تحت عنوان: «مرة أخرى.. دول الاتحاد الأوروبي في مواجهة صداع أردوغان»، توقفت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية عند اجتماع وزراء خارجية الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، في مقر المجلس الأوروبي، لا سيما في ما يتعلق بالعلاقات مع أنقرة، وسبل نزع فتيل طلب الرئيس التركي لإعادة إطلاق عملية انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، متسائلة هل يلوح في الأفق تحسّن خجول في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا؟ لتردّ، في الوقت نفسه، على تساؤلها هذا بالقول إن التقارب هو في مصلحة كلا الطرفين.
الصحيفة: الأوروبيون ليس لديهم خيار سوى التصالح مع الرئيس التركي المعاد انتخابه، الجار الذي من المسلّم به أنه لا يمكن التنبؤ كثيراً بمواقفه.
وأضافت الصحيفة الفرنسية (يمينية التوجه) القول إن الأوروبيين ليس لديهم خيار سوى التصالح مع الرئيس التركي المعاد انتخابه رجب طيب أردوغان، الجار الذي من المسلّم به أنه لا يمكن التنبؤ كثيراً بمواقفه، ولكنه يعدّ ضرورياً أيضًا، نظرًا لدور بلاده الرئيسي في استقرار المنطقة، وموقفها الوسطي تجاه روسيا، أو مساعدته الثمينة في ملف الهجرة الأوروبي.
تضيف «لوفيغارو»: «بالمقابل، يحتاج الرئيس التركي بشدة إلى دعم الأوروبيين لطمأنة المستثمرين، لأن بلاده تمرّ بأزمة اقتصادية خطيرة. علاوة على ذلك، فتح هو نفسه الباب لاستئناف المناقشات، بطريقته الخاصة بالطبع، أي باستفزاز الاتحاد مرة أخرى، وذاك من خلال ربطه دعم انضمام السويد إلى الناتو بإعادة إطلاق المفاوضات من أجل انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، في بداية شهر يوليو الجاري، عشية انطلاق قمة الحلف في فيلنيوس».
وأكدت «لوفيغارو» أنه في بروكسل (مؤسسات الاتحاد الأوروبي) والعواصم الأوروبية، فاجأ شرط الرئيس التركي هذا الجميع وأزعجهم كثيرًا، بما في ذلك بعض القادة الأوروبيين الذين يطالبون بتدفئة العلاقات مع أردوغان. فقد أوضح المستشار الألماني أولاف شولتز للرئيس التركي أنه لا يمكن الربط بين موضوعي الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
واعتبرت «لوفيغارو» أنه لا يمكن تصوّر استئناف مفاوضات انضمام تركيا، التي جُمّدت في شهر يونيو من عام 2018، ما دامت أنقرة لا تنفّذ الإصلاحات التي طلبها الاتحاد الأوروبي، بشأن سيادة القانون واستقلال العدالة واحترام حقوق الإنسان.
علاوة على ذلك، اتخذت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي زمام المبادرة، من خلال التصويت، يوم الثلاثاء الماضي، على تقرير يُطلب فيه صراحةً من الدول السبع والعشرين، الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، عدم استئناف المفاوضات مع تركيا حول انضمامها إلى التكتل. وقالت هذه اللجنة، في بيان صحفي، إنه «يجب استكشاف سبل جديدة للتعاون» مع أنقرة، مشيرةً عن قصد إلى أن «مستوى توافق تركيا مع السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي قد انخفض إلى مستوى غير مسبوق».
وكانت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد طلبت من المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للسياسة الخارجية، جوزيب بوريل، في نهاية شهر يونيو الماضي، أن يُقدّم إليها تقريراً كاملاً عن تركيا، في شهر أكتوبر المقبل، وذلك من أجل رؤية أكثر وضوحًا، ولكن أيضًا لكسب القليل من الوقت، على ما تقول «لوفيغارو».
الصحيفة الفرنسية أوضحت أيضاً أن ألمانيا وإيطاليا ورومانيا والمجر تعتبر أنه من الأهمية بمكان دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، بالنظر إلى الحرب في أوكرانيا. بينما ينتظر آخرون، كفرنسا وهولندا، رؤية إشارات/ خطوات قوية من أنقرة.
في هذا الصدد، تنقل «لوفيغارو» عن دبلوماسي أوروبي (لم تذكر اسمه) تحذيره من مغبة أن «الإشارات والرسائل الواضحة يجب أن تأتي من السلطات التركية، بما في ذلك، مثلاً، وضع حد للالتفاف على العقوبات الروسية، حيث ارتفعت صادرات تركيا إلى روسيا بنسبة %62، في عام 2022، بينما زادت الصادرات بنسبة 103%».
يبقى الآن أن نرى ما يمكن أن يقدمه الأوروبيون لأردوغان، وما هي «الإشارات/ الخطوات» المتوقعة، في المقابل، من الرئيس التركي، تقول «لوفيغارو»، موضحةً، في هذا الصدد، أن السيد مارك بيريني، سفير الاتحاد الأوروبي السابق في تركيا، ليس لديه أوهام. يقول هذا الأخير: «سنجد أنفسنا في غموض تام كما كان من قبل. سنثير نفس الموضوعات، من تعميق الاتحاد الجمركي والتأشيرات واللاجئين».
«لوفيغارو»: بالمقابل، يحتاج الرئيس التركي بشدة إلى دعم الأوروبيين لطمأنة المستثمرين، لأن بلاده تمرّ بأزمة اقتصادية خطيرة.
فكيف يمكن بالفعل تعميق الاتحاد الجمركي، من خلال فتحه على وجه الخصوص للخدمات، في حين أن تركيا لا تحترم قواعد البضائع؟ تتساءل «لوفيغارو»، مؤكدة أن حوالي %70 من تجارة تركيا من حيث القيمة مغطاة برسوم جمركية إضافية. تتراوح المعدلات من 1.9 نقطة إلى 50 نقطة، وتتعلق بأكثر من ثلث خطوط التعريفة الجمركية التركية، ولا سيّما واردات المنسوجات والصلب والمنتجات الإلكترونية، وبشكل عام، كل تلك المصنعة على نطاق واسع من قبل الصين وجنوب شرق آسيا، كما تشكو مصادر داخل المفوضية الأوروبية.
في ما يتعلق بالتأشيرات، قالت «لوفيغارو» إنه من غير المرجّح أن يكون هناك تحرير كامل. على الأكثر، سيكون هناك تحرك نحو تسهيل عمل فئات معينة من السكان، ولا سيما رجال الأعمال. ويمكن للاتحاد الأوروبي أيضًا تقديم المزيد من الأموال لتركيا، من خلال مطالبة بنك الاستثمار الأوروبي بإقراض الأموال لتركيا. فقبل عام 2019، كان البنك الأوروبي يمنح أنقرة حوالي 2 مليار يورو كل عام.
القدس العربي