تشكل الدعوة إلى المزيد من التضامن والإنصاف في إدارة المخاطر العالمية متطلبًا أساسيًا في الوقت الحالي. الآن، تعمل المنافسة بين القوى العظمى على مفاقمة التحديات العالمية على حساب أشد البلدان فقرًا. وليست أزمة الغذاء الناشئة عن الحرب في أوكرانيا وعدم كفاية الاستجابة العالمية لها، سوى مثال واحد فحسب. ويجعل هذا الاتجاه الجهود التي يبذلها “مركز التنمية العالمية” لتطبيق منظور “المنافع العامة العالمية” على التنمية الدولية تكتسي بأهمية خاصة. وتشمل هذه السلع تطوير برامج للحد من مخاطر الأوبئة، والتخفيف من تغير المناخ، ومعالجة مقاومة مضادات الميكروبات، ومكافحة الإرهاب غير الحكومي والجريمة السيبرانية.
- * *
في خطاب ألقاه في الذكرى الأولى لبدء الحرب مع روسيا، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: “لقد وحدت أوكرانيا العالم”. لو كان ذلك صحيحًا فقط! من المؤكد أن الحرب قد وحدت الغرب، لكنها جعلت العالم منقسمًا. وسوف يتسع هذا الصدع العالمي فحسب -إذا فشلت الدول الغربية في معالجة أسبابه الجذرية.
اشتغل التحالف التقليدي عبر الأطلسي لدول أوروبا وأميركا الشمالية على الحشد بطريقة غير مسبوقة لصراع طويل الأمد في أوكرانيا. وقدم هذا التحالف دعمًا إنسانيًا واسع النطاق للناس داخل أوكرانيا وللاجئين الأوكرانيين على حد سواء. وهو يستعد للاضطلاع بما ستكون مهمة إعادة بناء ضخمة لذلك البلد بعد الحرب. لكنَّ الدفاع عن أوكرانيا، خارج أوروبا وأميركا الشمالية، ليس حاضرًا في مقدمة الذهن. ثمة قلة من الحكومات التي تؤيد الغزو الروسي القاسي، ومع ذلك، تبقى العديد منها غير مقتنعة بأن إصرار الغرب على النضال من أجل الحرية والديمقراطية في أوكرانيا هو نضالها هي أيضًا. والأمر كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر ميونيخ للأمن في شباط (فبراير): “لقد أدهشتني الكيفية التي فقدنا بها ثقة الجنوب العالمي”. وهو محق. فالقناعة الغربية بالحرب وأهميتها تقابلها في أماكن أخرى شكوك في أحسن الأحوال وازدراء صريح في أسوئها.
وتذهب الفجوة بين الغرب والبقية إلى ما هو أبعد من صوابية الحرب أو خطئها. إنها بالأحرى نتاج إحباط عميق -بل وغضب، في الحقيقة- من سوء إدارة العولمة بقيادة الغرب منذ نهاية الحرب الباردة. ومن هذا المنظور، سلط الرد الغربي المنسق على الغزو الروسي لأوكرانيا الضوء بشكل حاد على المناسبات التي انتهك فيها الغرب نفسه قواعده الخاصة، أو عندما كان غائبًا بشكل واضح عن العمل على معالجة المشاكل العالمية. ويمكن أن تبدو مثل هذه الحجج بعيدة عن الموضوع في ضوء الوحشية اليومية التي تمارسها القوات الروسية في أوكرانيا. لكنَّ على زعماء الغرب أن يعالجوها، لا أن يرفضوها ويتجاهلوها. سوف تشكل الفجوة في المنظورات خطرًا على عالم يواجه مخاطر كونية هائلة. كما أنه يهدد تجديد نظام قائم على القواعد يعكس توازنًا جديدًا متعدد الأقطاب للقوة في العالم.
الغرب منفصلاً عن البقية
أنتج الغزو الروسي لأوكرانيا وحدة وعملاً جديرين بالملاحظة في العالم الديمقراطي الليبرالي. فقد نسقت الدول الغربية قائمة واسعة من العقوبات الاقتصادية التي تستهدف روسيا. وقامت الدول الأوروبية بشكل متزايد بمواءمة سياساتها المناخية الخاصة بإزالة الكربون مع الالتزامات المتعلقة بالأمن القومي بغية إنهاء اعتمادها على النفط والغاز الروسيين. واحتشدت الحكومات الغربية لدعم أوكرانيا بشحنات هائلة من المساعدات العسكرية. وتستهدف فنلندا والسويد الانضمام قريبا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتبنت أوروبا سياسة ترحيبية تجاه ثمانية ملايين لاجئ أوكراني داخل حدودها. وعززت كلَّ هذه الجهود إدارةٌ أميركية كانت واثقة في شراكتها مع الحلفاء الأوروبيين وغيرهم. ويبدو أن المشاحنات حول أفغانستان وشراكة “أوكوس” (وهي صفقة أبرمتها في العام 2021 كل من أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وأغضبت فرنسا) أصبحت شيئًا من الماضي البعيد.
فوجئ الكثيرون في الغرب بهذا التحول في الأحداث. ومن الواضح أن هذا كان حال الكرملين أيضًا، الذي تصور أن غزوه لن يستدرج ردًا غربيًا قويًا وحازمًا على هذا النحو. لكن وحدة الغرب والتزامه تجاه هذه القضية لا يضاهيهما شيء في أي مكان آخر. في بداية الحرب، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 141 صوتًا مقابل 5، مع غياب أو امتناع 47 دولة عن التصويت، لصالح إدانة الغزو الروسي. لكن هذه النتيجة كانت مجاملة قصدها الخداع. وكما لاحظ فريق المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، فإن “معظم الدول غير الأوروبية التي صوتت لشجب العدوان الروسي في آذار (مارس) الماضي لم تتابع تنفيذ العقوبات. يمكن أن يكون عمل الشيء الصحيح في الأمم المتحدة ذريعة لعدم فعل الكثير بشأن الحرب في العالم الحقيقي”.
في سلسلة من عمليات التصويت التي أُجريت في الأمم المتحدة منذ بدء الحرب، امتنعت حوالي 40 دولة تمثل ما يقرب من 50 في المائة من سكان العالم بانتظام عن التصويت، أو أنها صوتت ضد الاقتراحات التي تدين الغزو الروسي. وقد امتنعت 85 دولة عن التصويت في نيسان (أبريل) 2022 على طرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ووفقًا لوحدة الاستخبارات التابعة لمجلة “الإيكونوميست”، يعيش ثلثا سكان العالم في بلدان محايدة رسميًا أو مؤيدة لروسيا. وهذه البلدان لا تشكل نوعًا من محور استبداد، وإنما تشمل العديد من الديمقراطيات البارزة، مثل البرازيل والهند وإندونيسيا وجنوب إفريقيا.
وليس معظم هذا التردد في القرار والجلوس على السياج مدفوعًا بخلافات حول الصراع في أوكرانيا، وإنما هو عرَض من أعراض متلازمة أوسع نطاقًا تتمثل في الشعور بالغضب من المعايير الغربية المزدوجة، والإحباط من جهود الإصلاح المتوقفة في النظام الدولي. وقد عبر الدبلوماسي الهندي البارز، شيفشانكار مينون، عن هذه الفكرة بحدة في مجلة “فورين أفيرز” في وقت سابق من هذا العام عندما كتب: “ترى العديد من الدول النامية، التي تشعر بالتغريب والاستياء، أن الحرب في أوكرانيا وتنافُس الغرب مع الصين يصرفان الانتباه عن القضايا الملحة، مثل الديون وتغير المناخ وآثار الوباء”.
التردد في اتخاذ موقف
لعبت السياسة الواقعية دورها في تحديد مواقف بعض الدول من الصراع الأوكراني. كانت الهند تعتمد تقليديًا على روسيا في الحصول على الإمدادات العسكرية. وعملت قوات “فاغنر” شبه العسكرية -منظمة المرتزقة الروسية النشطة الآن في أوكرانيا- مع حكومات في غرب ووسط إفريقيا لدعم أمنها وبقائها. وتشكل الصين، التي تعد من مصادر الدعم الرئيسية لروسيا، أكبر شريك تجاري لأكثر من 120 دولة في جميع أنحاء العالم، وقد أثبتت أنها لا ترحم في الرد على الإهانات الدبلوماسية.
لكنّ هناك أيضًا عوامل أخرى تؤثر في تحديد المواقف. ثمة بعض الدول التي تعارض الرواية الغربية حول أسباب الحرب. على سبيل المثال، على الرغم من أن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وصف الغزو بأنه “خطأ”، إلا أنه أعطى مصداقية للحجة القائلة إن روسيا تعرضت للظلم. وادعى لولا الصيف الماضي في بيان سلط الضوء على التناقض العالمي حول الصراع: “إن زيلينسكي مسؤول مثله مثل بوتين عن هذه الحرب”.
ويرى العديد من المراقبين خارج الغرب أيضًا أن الإفلات من العقاب هو، بشكل عام، شيء تختص به جميع البلدان القوية، وليس روسيا فقط. وتقف الولايات المتحدة في موقف ضعيف بشكل خاص للدفاع عن المعايير العالمية بعد رئاسة دونالد ترامب التي أشرفت على ازدراء القواعد والممارسات العالمية في مجالات متنوعة، مثل المناخ وحقوق الإنسان ومنع الانتشار النووي. ويشير النقاد إلى الحروب التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق للادعاء بأن النفاق، وليس المبدأ، هو الذي يقود سياسات الغرب. ويتم تقديم دعم الولايات المتحدة للحرب في اليمن، التي ولدت أزمة إنسانية في ذلك البلد، كدليل على ازدواجية الخطاب عندما يتعلق الأمر بالقلق على المدنيين. ويقال أيضًا إن الغرب أظهر تعاطفًا مع ضحايا الحرب في أوكرانيا أكثر من تعاطفه مع ضحايا الحروب في أماكن أخرى. وعلى سبيل المثال، تم تمويل نداء الأمم المتحدة لتقديم مساعدات إنسانية لأوكرانيا بنسبة 80 إلى 90 بالمائة. وفي الوقت نفسه، لم يتم تمويل نصف نداءات الأمم المتحدة للعام 2022 لطلب مساعدات للناس العالقين في الأزمات، في إثيوبيا وسورية واليمن.
إذا ما أُخذت في حد ذاتها، قد تبدو بعض هذه الأسباب للوقوف على الهامش تافهة بالنسبة للأوكرانيين الذين يقاتلون على الخطوط الأمامية. لكنَّ الحذر من دعم أوكرانيا لا ينبغي أن يحجب مشكلة أكبر. لقد فشل الغرب منذ الأزمة المالية في العام 2008 في إظهار استعداده أو قدرته على الدفع قُدمًا بصفقة اقتصادية عالمية أكثر مساواة واستدامة أو تطوير المؤسسات السياسية المناسبة لإدارة عالم متعدد الأقطاب. والآن، يعود هذا الفشل ليفرخ في الوطن. وحتى قبل جائحة “كوفيد-19″، على سبيل المثال، كان العالم بعيدًا عن المسار الصحيح نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أعلنتها الأمم المتحدة، وحددتها الدول الأعضاء وسط ضجة كبيرة في العام 2015. في العام 2018، فشلت أربع من أصل خمس دول هشة مثقلة بالصراعات في تطبيق تدابير أهداف التنمية المستدامة. وتظهر أرقام البنك الدولي للعام 2020، أن الأشخاص الذين ولدوا في تلك الأماكن كانوا أكثر عرضة لأن ينتهي بهم المطاف إلى الفقر بعشر مرات من أولئك الذين ولدوا في بلدان مستقرة، وأن الفجوة آخذة في الاتساع.
منذ ذلك الحين، ونتيجة للصراعات المطوَّلة، وأزمة المناخ، والوباء، انهارت حواجز الحماية جملة وتفصيلاً. ثمة أكثر من 100 مليون شخص يفرّون حاليًا للنجاة بحياتهم من مناطق الحروب أو الكوارث. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 350 مليون شخص اليوم في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، مقارنة بـ81 مليون شخص كانوا يحتاجونها قبل عشر سنوات. ويفتقر أكثر من 600 مليون أفريقي إلى الكهرباء. ويفيد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأن 25 دولة نامية تنفق أكثر من 20 في المائة من الإيرادات الحكومية على خدمة الديون، مع معاناة 54 دولة من مشاكل ديون حادة. وأصبح عدم المساواة في الحصول على اللقاحات لمكافحة الوباء -وهي فجوة كانت صارخة بشكل خاص خلال المراحل الأولى من طرح لقاحات “كوفيد -19” في العام 2021 -مثالًا حيًا على الوعود الفارغة.
كما فشلت الحكومات الغربية في الوفاء بالتزاماتها في مجالات أخرى. حتى الآن، لم يف “صندوق الأمم المتحدة للتكيف مع المناخ”، الذي أنشئ في العام 2001 لحماية الدول الفقيرة من عواقب انبعاثات الكربون من الدول الغنية، بالتزامه التمويلي الأساسي بجمع 100 مليار دولار سنويًا، ويُنظر إليه على أنه رمز لسوء النية الغربية: مجرد كلام في كلام، بلا أي عمل. وأدت التأخيرات الطويلة في تجميع هذه الأموال إلى زيادة الطلب على صندوق جديد لتغطية “الخسائر والأضرار” الناشئة عن أزمة المناخ. وتم افتتاح هذا الصندوق الجديد في العام الماضي، وإنما لم يتم تمويله بعد. ولن تؤدي أي مبادرة عالمية أخرى تعاني من نقص التمويل سوى إلى تعميق انعدام الثقة بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة.
تضامن أجوف
إذا كان العقدان المقبلان سيكونان مثل العقدين الأخيرين اللذين تميزا بأولويات الغرب المشوشة ووعوده الفاشلة، فإن التعددية القطبية في النظام العالمي سوف تعني ما هو أكثر من مجرد منافسة اقتصادية أكبر. سوف تعني تعزيز التحديات الأيديولوجية لمبادئ الدول الغربية وإضعاف الحوافز لدى الدول غير الغربية للارتباط بالغرب أو التعاون معه. بدلاً من ذلك، تحتاج الدول الديمقراطية الليبرالية التي تدعم نظامًا عالميًا قائمًا على القواعد إلى التفكير والعمل على هدف استراتيجي طويل الأجل أثناء انخراطها مع بقية العالم. وهو ما تقوم به الصين منذ العام 1990.
سوف تشكل القوة الصلبة القائمة على الشراكات العسكرية والتعاون التجاري أهمية حاسمة في تحديد علاقات الغرب مع بقية العالم. ولكن، يتعين على الحكومات الغربية أيضًا أن تهتم بعدد من قضايا القوة الناعمة، خاصة في ثلاثة مجالات: تقديم التزامات بالتضامن والإنصاف في إدارة المخاطر العالمية؛ وتبني الإصلاحات الكفيلة بتوسيع نطاق الأصوات على الطاولة عندما يتعلق الأمر بالشؤون الدولية؛ وتطوير سرد رابح في عصر يشهد تراجع الديمقراطية. ولن تساعد هذه الإجراءات على الحفاظ على الموقف العالمي للغرب فحسب؛ إنها الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله أيضًا.
تشكل الدعوة إلى المزيد من التضامن والإنصاف في إدارة المخاطر العالمية متطلبًا أساسيًا في الوقت الحالي. الآن، تعمل المنافسة بين القوى العظمى على مفاقمة التحديات العالمية على حساب أشد البلدان فقرًا. وليست أزمة الغذاء الناشئة عن الحرب في أوكرانيا وعدم كفاية الاستجابة العالمية لها، سوى مثال واحد فحسب. ويجعل هذا الاتجاه الجهود التي يبذلها “مركز التنمية العالمية” لتطبيق منظور “المنافع العامة العالمية” على التنمية الدولية تكتسي بأهمية خاصة. وتشمل هذه السلع تطوير برامج للحد من مخاطر الأوبئة، والتخفيف من تغير المناخ، ومعالجة مقاومة مضادات الميكروبات، ومكافحة الإرهاب غير الحكومي والجريمة السيبرانية. غير أن الاستثمار في درء هذه التهديدات التي تخيم على الأفق العالمي يعاني من فشل السوق: لأن كل الناس يستفيدون، وليس فقط أولئك الذين يدفعون، فإن أحدًا لا يدفع. ووفقًا لـ”مركز التنمية العالمية”، ذهب حوالي ستة بالمائة من إجمالي ميزانية وزارة الخارجية الأميركية على مدار العقد الماضي إلى المنافع العامة العالمية ذات الصلة بالتنمية، ولا يبدو أن هذه النسبة قد ازدادت بمرور الوقت.
كما تطرح الأوبئة مثالاً جيدًا أيضًا. في العام 2022، نشر الفريق المستقل المعني بالتأهب للجوائح والاستجابة لها، الذي طلبت جمعية الصحة العالمية من منظمة الصحة العالمية إنشاءه والذي عملتُ فيه أنا شخصيًا، استعراضًا شاملاً للإجراءات العالمية اللازمة للوقاية من الجوائح المستقبلية والتخفيف من حدتها. وقدر التقرير أن التكلفة المالية للوقاية من الوباء ستكون 15 مليار دولار سنويًا، أي أقل من نصف ما ينفقه الأميركيون على البيتزا كل عام.
وكان الكشف الأكثر إثارة للصدمة هو أن 11 فريقًا ولجنة رفيعة المستوى في 16 تقريرًا على مدى السنوات العشرين الماضية قدمت توصيات معقولة حول كيفية الاستعداد للأوبئة واكتشافها واحتوائها، لكن معظم هذه التوصيات لم تجد طريقها إلى التنفيذ. وخلص الفريق المستقل إلى أنه لا يمكن التغلب على هذه المشكلة إلا بتشجيع القادة على حشد التزام مستدام من جانب الحكومة بأكملها للتأهب لمواجهة الأوبئة. وقد اقترحنا إنشاء مجلس عالمي للتهديدات الصحية منفصل عن منظمة الصحة العالمية (لأن الأوبئة ليست مجرد قضية صحية)، والذي تكون مهمته ضمان استعداد الحكومات بشكل كاف لمواجهة الأوبئة، سواء من خلال أنظمة المراقبة الفعالة، أو إطلاق الإنذارات في الوقت المناسب بشأن تفشي المرض. ولا ينبغي السماح بأن يُترك هذا الاقتراح ليجمع الغبار على الرفوف.
ويقدم دعم اللاجئين مثالاً آخر على كيفية تقاسم التكاليف العالمية بشكل غير متساو. فعلى الرغم من أن العديد من الدول الغربية تشكو من تدفق اللاجئين، إلا أن البلدان الفقيرة والشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل هي التي تستضيف أكثر من 80 في المائة منهم. تستقبل كل من بنغلاديش، وإثيوبيا، والأردن، وكينيا، ولبنان، وباكستان، وتركيا وأوغندا أعدادًا كبيرة من اللاجئين. وتُعد بولندا، التي تستضيف حاليا أكثر من 1.6 مليون أوكراني، وألمانيا، التي تضم 1.5 مليون سوري، من الدول الغنية الفريدة في هذا الصدد. وتتلقى البلدان الفقيرة والشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل تعويضًا محدودًا من البلدان الغنية عن المسؤوليات التي تتحملها، ويكون لديها بالتالي حافز محدود لسن سياسات تعزز إدماج اللاجئين في أنظمة العمل والتعليم والصحة لديها. (يُتبع)
*ديفيد ميليباند David miliband: (15 تموز/ يوليو 1965)، سياسي بريطاني، والابن الأكبر لعالم الاجتماع رالف ميليباند. ولد في لندن ودرس في جامعة أكسفورد، ثم التحق بمعهد ماساتشوستس للتقنية (MIT)؛ أحد أشهر المعاهد العلمية في الولايات المتحدة، بعد حصوله على منحة دراسية في العام 1988. وعرف عنه ولعه الشديد بتكنولوجيا المعلومات وشبكة الإنترنت، وكان أول وزير بريطاني يكتب مدونات على الإنترنت عندما كان وزيرًا للبيئة.
بدأ العمل السياسي بالالتحاق بوحدة السياسات التي كانت تعمل مباشرة مع توني بلير في العام 1994، ثم أصبح عضوًا في البرلمان في العام 2001. وفي 5 أيار (مايو) 2005، تولى أول منصب وزاري له في حكومة توني بلير كوزير للدولة لشؤون الجاليات والحكومة المحلية، وفي 5 أيار (مايو) 2006 عين وزيرًا للبيئة. وفي 28 حزيران (يونيو) 2007 عين وزيرًا للخارجية وشؤون الكومنولث في المملكة المتحدة، وكان حينها يبلغ من العمر 41 عامًا ليكون أصغر من تولى هذا المنصب في المملكة المتحدة منذ ثلاثين عاماً، واستمر في المنصب لغايه استقالة الحكومة في 11 أيار (مايو) 2010. وهو الآن الرئيس والمدير التنفيذي لـ”لجنة الإنقاذ الدولية”.
صحيفة العرب