يبذل رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي جهودا حثيثة من أجل بقاء مجموعات الإطار التنسيقي كتلة موحدة في الانتخابات المحلية المقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل. ولأن بعض التيارات داخل الإطار ترغب في أن تجرب حظّها في كتلة انتخابية مستقلة عن قوى الإطار الأخرى، يصبح انقسام الإطار التنسيقي أو بقاؤه موحدا مرتبطيْن بالقرار الذي سيتخذه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
ويقول مراقبون إنه لا توجد أي مفارقات في هذا الأمر، لأن الخصومات موجودة بين أطراف الإطار، إلا أن العداوة بينها وبين التيار الصدري هي التي أبقتها موحدة. وإذا قرر الصدر أن يدفع تياره إلى المشاركة في الانتخابات، فسوف تتراجع أطراف الخصومة عن اتخاذ قرار الانفصال.
ولكن إذا قرر الصدر، في واحدة من مفاجآته المعهودة، أن ينسحب من المشاركة، فسوف تفضل تلك الأطراف اختبار فرصها المستقلة. وهو ما يفيدها في المساومات المتعلقة بتقاسم الحصص في وزارات الحكومة ومؤسساتها الرئيسية الأخرى.
◙ الحديث عن مشاركة حتمية للصدر يهدف إلى إفزاع الأطراف التي تريد الانفصال عن الإطار وتذكيرها بأن “الاتحاد قوة”
وكانت التظاهرات المنددة بحرق القرآن في السويد قد وفرت للصدر فرصة معرفة ما إذا كان تياره لا يزال لاعبا مهمّا. كما أن التظاهرات التي أثارت ما يكفي من الضجيج وفّرت للمقربين منه سببا لتشجيعه على العودة إلى المشاركة في الانتخابات.
وعلى الرغم من أن توقعات مشاركة التيار الصدري في الانتخابات مازالت أولية، ولم يصدر بشأنها قرار معلن من جانب الصدر، فإن قياديين في هذا التيار يقولون إنهم يعتزمون دخول الانتخابات “عبر ثلاث قوائم انتخابية، حيث تكون هناك قائمة للعاصمة بغداد وقائمة لمدن الجنوب وقائمة انتخابية ثالثة لمدن الوسط”.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الصدر يريد أن يعلن مشاركة التيار بصفته الخاصة أم أنه يريد أن يشكل قوائم انتخابية مستقلة مدعومة من جانبه.
ودعا اضطراب التصورات حول مشاركة التيار الصدري أو شكلها أطرافا داخل الإطار التنسيقي إلى قبول المغامرة بالخروج عنه لطرح قوائم خاصة بها. وبالنظر إلى أن “الكل ضعيف” من وجهة نظر القاسم الانتخابي العالي البالغ 1.7 حسب نظام “سانت ليغو” الذي ستجرى الانتخابات على أساسه، فإن الأطراف الصغيرة داخل الإطار تحتاج إلى إنشاء تحالفات تجعلها قادرة على تخطي عتبة ذلك القاسم.
وهناك مساع يجري ترتيبها لبناء تيار جديد يسمى “تيار الاعتدال” ويتصدره عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، وحيدر العبادي زعيم ائتلاف النصر. وتقول مصادر مقربة من هاتين الشخصيتين إنهما تسعيان إلى ضم حركة الوفاء بزعامة عدنان الزرفي وحركة اقتدار وطن بزعامة عبدالحسين عبطان، وشخصيات وتيارات شيعية ذات توجه مدني.
كما أن هناك توقعات بأن تقتصر تحالفات “التشدد” على الجماعات التي تقود ميليشيات مسلحة لتضم كلاً من ائتلاف دولة القانون ومنظمة بدر وحركة عطاء وكتلة سند وحركة عصائب أهل الحق.
وهناك جانب آخر للانقسام يتعلق بالمسافة بين هذه الجماعات وبين الحرس الثوري الإيراني؛ ذلك أن “جماعات التشدد” هي الأقرب إلى الحرس، بينما “جماعات الاعتدال” هي الأقرب إلى جهاز المخابرات الإيراني “إطلاعات”.
ويقول قياديون في ائتلاف دولة القانون إن عودة الصدر إلى الانتخابات “باتت مؤكدة”، بعد تظاهرات التنديد بحرق القرآن، إلا أن الحديث عن هذه “العودة المؤكدة” يهدف إلى إفزاع الأطراف التي تريد الانفصال عن الإطار التنسيقي وتذكيرها بأن “الاتحاد قوة”.
ولكن هذه الأطراف تنظر إلى المسألة من زاويتين مختلفتين؛ الأولى أنها يمكن أن تحقق لنفسها مكانة توازي مكانة “جماعات التشدد” إذا امتنع الصدر عن المشاركة، والثانية أنها تستطيع أن تفتح قنوات التفاوض مع التيار الصدري لتشكيل الحكومات المحلية، إذا شارك التيار وحصل على نسبة معتبرة من مقاعد المجالس المحلية.
ويفيد هذا التصور بأنه إذا لم يجد المتشددون سبيلا للتحاور مع الصدر فإن “تيار الاعتدال” يمكن أن يتحاور معه، مما يبعده عن الحاجة إلى التحالف مع القوى الوطنية المعارضة، مثل قوى التغيير الديمقراطية التي تشكلت مؤخرا من تحالف عدة أحزاب وحركات تشرينية معارضة لنظام المحاصصة الطائفية.
ووفقا لهذا التصور يمكن ضرب عصفورين بحجر واحد؛ الأول هو إعادة الصدر إلى الحظيرة الطائفية التي ينتمي إليها، والثاني إضعاف مواقع الأحزاب المعارضة التي تتبنى سياسات مناهضة للمشروع الطائفي الذي تقوده إيران في العراق.
وكانت المفوضية العليا للانتخابات العراقية قد أكدت في الشهر الماضي منح إجازات لـ268 حزبا سياسيا جرى تسجيلها ككيانات سياسية، في إطار الاستعداد للمشاركة في الانتخابات المحلية، ومازالت هناك بقية وقت لتسجيل التحالفات بين هذه الأحزاب.
وستكون انتخابات مجالس المحافظات المحلية هي الأولى التي تُجرى في العراق منذ أبريل 2013، وتصدّرت خلالها القوائم التابعة لجماعة المالكي النتائج.
العرب