قال أندرو إنغلاند في صحيفة “فايننشال تايمز” إن قوة الجذب الدائمة للرئيس رجب طيب أردوغان، بددت آمال المعارضة، مضيفا أن الأخيرة تواجه مهمة صعبة في الجولة الثانية لمواجهة موقف الرئيس القوي. ولو شعر الرئيس بالانزعاج من الطبيعة التي تميزت بها انتخابات تركيا المحورية، والنتائج التي أظهرت أن تركيا ستخوض جولة ثانية، فإنه لم يظهره عندما خاطب أنصاره المتحمسين في الساعات الأولى من صباح الإثنين. وبدلا من ذلك، فقد وقف على شرفة مقرات حزب العدالة والتنمية في أنقرة، وألقى خطابا ناريا وسط الأناشيد وملوحي الأعلام من أنصاره. وأكد أنه في المقدمة وأنه سينهي السباق منتصرا سواء ذهبت الانتخابات لجولة ثانية أم لا.
وتؤكد ثقة أردوغان بنفسه وطاقته، على صعوبة المهمة التي تواجه المعارضة التي دخلت الانتخابات يحدوها الأمل والتفاؤل. ورغم الضربة التي وجهتها لعدوها، إلا أنها لم تكن قادرة على توجيه الضربة القاضية ضد مناضل لا يكل، وألقى بظله على السياسة التركية خلال العقدين الماضيين.
رغم الضربة التي وجهتها المعارضة التركية لأردوغان، إلا أنها لم تكن قادرة على توجيه الضربة القاضية ضد مناضل لا يكل
ومع الانتهاء من حساب كل الأصوات، فقد حصل أردوغان على نسبة 49.5% مقابل 44.8% لكليتشدار أوغلو مما يعني جولة ثانية.
وزاد من التحدي للطاولة السداسية التي يقودها كليتشدار أوغلو أن تحالف الجمهور القومي الذي يقوده أردوغان في طريقه للحصول على غالبية مقاعد البرلمان. ويتوقع أن يعزز من موقف الرئيس قبل الانتخابات، حيث سيحاول استغلال مخاوف الناخبين من حكومة ضعيفة وعدم استقرار سياسي، كل هذا في وقت تواجه تركيا أزمة في المعيشة التي يحمّل الكثيرون الرئيس مسؤوليتها.
وقال إنغلاند إن هذه المعركة تدخل منطقة غير واضحة في سباق لتأمين المنصب التنفيذي القوي في 28 أيار/ مايو. إلا أن أردوغان استطاع تحقيق انتصارات عدة منذ قيادته أول مرة لحزب العدالة والتنمية، وهو مستعد للمعركة. وبعد خطاب الزعيم الكاريزماتي في الساعات الأولى من صباح الإثنين، ظهر كليتشدار أوغلو، وعبّر عن استعداده للجولة الثانية، لكن وخلافا لأردوغان الذي تحدث من الشرفة في مقر حزبه، كان أوغلو يتحدث في منصة خالية. وهو يعرف وحلفاؤه أنهم يتنافسون في ملعب غير متوازن، حيث تسيطر الحكومة على معظم وسائل الإعلام، ومستعدة لنشر واستخدام المصادر لدعم قضيتها.
لكن صانع الملوك في الانتخابات والمفاجأة، هو سنان أوغان الذي حصل على نسبة 5% من الأصوات. وكان أوغان عضوا سابقا في الحركة القومية المتطرفة التي تشارك ائتلاف أردوغان في البرلمان. ولكن محاولة كليتشدار أوغلو جذب أنصار أوغان ستكون صعبة نظرا للكراهية التي يكنها أوغان لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي الذي يدعم المعارضة. وسيواصل أردوغان وأنصاره التأكيد، رغم الانتقادات بشأن إدارة الاقتصاد، بأنه الرجل الوحيد المجرب القادرعلى إصلاح الاقتصاد المترنح، وإعادة بناء المناطق المتضررة من الزلزال.
وقد يحاول الزعيم الداهية والمشاكس البالغ من العمر 69 عامان والذي خدم ثلاث مرات كرئيس للوزراء ويحاول تأمين ولاية ثالثة كرئيس، اللعب على مخاوف الناس من عدم الاستقرار في أمة مستقطبة. وحفلت خطاباته في حملاته الانتخابية بالكثيرمن الهجمات ضد كليتشدار أوغلو الذي اتهمه بأنه سيستسلم لصندوق النقد الدولي، وأنه “مخمور” ومؤيد للمثليين ويتحالف مع “الإرهابيين”، ومن المتوقع أن يقول المزيد من هذا الكلام.
هناك شكوك حتى بين المعارضة حول قدرة كليتشدار أوغلو على هزيمة الزعيم السياسي الماهر، ويتساءلون عن حكمة اختياره كمرشح بدلا من مرشح شاب، مثل أكرم إمام أوغلو
وسيحاول أردوغان استغلال خوف الناخبين من التحالفات الهشة التي حكمت تركيا قبل حكم العدالة والتنمية. وفي الوقت الذي وحدت المعارضة صفوفها بطريقة لم تشهدها منذ عقود، إلا أن التحالف تشكل من أحزاب وجماعات متباينة وتمثل كل الطيف السياسي. وربما حاول كليتشدار أوغلو التأكيد على كلفة المعيشة على أمل أن تكون كعب أخيل أردوغان، حيث زاد معدل التضخم، وسجلت الليرة معدلات متدنية. ولكن التحدي الأكبر له هو إعادة تفعيل قاعدته القلقة وتغيير مواقف الناخبين غير المتأكدين، وأن الرئيس أردوغان لم يعد يمثل مصالحهم، وأن تحالفه مستقر وقادرعلى تقديم ما وعد به.
لكن هناك شكوك حتى بين المعارضة حول قدرة كليتشدار أوغلو (74 عاما) على هزيمة الزعيم السياسي الماهر، ويتساءلون عن حكمة اختياره كمرشح بدلا من مرشح شاب، مثل أكرم إمام أوغلو، عمدة اسطنبول.
وربما عادت هذه الشكوك لو تبددت آمال المعارضة بعد النتائج الأخيرة. ولا أحد يشك في أن أردوغان يقاتل من أجل مستقبله السياسي، لكنه يثبت لنقاده أنه لا يزال موجودا ويجب عليهم ألا يكتبوا نعيه.