نشرت مجلة “فوربس” تقريرا أعده بول إيدون، تحدث فيه عن سبب نشر الولايات المتحدة نظام صواريخ “هيمارس” في سوريا. ونشرت الولايات المتحدة، النظام الصاروخي المدفعي عالي الحركة (هيمارس) في سوريا لأول مرة. والنظام قادر على إطلاق 6 صواريخ موجهة وبتتابع قوي، ثم يقوم بتغيير موقعه سريعا لتجنب الردود الانتقامية. وأصبح هذا النظام معروفا بعد استخدامه الناجح في أوكرانيا ضد الروس العام الماضي.
والسؤال: “لماذا تقوم الولايات المتحدة بنشر هيمارس في سوريا الآن؟ ومن هو الطرف الذي تعتقد الولايات المتحدة أن قواتها بحاجة لردعه أو ضربه؟”. ففي أيار/ مايو، اعترفت القيادة المركزية في الشرق الأوسط، أنها نشرت عددا غير محدود من الشاحنات المحملة براجمات صواريخ في سوريا. وأكدت نشرها بعدما زعم الإعلام التركي أن الولايات المتحدة نقلت النظام إلى حلفائها الأكراد المعروفين باسم قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على شمال وشرق سوريا، وحيث تتمركز القوات الأمريكية البالغ عددها 900 جندي.
وتظل مهمة هذه القوات الرئيسية، هي مواجهة تنظيم الدولة ومنعه من العودة أو تجميع نفسه من جديد. لكن الولايات المتحدة احتفظت بحق الدفاع عن نفسها والانتقام ضد جماعات أخرى، مثل الميليشيات المسلحة التي تدعمها إيران، والتي استهدفت القوات الأمريكية بالصواريخ والمسيرات المتفجرة.
وربما توصلت الولايات إلى أنها بحاجة لقوة نيران أرضية إضافية في شمال- شرق سوريا لحماية قواتها، والرد السريع على أي مهاجمين محتملين.
ويقول نيكولاس هيراس، المدير البارز للإستراتيجية والإبداع في معهد نيولاينز: “ترغب الولايات المتحدة بأن يكون لها حامية على المدى البعيد في شمال- شرق سوريا” و”تحتاج هذه الحامية لقوة حماية تستطيع الرد بسرعة على عدد من التهديدات على الأرض، والتي يقدمها نظام هيمارس بشكل فعال”.
وأضاف أن “نجاح نظام هيمارس في أوكرانيا ضد القوات الروسية، أرسل إشارة إلى الولايات المتحدة أن القصف المدفعي الروسي أو القوات السورية المدعومة من روسيا تعتبر تهديدا”.
ويعتقد ريان بول، المحلل البارز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة دراسات مخاطر الاستخبارات “رين” أن نشر هيمارس “موجه على الأرجح” ضد القوات التي تدعمها إيران، والتي استهدفت القوات الأمريكية في الماضي وربما تقوم مرة أخرى. وقال: “هناك ردع غير مباشر من ناحية استعداد الولايات المتحدة لإرسال رصيد مهم إلى سوريا، وكي تظهر لروسيا والنظام السوري أن أساليب التحرش ضد الولايات المتحدة لن تدفعها لسحب قواتها”. وأضاف: “أعتقد أن الشكل العام من نشر الولايات المتحدة معدات عسكرية متقدمة، هو القيام بمهام تقليدية وإرسال رسالة إلى خصومها أن القوات الأمريكية في سوريا لن تخرج قريبا”. وأكد: “بالطبع، تحاول الولايات المتحدة أن تذكر هؤلاء الخصوم، مثل إيران وروسيا وسوريا، أنها نشر هذه المعدات سيجعلهم في وضع غير متساو في المواجهة التقليدية حالة قاموا بالتصعيد”.
ولم تنشر الولايات المتحدة منذ إرسال قواتها لدعم قوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2015 معدات متقدمة، واعتمدت عوضا عن ذلك على الغارات الجوية لدعم العمليات العسكرية على الأرض.
وكان أقوى نظام نشرته في الحملات ضد تنظيم الدولة، هو مدافع هاوتزر “أم 777” الذي استخدمته قوات المارينز أثناء المعركة الحامية في مدينة الرقة، عاصمة خلافة تنظيم الدولة، عام 2017. وأطلق المارينز كميات كبيرة من القذائف ضد التنظيم في المعركة التي استمرت شهرا.
ويعتبر نظام “هيمارس” أبعد من الناحية المدى مقارنة مع “أم 777″، لكن الولايات المتحدة نشرت النظام أيضا في جنوب الموصل بالعراق خلال المعركة التي تم فيها طرد تنظيم الدولة من المدينة عام 2016.
وفي 2017، نقلت الولايات المتحدة نظام “هيمارس” من الأردن لحماية قواتها في التنف بالصحراء السورية، الواقعة على الحدود بين العراق والأردن، وكان الهدف هو منع الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران من الاقتراب من تلك القوات.
ويقول بول إن نظام هيمارس “هو بالتأكيد الأطول مدى الذي قررت الولايات المتحدة نشره في سوريا منذ بداية عملياتها هناك”. ويضيف: “مدىً كهذا يمكن أن يكون رادعا، حيث تهدد الولايات المتحدة المواقع الإيرانية أو السورية من على بعد لو تعرضت للقصف في المستقبل”.
ولا ترى شركة “رين” أي ربط بين نشر “هيمارس” في شمال- شرق سوريا، ونشر مقاتلات “إي-10” لكي تحل مكان المقاتلات التي تغادر دول الخليج العربية إلى شرق آسيا.
ويعلق بول: “أعتقد أن الأمر متعلق بتقوية الوجود الأمريكي الحالي ومنع الإيرانيين من التصرف بقسوة في أعقاب تطبيع سوريا علاقاتها مع الجامعة العربية”، و”في الوقت الحالي، لا يوجد على ما يبدو إرادة أمريكية قوية لتوسيع المهمة في سوريا أبعد من وضعها الحالي”، ويؤكد: “عوضا من ذلك، تهدف الولايات المتحدة لتذكير أعدائها من الدمار الذي ستحدثه قواتها التقليدية حتى بقوة محدودة على الأرض”.
القدس العربي