قالت مجلة “لوبوان” الأسبوعية الفرنسية، إن النقاشات حول أوكرانيا تؤرق الاتحاد، الذي تبدو بعض بلدانه الـ27 حائرة ويشعر بعضها بالقلق رغم محاولتها إظهار الوحدة، لا سميا فيما يتعلق بعضويتها في حلف الناتو، وانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.
فالموضوعان ليسا محل إجماع، على الرغم من أنه، أي الإجماع، أمر ضروري في كلتا الحالتين، كما تشدد المجلة الفرنسية، موضحة أنه من جانب الاتحاد الأوروبي، تضغط المفوضية الأوروبية من أجل الانضمام السريع لأوكرانيا إلى التكتل، وتشدد على الجهود الهائلة التي يبذلها الرئيس فولوديمير زيلينسكي لإدخال المكتسبات الأوروبية في القانون الأوكراني ومحاربة الفساد المستشري في البلاد.
فرنسا، من جانبها، لا ترغب في التسرع في هذا الانضمام، وكذلك الحال بالنسبة لهولندا بدرجة أكبر. ففي باريس كما في لاهاي، هناك اتجاه لفتح أجزاء معينة من السوق الأوروبية الموحدة أمام المنتجات الأوكرانية. المشكل: الاستثناء الذي مُنح بالفعل للمنتجات الزراعية عبر “ممرات التضامن” للتحايل على الحصار الروسي أدى إلى رد فعل قوي في وسط أوروبا، حيث شهد الفلاحون البولنديون والهنغاريون والرومانيون والسلوفاكيون والتشيكيون والبلغاريون منافسة أوكرانية بأسعار مخفّضة.
وأشارت “لوبوان” إلى أن بولندا، التي كانت أول داعم لأوكرانيا، فرضت حصارا على الحبوب، بينما صادرت سلوفاكيا 1500 طن من القمح المحتوي على مبيدات حشرية محظورة في الاتحاد الأوروبي، ودمرت المجر، بدورها، أكثر من 29 طنا من الذرة الأوكرانية التي تحتوي على سموم وكائنات معدلة وراثيا، مسموح بها في أوكرانيا.
ردّت المفوضية على عجل بحزمة مساعدات بقيمة 100 مليون يورو، والتي بدورها أثارت احتجاجات من 13 دولة عضو، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وإسبانيا، الذين شعروا أن المفوضية لم تكن شفافة. وهذا يعني أن عضوية أوكرانيا غير ممكنة على المدى القصير أو المتوسط. سوف تنقلب السياسة الزراعية المشتركة رأساً على عقب.
و أكد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في نهاية اجتماع مجلس وزراء الدفاع الأوروبي، يوم 23 مايو، أنه “ليس هناك إرهاق من الحرب… منذ بداية الصراع، لم تتراجع المساعدات الأوروبية من حيث المعدات العسكرية، إذ تم حتى الآن تدريب 20 ألف جندي أوكراني في أوروبا مع استهداف 30 ألفا بحلول نهاية العام”.
إذا أضفنا جميع أشكال المساعدة (اللاجئين والأسلحة والمساعدات المالية) ، فإن الدول الأعضاء والاتحاد الأوروبي قد أنفقوا 61.7 مليار يورو في أوكرانيا منذ بداية الصراع ، منها ما يزيد قليلا عن 20 مليارا في شكل مساعدات عسكرية.
في حين، بلغ الدعم الأمريكي 71.3 مليار يورو، منها 43.2 مليار مساعدات عسكرية. ومع ذلك، فإن الأمريكيين يحرصون بشدة على عدم تسليم أي سلاح يمكن أن يتحدى روسيا بشكل مباشر.
و مع اقتراب قمة الناتو في فيلنيوس، لا يخطط جو بايدن لفتح الباب أمام عضوية أوكرانيا، ومثله المستشار الألماني أولاف شولتز، بينما يعتبرها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر إيجابية، بهدف ثني روسيا عن مواصلة الحرب.
يعتمد هذا الموقف التكتيكي على عقلانية معينة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي ما تزال افتراضية للغاية. على أي حال، لا يمكن عمل أي شيء دون موافقة المجر.
ففيكتور أوربان، الذي كان قبل الحرب يؤيد انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، لا يريد أن يسمع عن ذلك بعد الآن. وليس هناك من شك في السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الناتو أيضا.
يكرر رئيس الوزراء المجري ذلك بجميع النغمات: “من الواضح أنه لن يكون هناك انتصار للأوكرانيين في ساحة المعركة.. عليك أن تنظر إلى الواقع والأرقام وحقيقة أن حلف الناتو لن يرسل قوات”.
وبين التردد الأمريكي والفيتو الهنغاري، يبقى مستقبل أوكرانيا قيد الكتابة.
القدس العربي