دخلت طموحات الخطوط الملكية المغربية لتعزيز نشاطها خلال السنوات المقبلة منعطفا مهما مع بروز مساع جدية لخوض غمار المنافسة في سوق الطيران من بوابة تحسين قدرة الشركة على توسيع شبكة رحلاتها عبر إستراتيجية تبدأ بمضاعفة الأسطول.
الرباط – تدرس شركة الطيران المغربية الحكومية مضاعفة أسطولها خلال السنوات العشر المقبلة لمواجهة المنافسة الإقليمية لاسيما في ظل اعتماد البلاد سياسة الأجواء المفتوحة.
وذكرت مصادر مطلعة لاقتصاد الشرق من بلومبرغ أن الرئيس التنفيذي للشركة عبدالحميد عدو قال في لقاء مغلق مع أعضاء لجنة البنيات الأساسية بالبرلمان قبل أيام إن “الهدف على المدى المتوسط هو احتلال المرتبة الأولى أفريقياً، من خلال تقوية الأسطول”.
وأضاف “نريد تحويل الملكية المغربية من شركة طيران كلاسيكية إلى ناقل عالمي”.
وكانت الخطوط الملكية تمتلك 60 طائرة قبل عام 2019، لكنَّها تخلّت عن 10 منها، شملت طائرات مستأجرة لأمد طويل، فيما قررت بيع أخرى بعدما أمضت سنوات طويلة في الخدمة، بسبب انخفاض الطلب عقب تفشي الجائحة آنذاك.
والآن تسعى إلى جعل الأسطول يبلغ 100 طائرة لتحقيق هدف إستراتيجي وهو أن تصبح بحلول 2033 واحدة من أكبر شركات الطيران العالمية كما هو الحال مع الإمارات للطيران والخطوط القطرية.
وسبق أن أكد نائب رئيس المبيعات لأفريقيا والشرق الأوسط في شركة تصنيع الطائرات الأوروبية هادي عاكوم في ديسمبر الماضي أن أسطول الشركة يتكون في معظمه من طائرات بوينغ، وتسعى مُنافستها أيرباص للظفر بطلبية شراء لأحد طرزها.
وقال مسؤول في الخطوط المغربية، رفض الكشف عن هويته لأنَّه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام، لبلومبرغ إن الشركة “ستكون منفتحة على كل الخيارات بعد أن تطلق طلب تلقي عروض شراء الطائرات الجديدة”.
وأشار إلى أن هذه المسألة ستتضح قريبا بعد توقيع عقد برنامج جديد مع الحكومة بما يضمن لها التوزان المالي.
واشتكى عدو من ضعف أسطول الشركة التي استأجرت 6 طائرات لتنضاف إلى 50 طائرة تملكها، لإنجاح موسم صيف هذا العام، معتبرا أن الحجم الحالي عائق أمام منافسة شديدة من شركات كبيرة.
وأعطى كمثال على ذلك الخطوط التركية التي تمتلك حاليا 400 طائرة وسيصل أسطولها إلى 600 طائرة في 2037، بينما ستضاعف الخطوط الإثيوبية أسطولها من 140 إلى 300 طائرة خلال الفترة عينها.
وعانت الخطوط المغربية، كباقي شركات الطيران عبر العالم، من آثار الوباء الذي أغلق الحدود الجوية وعطل حركة السفر وأجبرها على إبقاء أغلب طائراتها رابضة على المدارج لحوالي عامين، مما تسبب في تسجيل خسائر مالية كبيرة للقطاع برمته.
وتظهر بيانات لوزارة الاقتصاد والمالية أن 2018 كان آخر عام حققت فيه الخطوط المغربية أرباحا بواقع 156 مليون درهم (15 مليون دولار) ليبدأ مسلسل الخسائر في العام التالي بنحو 12.8 مليون دولار.
وتفاقمت الخسائر في عامي الأزمة الصحية العالمية، فقد بلغت في 2020 نحو 370 مليون دولار لتتقلص في السنة التالية لتصل إلى 260 مليون دولار.
وأقر عدو أمام اللجنة البرلمانية أنَّ الشركة تعمل في مناخ محفوف بالمخاطر والمنافسة الشرسة من قبل شركات طيران أخرى تمتلك عدداً كبيراً من الطائرات، مطالبا باعتماد “برنامج تنموي طموح حتى يتسنى للشركة الاستمرار في دورها”.
ولدى الخطوط الملكية 12 شركة تابعة لها تعمل في مجالات مرتبطة بالنقل الجوي، كصيانة الطائرات والتدريب والمناولة، وتُشغّل أكثر من 3400 موظف حالياً، بعدما لجأت لتسريح حوالي 750 موظفا، من ضمنهم حوالي 100 طيّار، عقب أزمة كورونا.
ومع اقتراب فصل الصيف الذي يشهد حركة سياحية كبيرة بفضل المغتربين بشكلٍ خاص؛ وضعت الخطوط الملكية خطة لتوفير معروض يبلغ 2.6 مليون مقعد عبر رحلات تربط البلاد بنحو 90 وجهة حول العالم.
ومن المتوقع أن يكون النصيب الأكبر للأسواق الأوروبية، باعتبار أن الجالية المغربية التي يبلغ عددها الإجمالي قرابة 5 ملايين مغترب تتركز في تلك الدول.
◙ 50 طائرة حجم أسطول الشركة ويتوقع أن يصل إلى 100 طائرة في غضون عشر سنوات
وعقب تسجيلها إيرادات بلغت 1.5 مليار دولار في 2019، تراجعت إلى 650 مليون دولار في 2020، ثم إلى 620 مليون دولار في عام 2021 نتيجة الوباء، مما دفع الدولة للتدخل بضخّ الملايين من الدولارات لإعادة التوازن المالي للشركة.
وخلال العام الماضي تمكّنت الشركة من استرجاع 77 في المئة من نشاطها مقارنةً بما قبل الوباء، حيث نقلت عبر خطوطها ما يقارب خمسة ملايين مسافر، محققةً إيرادات بلغت 1.23 مليار دولار، بانخفاض نسبته 22 في المئة عن سنة 2019.
ويُرتقب أن تقر الحكومة برنامجا جديدا مع الشركة ستستفيد بموجبه من دعم لتجاوز اختلال توازنها المالي، على أن يكون ضمن حزمة البرنامج ضمانات من الدولة للاقتراض من أجل شراء طائرات جديدة. ومنذ 2020 بلغ دعم الدولة للشركة نحو 590 مليون دولار.
ولمواجهة أزمة الشركة التي تأسست في عام 1957، اقترح برلمانيون فتح رأسمال الشركة للقطاع الخاص، لكنَّه “سيناريو مستبعد”، بحسب مسؤول في الخطوط المغربية.
وقال المصدر لبلومبرغ، لم تذكر هويته، إن “هذا الأمر لن يكون مجدياً من الناحية المالية، لأنَّ الشركة في وضعية خسارة مستمرة”، ومستبعداً أن تعود إلى الربحية خلال سنوات قليلة.
لكنه أشار إلى أن “الرهان على تنفيذ البرنامج الاستثماري الجديد يبقى مرتبطا بتعزيز الأسطول بما يمكّننا من فتح وجهات جديدة محلّية وخارجية وخفض الأسعار للصمود والمنافسة مع الشركات الإقليمية”.
العرب