الخرطوم – رحبت قوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” بالبيان الختامي للقمة العربية في دورتها الثانية والثلاثين التي استضافتها مدينة جدة السعودية الجمعة، واتهمت مبعوث الجيش السوداني بالتضليل والمغالطة، بشأن الاعتداءات على السفارات والبعثات الدبلوماسية، وذلك في خضم احتدام المعركة الإعلامية الموازية للقتال على الأرض التي حققت فيها الدعم السريع مكاسب ميدانية ما يجعلها في موقع قوة خلال المفاوضات الجارية في مدينة جدة بالسعودية.
وقالت في بيان نشرته عبر صفحاتها على فيسبوك وتويتر في وقت متأخر الجمعة “نرحب بالبيان الختامي للقمة العربية في دورتها الثانية والثلاثين التي أنهت أعمالها بحضور القادة العرب في مدينة جدة السعودية واعتماد (إعلان جدة) الذي ناقش العديد من القضايا الهامة، وعلى وجه الخصوص الأزمة السودانية”.
وفي وقت سابق الجمعة، دعا الإعلان الختامي للقمة العربية التي عقدت في مدينة جدة السعودية، إلى “التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف” في السودان.
وأعرب بيان الدعم السريع، عن “شكره للأشقاء العرب على الاهتمام والتضامن الكبير مع الشعب السوداني في هذه الظروف التي يعيشها بسبب هذه الحرب”.
وأكد حرص “الدعم السريع على التواصل الدائم مع الدول الشقيقة والصديقة لتوضيح الحقائق خلال الفترة الماضية بشأن الأوضاع في السودان التي هي عكس ما أورده مبعوث القوات الانقلابية وأنصار النظام البائد عضو الحزب المحلول (في إشارة للجيش) دفع الله الحاج علي”.
واتهمت قوات الدعم السريع الحاج علي بتقديم معلومات أمام ختام أعمال القمة تجافي الحقائق والواقع على الأرض مستغلاً المنبر لتقديم معلومات كاذبة ومضللة.
وأعربت عن “ثقتها الكاملة في القادة العرب والدول الشقيقة والصديقة في تفويت الفرصة لعودة النظام البائد الارهابي إلى السلطة بواجهة قيادة القوات الانقلابية، ومعرفة حقيقة الأوضاع في السودان وأسباب الأزمة.”
واستغل مبعوث الجيش السوداني وجوده في القمة العربية الجمعة ليتحدث عن ارتكاب قوات الدعم السريع جرائم بحق المدنيين، وقال “لم تلتزم بأي هدن إنسانية، وهاجمت مقرات البعثات الدبلوماسية بالخرطوم واعتدوا عليها”.
وأكد في كلمته “إذا جنحت القوات المتمردة (الدعم السريع) للسلم فسنجنح له، وإذا وضعت السلاح فسنعفوا عنها”.
وسبق أن كذّبت قوات الدعم السريع ادعاءات الجيش السوداني بشأن تعرض سفارة الأردن أو مقر إقامة السفير السعودي لاعتداءات ونشرت مقاطع فيديو موثقة دحضت من خلالها تلك الادعاءات وتضليل الإعلامي، وأوضحت أنها عملت طيلة فترة الحرب على تأمين البعثات الدبلوماسية ومقراتها إلى جانب القيام بعمليات إجلاء الرعايا الأجانب.
ويرى مراقبون أن محاولات الجيش السوداني توريط قوات الدعم السريع في مثل الاعتداءات تدخل في إطار الحرب الإعلامية لأنه عجز عن تحقيق أي مكاسب ميدانية لذلك ظل مستمرا بالقصف الجوي، الذي خلف ضحايا من المدنيين أكثر من استهداف الخصوم.
ويشير هؤلاء إلى أن نزوع الجيش إلى هذا التضليل الإعلامي لن يكسبه مزيدا من التأييد سواء داخليا أو خارجيا، فهناك قوى محلية لا تزال تؤيد حميدتي وعلى قناعة أن البرهان لم يخلع عباءة الرئيس السابق عمر البشير ويحتمي بعناصر من الحركة الإسلامية، كما أن جميع الدول تتعاطى مع الطرفين على قدم المساواة دون تمييز، هي معضلة يعاني منها البرهان منذ اندلاع الأزمة وأخفق في حض المجتمع الدولي على التعامل معه كقائد للدولة والتعامل مع قوات الدعم السريع كحركة متمردة.
وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان مساء الجمعة أنها فرضت سيطرتها الكاملة على مدينة زالنجي وأنها كبدت الانقلابيين (في إشارة إلى الجيش) خسائر فادحة، كما “استولت على آليات قوات الفلول التي ولت هاربة”
وتعتبر مدينة زالنجي من أشهر المدن الموجودة في دارفور فهي المركز الذي تنطلق منه المساعدات الإنسانيّة إلى النازحين من الحروب الأهليّة في السودان والجنوب وغيره.
وأكدت قوات الدعم السريع أنها “صدت أيضا هجوماً من القوات الانقلابية في مدينة نيالا جنوب دارفور وكبدتها خسائر في الأرواح والعتاد وفرضت حصاراً كاملا على قوات الانقلابيين، وتسبب القصف العشوائي على الأحياء السكنية في استشهاد وإصابة عدد من المواطنين جاري حصرهم”.
ولفتت إلى أن “قيادة القوات الانقلابية الإرهابية واصلت في شن الغارات بالطيران والمدافع على المناطق المأهولة بالسكان واستهداف المنشآت العامة ومنازل المواطنين ما أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح وتخريب البنى التحتية في خرق واضح للقوانين الدولية وقواعد الاشتباك”.
وأفادت بأن “اعتداءات القوات الانقلابية استمرت على المواطنين والمنازل بأحياء جبرة والرميلة وعدد من أحياء جنوب الخرطوم، واعتقلت عدد من الأشخاص على أساس عرقي وجهوي وقامت بترويع المواطنين الأبرياء ونهب ممتلكاتهم”.
واتهمت ما أسمتهم “القوات الانقلابية والفلول وكتائب الظل بالاستمرار في نسج الأكاذيب والتطبيل الإعلامي لرفع الروح المعنوية للقوات المنهزمة في الميدان”.
وأكدت أن قواتها “تبسط سيطرتها على 95 بالمئة من مناطق العاصمة الخرطوم، وتقوم بحملات مهمة من أجل تأمين المواطنين والمنشآت العامة والخاصة، حيث القت القبض على العشرات من عصابات النهب والسرقة”.
وفي مقطع فيديو نشرته اليوم السبت عبر صفحاتها على فيسبوك وتويتر أعلنت قوات الدعم السريع أنها تمكنت من الاستلاء على مضادات طيران ضخمة في معسكر الدفاع الجوي بالخرطوم.
وأكد إعلان جدة الصادر عن القمة العربية على ضرورة التهدئة في السودان وتغليب الحوار والمحافظة على مؤسسات الدولة الوطنية، والتأكيد على الحيلولة دون أي تدخل خرجي يؤجج الصراع في السودان ويهدد الأمن والسلم الإقليمي، كما اعتبر اجتماعات جدة بين الفرقاء السودانيين خطوة مهمة يمكن البناء عليها.
من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال المؤتمر الصحافي الختامي للقمة العربية الـ 32 في جدة، إن “المباحثات السودانية متواصلة في مدينة جدة”، مشددا على أن من المبكر الحديث عن انفراجة.
وقال الأمير فيصل ابن فرحان “محادثات جدة بشأن السودان متواصلة لكن من المبكر الحديث عن انفراجة”، داعيا “الأطراف السودانية إلى التحلي بالمسؤولية واللجوء للحوار”.
واعتبر وزير الخارجية السعودي، أن “الوضع في السودان مؤسف ومن المهم الوصول لهدنة الآن”، مؤكدا أن “المملكة تعمل مع واشنطن للوصول إلى هدنة إنسانية في السودان”.
وفي خضم هذه الجهود المشتركة التي تقودها السعودية والولايات المتحدة، لا يزال السودانيون يدفعون فاتورة باهظة جراء الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، المتواصلة منذ 15 أبريل الماضي، حيث أعلنت نقابة طبية عن ارتفاع عدد الوفيات بين المدنيين ووصولها منذ بداية الاشتباكات إلى 850 حالة وفاة، و3394 إصابة، بدون احتساب القتلى والمصابين الذين لم يتمكنوا من الوصول للمستشفيات ولم يشملهم الحصر.
وكانت آخر حصيلة أعلنتها النقابة الطبية (غير حكومية)، الخميس، سجلت 832 قتيلا و3 آلاف و329 مصابا بين المدنيين.
وأشارت النقابة الطبية إلى أنه “يوجد العديد والكثير من الإصابات والوفيات غير مشمولة في هذا الحصر ولم تتمكن من الوصول للمستشفيات لصعوبة التنقل والوضع الأمني في البلاد”.
العرب