ضربات متلاحقة تستهدف قوات النظام السوري

ضربات متلاحقة تستهدف قوات النظام السوري

اشتعلت أخيراً جبهات قتال في شمال وجنوب وشرق سورية، بعد سكون نسبي، لتتلقّى قوات النظام السوري ضربات متلاحقة في أكثر من جبهة، ما يؤكد تهالك بنية هذه القوات خصوصاً في شمال غرب سورية، وفي شرقها حيث نشّط كما يبدو تنظيم “داعش” خلاياه على أطراف بادية دير الزور.

هجومان بريف اللاذقية
وقُتل وجُرح عدد من عناصر قوات النظام والمليشيات الموالية لها، أول من أمس الجمعة، بهجوم شنّه فصيل تابع لـ”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، سلطة الأمر الواقع في شمال غرب سورية، على محور قرية عين البيضا بريف اللاذقية الشمالي الشرقي. ورجحت مصادر محلية مقتل نحو 10 عناصر من قوات النظام وحلفائها، في حين أكد المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل ستة عناصر، بيد أنه قال إن الحصيلة “غير نهائية”، مشيراً إلى أن الفصيل استخدم أسلحة ثقيلة ومتوسطة في هجومه.

مصطفى البكور: الهجومان جاءا رداً على ارتكاب الطيران الروسي مجازر بحق المدنيين في شمال غرب سورية

وجاء هذا الهجوم بعد أيام من هجوم مماثل على محور تلة النبي يونس بريف اللاذقية الشمالي، ما أدى إلى مقتل ضباط من قوات النظام بينهم ضابط برتبة رفيعة.

وتسيطر “هيئة تحرير الشام” وفصائل أخرى على جانب من ريف اللاذقية الشمالي الشرقي المتاخم للحدود الإدارية لمحافظة إدلب، شمال غربي سورية. ولطالما شنّت هذه الفصائل هجمات على قوات النظام ومليشيات إيرانية ومحلية تساندها خلال السنوات الماضية، ما يفضي إلى مقتل وإصابة عناصر من هذه القوات.

تقارير عربية
جولة في غابة الفصائل السورية المسلحة
وقال العقيد مصطفى البكور، وهو قيادي في فصائل المعارضة السورية في شمال غرب سورية، لـ”العربي الجديد”، إن “الهجومين جاءا رداً على ارتكاب الطيران الروسي مجازر بحق المدنيين في شمال غرب سورية”. وبرأيه، فإنه “يجب أن تتسع رقعة هذه العمليات في ظل ارتباك قوات النظام بعد الحديث عن عمليات عسكرية ضد المليشيات الإيرانية في شرق سورية، وتراجع الدعم الروسي للنظام بسبب الحرب على أوكرانيا”.

“داعش” حاضر أيضاً
ولم يقتصر التصعيد ضد قوات النظام والمليشيات الإيرانية على الشمال الغربي من سورية، بل تعرضت لأكثر من ضربة في شرق سورية من قبل تنظيم “داعش”، الذي نشّط خلاياه في ريف دير الزور، جنوب نهر الفرات، وفي البادية.

وفي هجوم هو الأعنف خلال العام الحالي، قتل “داعش” أكثر من 30 عنصراً من قوات النظام الخميس الماضي باستهداف حافلة مبيت، كان على متنها العشرات من هذه القوات، على طريق مدينة الميادين بريف محافظة دير الزور الشرقي.

وأعلن تنظيم “داعش”، مساء الجمعة، مسؤوليته عن العملية، إذ قالت وكالة “أعماق” إن “مقاتلي التنظيم نصبوا كميناً محكماً لحافلتين عسكريتين، تقلان عشرات الجنود من الفرقة 17 التابعة للنظام، قرب قرية معيزيلة في بادية دير الزور”. وأضافت أن “الكمين النوعي أسفر عن مقتل نحو 40 عنصراً من قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها، وإصابة 10 آخرين على الأقل”.

من جهتها، نقلت وكالة “سانا” الرسمية التابعة للنظام عن مصدر عسكري تأكيده مقتل وإصابة عدد من عناصر النظام “جراء هجوم إرهابي استهدف حافلتهم في البادية على طريق المحطة الثانية جنوب شرق دير الزور”.

أما مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، فقال لوكالة “فرانس برس”، أمس السبت، إن “حصيلة قتلى الهجوم على حافلة الجيش ارتفعت إلى 33 جندياً”. ولفت إلى أن “التنظيم بدأ في الآونة الأخيرة تصعيد عملياته العسكرية الدموية، ووتيرة استهدافه لبعض النقاط، بهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى، في رسالة هدفها القول إن التنظيم لا يزال موجوداً ويعمل بقوة على الرغم من استهداف زعمائه”.

عبد السلام عبد الرزاق: الأسد لم يعد يستطيع تلافي الخلل في قواته المنتشرة على مساحات واسعة

وجاء الهجوم بعد أيام فقط من هجوم لا يقل ضراوة شنّه “داعش” على بلدة معدان عتيق بريف دير الزور الغربي، حيث هاجم حواجز وآليات تابعة لقوات النظام، ثم أضرم النار فيها قبل خروجه من البلدة، التي سيطر على أجزاء منها لساعات عدة. وكان التنظيم قد شنّ، الأسبوع الماضي أيضاً، هجوماً بالأسلحة الرشاشة وقذائف “آر بي جي”، على نقاط تمركز لمليشيا “فاطميون” الإيرانية في بادية المسرب بريف دير الزور الغربي، وفق مصادر محلية أشارت إلى أن الهجوم، الذي استمر ساعة، أدى إلى إصابة عدد من عناصر المليشيا.

ورأى المحلل العسكري النقيب عبد السلام عبد الرزاق، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن قوات النظام “في وضع هو الأسوأ نتيجة ضعف الدعم اللوجستي والإمداد في ظل الحالة الاقتصادية المنهارة في مناطق سيطرة بشار الأسد، لذلك بدت الضربات الموجهة إليه قوية ومؤثرة”. وتابع: “هو (الأسد) لم يعد يستطيع تلافي الخلل في قواته المنتشرة على مساحات واسعة، وبفقدان السيطرة تتعدد الولاءات والتبعيات”. ورجّح ازدياد وتيرة الهجمات ضد قوات النظام في المرحلة المقبلة، غير أنه لا يتوقع أن تكون هناك معارك واسعة تغيّر خرائط السيطرة في سورية، فـ”هذا أمر يرجع لقرار سياسي وليس للواقع العسكري”، وفق عبد الرزاق.

توترات في درعا
وفي الجنوب السوري، لا يزال التوتر سيد الموقف في محافظة درعا بعد أيام من تلقّي النظام ضربة من مجموعات محلية استهدفت واحداً من أشد الموالين له، والذي نفذ العديد من عمليات الاغتيال والاعتقال لصالح الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، فضلا عن دوره في ترويج المخدرات وتهريبها إلى الأردن. وشهدت درعا، الخميس والجمعة، أكثر من عملية اغتيال بحق متعاونين مع أجهزة النظام الأمنية في محافظة درعا، بسبب الانتهاكات التي يرتكبونها بحق المدنيين، بحسب “تجمع أحرار حوران” الذي ينقل أخبار الجنوب السوري.

وكان القيادي في جهاز الأمن العسكري مصطفى قاسم المسالمة، الملقب بـ “الكسم” والمدرج على قوائم العقوبات الغربية، لقي حتفه، الأربعاء، في انفجار عبوة ناسفة في منطقة الشيّاح بدرعا البلد. وقتل مع الكسم مراسل قناة “سما” الموالية للنظام فراس الأحمد، ومصور قناة “الإخبارية” التابعة للنظام أحمد المسالمة، ومرافق الكسم المدعو محمد رضوان المسالمة، أحد منفذي عمليات الاغتيال في مدينة درعا لصالح فرع الأمن العسكري. كما قُتل في الانفجار محققان في هذا الجهاز المعروف بفتكه بالسوريين قبل الثورة وأثنائها.

ودلّت هذه العملية على أن سيطرة النظام على محافظة درعا هشّة بعد مرور خمس سنوات على استعادتها وفق اتفاقات تسوية، لم تقد هذه المحافظة إلى الاستقرار. وتعد درعا وريفها منطلق عمليات تهريب واسعة النطاق للمخدرات إلى الأردن، الذي يواجه جيشه عصابات تؤكد كل التقارير والمعطيات أنها مرتبطة بالنظام وأجهزته، وبمليشيات إيرانية تقوم بعمليات التهريب التي تشكل قلقاً متزايداً ليس للأردن فحسب بل لدول الخليج العربي أيضا.

العربي الجديد