تسجل محاولة اغتيال وزير الدفاع اللبناني موريس سليم، أمس الخميس، نقطة لافتة في مسار عنف خطير تكاثرت وقائعه خلال الأيام الأخيرة الماضية بشكل مخيف.
تتوزع الحوادث الأخيرة على مساحة ممتدة من جنوب لبنان، حيث اندلعت اشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، قرب مدينة صيدا، وقتل قيادي في حزب «القوات اللبنانية» من بلدة عين إبل، مرورا ببلدة الكحالة المسيحية في البقاع اللبناني، على الخط الواصل إلى سوريا، حيث انقلبت شاحنة محملة بالذخائر لـ«حزب الله» وقُتل أحد عناصر الحزب وأحد أبناء البلدة في إطلاق نار متبادل، وانتهاء بالحازمية، أحد أحياء المنطقة الشرقية المسيحية في بيروت.
بعد انكشاف تفاصيل حادثة الكحالة آنفة الذكر تبيّن أن القتيلين ينتميان إلى جهات متحالفة سياسيا (حزب «الوعد» المتحالف مع «التيار الوطني» الذي هو حليف بدوره لـ«حزب الله») فهل يمكن اعتبار الواقعة دليلا على أن السياسة لا تحكم، وحدها، مسارات العنف في لبنان، وأن اليأس يخلي الطريق إلى الموت؟
تفيد الواقعة، مع ذلك، في إظهار أبعاد الأزمة التي يرزح تحتها اللبنانيون، والتي يمكنها أن تدفع اللبنانيين، بسهولة، من اليأس إلى الحرب، وخصوصا مع قدرة المنظومة السياسية اللبنانية الكبيرة على تصريف تفاصيل هذه الأزمة ضمن قنوات الطائفية والمحازبية والمحليّات الجغرافية، وهي نفسها القنوات التي أدت بلبنان إلى حالته الراهنة.
جاء حدث 4 آب/أغسطس، الذي سجّل ذكرى السنة الثالثة على انفجار مرفأ بيروت، ليمرّ بين النيران المتقاطعة لهذه الحوادث، معطيا خلفيّة سوداء لمشهد انعدام إمكانيات المحاسبة والعدالة، كما أعاد خروج رياض سلامة من رئاسة مصرف لبنان المركزي والعقوبات المنصبة عليه التذكير بالكارثة الهائلة التي دمّرت المنظومة السياسية اللبنانية خلالها الاقتصاد وسرقت مدخرات المودعين وهبطت بسعر العملة إلى الحضيض.
أضيف إلى ذلك تحذير دول خليجية عديدة رعاياها من دخول لبنان، وتهديد إسرائيل بحرب تعيد البلد «إلى العصر الحجري» ليظهر مشهد لبناني ينتظمه الفشل السياسيّ الذي يعبّر عنه العجز عن انتخاب رئيس جمهورية، وأشكال الغطرسة المسلّحة التي تلقي بظلالها على أغلب الوقائع الأمنية الأخيرة، وعمليات القتل لتصعد بإشارات الحرب، التي تشير إلى أن حرارة الوضع اللبناني اقتربت، على ما يبدو، من درجة الغليان.
القدس العربي