عودة “توتال” الصاخبة إلى العراق تؤكد رغبة ماكرون في جعل بغداد محور الالتزام الفرنسي تجاه المشرق

عودة “توتال” الصاخبة إلى العراق تؤكد رغبة ماكرون في جعل بغداد محور الالتزام الفرنسي تجاه المشرق

تحت عنوان: «العودة الصاخبة لشركة توتال إلى العراق»، قالت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية إن شركة توتال إنرجي الفرنسية عادت عبر الباب الكبير إلى العراق، حيث أبرم باتريك بوياني، الرئيس التنفيذي للشركة الفرنسية العملاقة، ووزير النفط حيان عبد الغني السواد، عقدًا ضخمًا لتقاسم إنتاج النفط بقيمة عشرة مليارات دولار في بغداد، يوم الإثنين. وهو عقدٌ إستراتيجي لبغداد بحثاً عن فوائد لسكانها، وللشركة الفرنسية متعددة الجنسيات العاملة في الطاقات المتجددة، والتي كادت تختفي من السوق العراقية بعد الغزو الأمريكي عام 2003.

أشاد رئيس شركة توتال «بيوم تاريخي» لإطلاق أربعة مشاريع عملاقة في قطاعات النفط والغاز والطاقة الشمسية والمياه، وذلك بعد اثنين وعشرين شهرًا من المفاوضات التي تميزت بالعديد من التقلّبات، والتي أتاحت، بحسبه، توطيد الشراكة بين الطرفين.

وأكد باتريك بوياني أن «الأمور على ما يرام (…)، وتحتفظ توتال إنرجي بـ %45 من المشروع، وشركة نفط البصرة %30، وتنضم إلينا قطر إنرجي بنسبة %25»، كما يوضح الرئيس التنفيذي لتوتال إنرجي.

ونقلت «لوفيغارو» عن دبلوماسي، لم تذكر اسمه، أن «العراق أدرك أن حرق غازه لا جدوى منه، وأنه قادر على إنتاج الكهرباء».

بتقليص اعتماد العراق على الغاز والكهرباء على إيران، حذّرَ البعض من رد فعل عنيف من طهران ضد شركة توتال إنرجي.

ستعمل توتال إنرجي وشركاؤها في حقل أرطاوي النفطي، على بعد سبعين كيلومترًا شمال غرب البصرة، المدينة الكبيرة في جنوب البلاد حيث تتركز آبار النفط الكبيرة، توضح «لوفيغارو»، مضيفةً أنه في المرحلة الأولى من المشروع المقرر أن تبدأ في عام 2028، سيتم استرداد الغاز من حقل أرطاوي، وكذلك من المواقع العملاقة غرب مدينة القرنة وجزيرة مجنون، من أجل إمداد الغاز لمحطات الكهرباء المحلية. وستنتج 1.2 جيغاوات من الكهرباء، أي ما يعادل استهلاك 300 ألف منزل في مدينة البصرة، التي تعاني، مثل باقي أنحاء البلاد، من انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر.

كما تنقل «لوفيغارو» عن لوران بارتيليمي، مدير العمليات في أرطاوي، توضيحه: «مع إنتاج 30 ألف إلى 50 ألف برميل يوميًا حاليًا، يعتبر أرطاوي حالياً حقلاً صغيراً، لكن لديه إمكانات كبيرة».

بحلول عام 2026، سيرتفع إنتاج أرطاوي إلى 210 آلاف برميل في اليوم. من خلال القضاء على الاحتراق الروتيني والتقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون، سيتم تقليل كثافة الكربون في الموقع بشكل كبير. كما ينص المشروع على إنشاء وحدة معالجة مياه البحر بطاقة 5 ملايين برميل في اليوم، توضح «لوفيغارو»، مضيفة أنه بالإضافة إلى ذلك،

ستقوم شركة توتال إنرجي و ACWA Power، الشريك السعودي، ببناء محطة طاقة شمسية بقدرة 1 جيغاوات، ما تزال في هذه المنطقة من البصرة، والتي ظلت خارج التطوير لمدة عشرين عامًا.

وتنقل «لوفيغارو» عن فراس عماد، مدير الموقع، في غرفة التحكم في أرطاوي، قوله: «هذا المشروع متعدد الأبعاد يعدّ ثورة بالنسبة لنا نحن العراقيين». فتَحْتَ أشعة الشمس الحارقة، ينتظر أكثر من مائة موظف عراقي بدء العمل في تطوير الموقع، حيث يعمل بالفعل حوالي ثلاثين أجنبيًا، على ما تشير الصحيفة الفرنسية.

ومضت «لوفيغارو» مشيرة إلى أنه عند توقيع العقد، شدد وزير النفط العراقي، ورئيس شركة توتال على الفوائد من حيث التوظيف وتحسين نوعية الحياة للسكان. كما أشارت الصحيفة إلى أنه في عام 2021، كانت شركة توتال مسؤولة، عند إبرام أول اتفاقية، عن إيجاد شركاء ماليين لتنفيذ الاستثمارات، ويوافق العراق على ألا يكون جزءًا منها. لكن في العام التالي، تم تشكيل حكومة جديدة، وظهرت صفقة جديدة بين الفصائل الشيعية المهيمنة على المشهد السياسي. واليوم، تريد بغداد حصتها في المشروع إذ تطالب بـ 40%.

ورأت «لوفيغارو» أن نجاح شركة توتال إنرجي يؤكد رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في جعل العراق محور الالتزام الفرنسي تجاه المشرق. وهو التزام يجب أن يتجسد في الخريف من خلال مشاركتها في النسخة الثالثة لما يسمى بمؤتمر بغداد، والذي يهدف إلى تطوير الشراكات الاقتصادية بين دول المنطقة […] لكن بتقليص اعتماد العراق على الغاز والكهرباء على إيران، حذّرَ البعض من رد فعل عنيف من طهران ضد شركة توتال إنرجي. ولدى سؤاله عن هذا الأمر، قال باتريك بوياني لـ «لو فيغارو» إن «إيران لم تلعب أي دور» طوال المفاوضات. لذلك لا ينبغي ممارسة القدرة الإيرانية المزعجة أثناء الإطلاق التشغيلي للمشروع.

القدس العربي