حفيظة أركان.. من هي ولماذا اختارها أردوغان لشغل منصب “محافظ البنك المركزي”؟

حفيظة أركان.. من هي ولماذا اختارها أردوغان لشغل منصب “محافظ البنك المركزي”؟

حفيظة أركان، محافظة البنك المركزي في تركيا، تبدو أفضل خيار لهذا المنصب. سجلها مليء بالثقافة الواسعة التي تشمل، ضمن أمور أخرى، اللقب الأول في الهندسة الصناعية من جامعة باوزتسي الفاخرة في تركيا، والدكتوراه في الهندسة المالية من جامعة برنستون في مجال الأخطار المالية، وبرنامج دراسي متقدم في هارفارد. قفزت أركان بسرعة إلى قمة شركة “غولدمان ساكس”، التي عملت فيها ست سنوات وأنهت بمنصب مديرة قسم التحليل للمؤسسات المالية. في العام 2014 انتقلت لشغل منصب رئيسة قسم الاستثمارات في بنك “فيرست ريبابليك”، وبعد ست سنوات عُينت في منصب مديرة عامة مشاركة للبنك. كانت مرشحة أيضاً لتحل محل رئيس البنك ومؤسسه جيم هاربرت، لكن بعد نصف سنة على استقالة هاربرت بسبب مشاكل صحية، قدمت استقالتها. في السنة الماضية عادت إلى تركيا.
تعيين أركان محافظة للبنك المركزي في تركيا سيؤدي إلى انخفاض دراماتيكي في حجم مداخيلها. كان راتبها في “فيرست ريبابليك” نحو 9 ملايين دولار في السنة. وبعد استقالتها حصلت على تعويضات بمبلغ 10 ملايين دولار. من غير المعروف ما سيكون راتبها في المنصب الجديد في تركيا، لكن حسب معطيات نشرت عن رواتب محافظين سابقين، وإذا لم تحصل على تسهيلات خاصة، فستعاني من تقليص شديد في الراتب. وهذا ليس مشكلتها الوحيدة.
قبل شهر، قُدم ضد أركان وبنك “فيرست ريبابليك” الذي انهار وانتقل إلى “جي.بي.مورغان تشيس”، دعوى تمثيلية من أصحاب الأسهم والمودعين بتهمة إخفاء معلومات وإدارة فاشلة متعمدة. وإلى أن يتم البت في الدعوى وتنتهي الإجراءات القضائية على طاولة مكتبها في تركيا، ثمة جدول أعمال جديد أمامها اليوم ينتظر منها إنقاذ تركيا من أزمتها الاقتصادية الخطيرة التي تمر بها.
أركان، محافظة البنك الخامسة في تركيا منذ العام 2019، استبدلت شهاب كفتشولو الذي عينه أردوغان قبل سنتين لمواصلة تنفيذ ما اعتيد تسميته بـ “السياسة الاقتصادية غير الأرثوذكسية” لاردوغان. التفسير المختصر لهذه السياسة هو تقليل منهجي للفائدة لتشجيع نمو الاقتصاد. في 2021 شرح كفتشولو بثقة كبيرة أنه “لا يوجد سبب لمواصلة انخفاض سعر الليرة التركية” وأن “السياسة النقدية ليست المسؤولة الحصرية عن التضخم الذي وصل في أيلول من نفس السنة إلى 19.6 في المئة”.
منذ ذلك الحين، لم تتوقف الليرة التركية عن التدهور، ووصلت في هذا الأسبوع إلى حضيض تاريخي هو 23 ليرة للدولار. ورغم ذلك، التضخم الذي قفز في تشرين الأول الماضي إلى 85.5 في المئة انخفض في الحقيقة إلى النصف، لكنه ما زال أكثر من ضعف المستوى عندما تم تعيين المحافظ السابق.
الشكوك لم تتبدد بعد
قبل فترة قصيرة من تعيين أركان كمحافظة للبنك المركزي، عيّن أردوغان وزيراً جديداً للاقتصاد والمالية، هو محمد شمشيك. هو أيضاً شخص مهني مر في ماكينة البنوك الأمريكية وشركة “ميريل لينتش”. عمل في السابق في منصب وزير المالية في تركيا، ولكنه أقيل من في 2018 على خلفية معارضة سياسة أردوغان المالية.
واصل أردوغان إعطاء تعليماته لخفض سعر الفائدة، من 19 في المئة إلى 8.5 في المئة، الأمر الذي أدى إلى هروب رؤوس أموال بمبلغ 20 مليار دولار، دون أن يشجع التخفيض النمو الاقتصادي. والاختراعات المالية التي وُعد بها أصحاب التوفيرات بالليرة التركية للتعويض عن فقدان قيمة التوفير مقابل الدولار، أو ضخ مليارات الدولارات إلى السوق لإظهار الاستقرار، لم تنجح في وقف التدهور، بل قلصت فائض العملة الصعبة في تركيا، التي لم تجد مصادر متاحة ورخيصة نسبياً لجسر الفجوة.
مع قضايا مقلقة جديدة مثل حقوق الإنسان وقمع حرية التعبير، فإن النظام الاستبدادي الذي أقامه أردوغان والعلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والناتو تطورت وأصبحت عقبات حقيقية ستجبر تركيا على القيام بإصلاح قضائي. هذه الأمور لا تزعج الإمارات والسعودية ومصر، لكن عندما يفحص مستثمرون أمريكيون مستوى مخاطرة استثماراتهم ومكانة الضمانات القانونية في وضع يكون فيه الرئيس هو صاحب صلاحيات غير محدودة لتغيير القوانين، لن يفتحوا محافظهم بسرعة.

القدس العربي