقة عمل فني».
وأكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، أنه «بعد إطلاع رئيس الوزراء على محضر وعمل اللجنة، وجه بتقديم قائمة بأسماء المديرين العامين الذين توافق رأي الوزير المختص مع رأي اللجنة في ضعف أدائهم كمرحلة أولى وهم 57 مديراً عاماً، 30 منهم أصالة و27 وكالة، بعضهم أوصي بإعفائهم وبعضهم بالتدوير».
وكشف العوادي، عن «عدد المديرين العامين (أصالة، ووكالة) المشمولين بالإعفاء والتدوير في عدد من الوزارات» مردفاً بالقول: «تضمنت قائمة الإعفاء والتدوير57 مديراً عاماً» في وزارات التربية، والصحة، والكهرباء، والبيئة، والموارد المائية، والاتصالات، والزراعة، والعمل والشؤون الاجتماعية، والهجرة، والمالية، والصناعة، فضلاً عن أمانة بغداد.
ويبدو أن هذه التغييرات تعدّ خطوة حكومية لجسّ نبض الأحزاب السياسية المشاركة في تقاسم المناصب الحكومية، على أن تلحقها خطوة أوسع تشمل الوزراء والمحافظين، على أن تجري على «ثلاثة مستويات» حسب القيادي في تحالف «الفتح» علي الفتلاوي، الذي أكد لوسائل إعلام محلية إن كل تغيير سيأتي بعد «التثبت من وجود إخفاق في أداء المهام، سواء على مستوى الوزارات أو مؤسساتها في المحافظات».
وأوضح أن «الحكومة هي المعنية بإعلان الأسماء ولا يحق لأي جهة أخرى إعلان أي قائمة للتغييرات» مشيراً إلى أن «التغييرات ستشمل الدرجات الخاصة والكابينة الوزارية والمحافظين، وستعلن بشكل رسمي نهاية أيار/مايو الجاري، أي عند انتهاء مهلة الـ6 أشهر التي وعد بها رئيس مجلس الوزراء».
غير أن رئيس الوزراء العراقي، تحدث عن عدم إمكانية إجراء تقييم للوزراء من دون إقرار الموازنة المالية التي تخضع حالياً لمناقشات برلمانية مكثّفة.
وذكر السوداني خلال أعمال «منتدى العراق للاستقرار والازدهار» المنعقد في بغداد، أن «استقرار عمل الحكومة سبقته حوارات بين القوى السياسية أنتجت ورقة الاتفاق السياسي» موضحا، أن «اجتماعات ائتلاف إدارة الدولة مستمرة كل أسبوعين ويجري فيها النقاش والحوار بنحو بناء».
وأشار إلى أن «الحكومة أثبتت خلال 6 أشهر من عملها بُطلان الأحكام المسبقة عليها وهي كانت أكبر تحدٍ أمامها ابتداءً» لافتا إلى أن «كسب ثقة الشعب يتحقق بمصداقية عمل الحكومة وتنفيذ ما وعدت به».
وأضاف قائلاً: «نفذنا 31 في المئة من البرنامج المتفق عليه بين القوى السياسية من أصل 80 فقرة بالتزامات الحكومة في المنهاج الوزاري» مؤكدا أنه «لا يمكن تحقيق أي نجاح في العمل الحكومي دون العمل بروح الفريق مع المتابعة الدقيقة».
ولفت إلى أن «الفريق الحكومي حريص ومخلص ويعمل ليلاً ونهاراً والعمل يتم بانسيابية مع الوزراء والمحافظين» موضحا أن «الحكومات السابقة فرضت المديرين العامين على الوزراء».
وطبقاً للسوداني فإن «التقييم الحكومي بدأ من المديرين العامين ولمدة 3 أشهر وسيكون 6 أشهر للوكلاء والمستشارين والمحافظين» مبينا أن «بعض ما يتم تداوله بخصوص تقييم الوزراء غير دقيق ولا يمكن تقييم الوزير قبل إقرار الموازنة».
ورأى أن «تقييم الوزراء سيتم في فترة لاحقة ولن يلغى» مستدركا بالقول إن «الفساد يهدد جميع خطط وبرامج الحكومة إذا لم يوضع له حد».
وبيّن أيضاً أن «الحكومة لن تتردد في محاسبة الفاسدين، ولا توجد لدينا خطوط حمراء» منوهاً بقوله: «بدأنا بمراجعة المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد ووجدنا خللاً في عملها».
في الموازاة، يرى رئيس «مركز التفكير السياسي» احسان الشمري، ان التعديل الوزاري لا يرتبط بـ«مزاج قوى وزعامات سياسية» محذّراً من نشوء أزمة سياسية مرتقبة.
ونقل إعلام نقابة الصحافيين العراقيين عن الشمري قوله: «التعديل الوزاري المرتقب قد يخلق أزمة داخل ائتلاف إدارة الدولة، وقد يؤدي لتعويق العمل بشكل كامل للبرنامج الحكومي أو الاتفاقات السياسية».
وأضاف: «عدم وضوح الرؤية بهذا الخصوص ما بين من يقول بوجود تعديل وآخر ينفي، سيولد أزمة جديدة في ظل هذا الخطاب السياسي المرتبك» موضحاً أن عدم الوضوح هذا «سيخلق أزمة، لذا لابد من كشفه بصورة واضحة، لأنه لا يرتبط بمزاج قوى وزعامات سياسية بقدر ارتباطه بحياة المواطن» حسب قوله.

القدس العربي