دعوات إلى الإسراع في تحديد سقف الإنفاق الانتخابي بالعراق

دعوات إلى الإسراع في تحديد سقف الإنفاق الانتخابي بالعراق

مع اقتراب مواعيد الانتخابات النيابية ومجالس المحافظات تعلو الأصوات للحد من ارتفاع سقف الإنفاق الانتخابي الذي تعمل عليه الأحزاب والمرشحون لنيل أكثر الأصوات والمقاعد في كل دورة انتخابية، إذ يكثر البذخ المالي وقت الانتخابات من خلال الدعاية وحشد أكبر عدد من الناس لمصلحة أحزاب أو كتلات سياسية أو مرشحين مستقلين، في وقت طالب متخصصون بضرورة تشريع قانون يحدد سقف التمويل للحملات الانتخابية في العراق، مؤكدين أن تحديد السقف المالي للإنفاق في الحملات معقد على رغم أهميته ويحتاج إلى تشريع قانوني من أجل تمكين مفوضية الانتخابات من ضبط العملية الانتخابية والتعامل بعدالة مع الأحزاب كافة من دون الاهتمام بحجمها ونفوذها.

بات ضرورياً

واعتبر الكاتب والصحافي مجاشع التميمي بأن تشريع قانون لتحديد سقف الإنفاق الانتخابي بات ضرورياً في هذه المرحلة، بخاصة بعد تعديل قانون الانتخابات في مارس (آذار) الماضي واعتماد نظام “سانت ليغو” الذي سيضع القوائم كافة أمام منافسة غير عادلة بين الأحزاب والتحالفات السياسية المشاركة في الانتخابات”.

وشدد على ضرورة الذهاب إلى تشريع قانون لتحديد سقف الإنفاق المالي للأحزاب والتحالفات السياسية المشاركة في الانتخابات لأن التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لعام 2018 لم يحدد السقف المالي للإنفاق الانتخابي واقتصر الأمر على وجود فقرة في قانون الأحزاب اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ رﻗم (36) لعام 2015، وهي تمنع وتجرم التمويل الخارجي، فالقانون يعاقب الحزب السياسي بسحب إجازة تأسيسه في حال تأكد استلامه أموالاً من دولة أجنبية، لكن للأسف هذا القانون لم يطبق.

ورأى التميمي أن قضية تحديد السقف المالي للإنفاق في الحملات الانتخابية معقد على رغم أهميته ويحتاج الى تشريع قانوني من أجل تمكين المفوضية من ضبط العملية الانتخابية والتعامل بعدالة مع الأحزاب كافة، لكن لا أعتقد بأن الحكومة تستطيع أن تقدم للبرلمان مثل هذا القانون لأسباب كثيرة، أهمها قوة الأحزاب ونفوذها داخل الحكومة والبرلمان ولا قدرة لمفوضية الانتخابات على تطبيقه في حال تشريعه.

أضاف أنه “من غير المنصف منافسة أحزاب كبيرة ونافذة مع أحزاب صغيرة ذات إمكانات مالية ودعائية محدودة، بحيث تزداد الصعوبة في الحصول على مقاعد برلمانية كلما ارتفع القاسم الانتخابي الذي يقسم عليه مجموع الأصوات، وهذه هي أكبر مشكلة في النظام الديمقراطي الحالي، إذ إن كثيراً من الزعامات هي أساساً غير منتخبة، لكنها تمتلك المال والنفوذ وهي تخوض المفاوضات وتشكل الحكومة وتتحكم بالقرار السياسي”.

قواعد السلوك الانتخابي

من جانبه، قال الباحث السياسي نبيل جبار التميمي إن سقف الإنفاق تضبط له قواعد السلوك الانتخابي مع مجموعة من القواعد وتحدد السلوكات المسموح بها وغير المسموح بها وحتى قائمة العقوبات، ومن ضمن هذه القواعد تحدد المفوضية سقف الإنفاق الانتخابي كقيمة مالية لكل ناخب، مضيفاً “وعليه يتم احتساب حدود الإنفاق المسموح به وحدوده العليا وليس من الممكن السيطرة عليه لأن في العراق لا توجد حسابات مالية”.

حدود وقواعد

وفي السياق، قال أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي إن تحديد سقف الإنفاق الانتخابي يعتمد على التشريعات واللوائح المعمول بها في كل بلد أو نظام سياسي ويتغير مع مرور الوقت، ويتم تحديد هذه السقوف بهدف ضمان عملية انتخابية عادلة ومنع التلاعب بالنظام الديمقراطي، منوهاً ببعض البلدان التي تفرض سقوفاً قانونية للإنفاق يجب على المرشحين أو الأحزاب السياسية التزامها، وتابع “ذلك يتم تحديده عادة بناء على عوامل عدة مثل حجم الدائرة الانتخابية وعدد الناخبين ونوع الانتخابات (تشريعية أو رئاسية) وتاريخ كل دولة، على سبيل المثال لا يوجد في الولايات المتحدة سقف قانوني للإنفاق الانتخابي في الاستحقاق الرئاسي، وأكد أن هناك حدوداً وقواعد للتبرعات المالية التي يمكن أن يتلقاها المرشحون، وبعض الدول الأخرى مثل فرنسا وألمانيا تحدد سقوفاً للإنفاق الانتخابي تختلف بحسب نوع الانتخابات.

السعدي ذكر أنه من الضروري جداً تحديد سقف الإنفاق في العراق من خلال التشريعات واللوائح المعمول بها لتجنب التلاعب المالي وتأثير الأموال الكبيرة في نتائج الانتخابات، عازياً ذلك إلى أسباب عدة، لافتاً إلى ضرورة اعتماد المرشحين والأحزاب السياسية على المشاريع الإنمائية لجذب الناخب، لا أن يتم التفوق بناء على الموارد المالية فقط، إذ ربما تكون لدى بعض المرشحين أو الأحزاب القدرة على إنفاق مبالغ كبيرة، لذا فإن تحديد سقف الإنفاق يساعد في تقليل الفوارق وأيضاً مكافحة الفساد من فرص التلاعب المالي في العملية الانتخابية أو التأثير في الناخبين من خلال إنفاق مفرط، وضبط الحدود يسهم في التقليل من تلك الممارسات غير القانونية.

ورأى أستاذ الاقتصاد الدولي أن تحديد السقف يشجع على التنافس السياسي الصحيح ويسهم في تعزيز تمثيل أوسع للمرشحين والأحزاب المختلفة، فربما يتردد بعضهم في الترشح إذا كانت المصاريف الانتخابية مرتفعة جداً، بالتالي يمكن أن يقلل سقف الإنفاق من الحواجز المادية أمام المشاركة السياسية.

معالجة الدعاية الانتخابية

في حين قال الخبير القانوني علي التميمي إن قانون الانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات الجديد لعام 2023، عالج الدعاية الانتخابية بتفاصيل وشروط، منها أن يحدد موعدها بقرار من المفوضية وأماكن الدعاية وعدم استغلال موارد الدولة وبنيتها ومنع إعطاء الهدايا وينتهي موعدها قبل 24 ساعة من الانتخابات.

وحدد القانون عقوبات جسدية وغرامات تراوحت بين الحبس لمدة سنة وغرامة مالية تطاول حتى الكيانات، لافتاً إلى أنه يراد من المفوضية منع الشحن الطائفي واستبعاد كل كيان أو شخص يروج لذلك حتى لا يؤثر في موعد الانتخابات المقبلة.

وأوضح الخبير القانوني أن هذه العقوبات، خصوصاً الغرامات، تحتاج إلى أن تفعل للتمكن من السيطرة على الدعاية، مشيراً إلى أنه يمكن تحديد نسبة الأموال التي تصرف في الدعاية الانتخابية بقرار من مجلس مفوضية الانتخابات، وهذا معمول به في بعض الدول المجاورة.

اندبندت عربي