الاقتصاد البريطاني يفاجئ الأسواق بأفضل أداء منذ عام

الاقتصاد البريطاني يفاجئ الأسواق بأفضل أداء منذ عام

لندن – فاجأ الاقتصاد البريطاني الأسواق بتحقيق أقوى نمو ربعي منذ ما يزيد عن عام، وهو ما يشير إلى مروره بسلام حتى الآن من عاصفة ارتفاع تكاليف الاقتراض.

ونما الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في الفترة بين أبريل ويونيو الماضيين مدفوعا بالنشاط الصناعي وكذلك بقطاع الفنادق والمطاعم رغم التضخم ومخاطر الدخول في انكماش التي لا تزال قائمة.

وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية الجمعة بأن الاقتصاد صعد بواقع 0.2 في المئة خلال الربع الثاني مقارنة بالربع الأول الذي بلغ النمو فيه 0.1 في المئة، وهي أكبر نسبة نمو له منذ الربع الأول من 2022. فيما توقع بنك إنجلترا المركزي نمواً بنسبة 0.1 في المئة.

وعلى المستوى الشهري، قفز الناتج المحلي الإجمالي في يونيو بنصف نقطة مئوية، أي أكثر من ضعف النسبة التي توقعها المحللون الاقتصاديون والبالغة 0.2 في المئة.

وكان ناتجا التصنيع والبناء أقوى من المتوقع في يونيو على حد سواء، حيث انتعشا من الخسارة التي تكبداها في مايو الماضي بسبب الخسائر الاقتصادية الناتجة عن حفل تتويج الملك تشارلز الثالث.

ولفت مكتب الإحصاء إلى أن نشاط التصنيع استفاد أيضا من تراجع أسعار المواد التي كانت سجلت ارتفاعا كبيرا في خضم إعادة فتح الاقتصاد بعد انتهاء الوباء وتداعيات الحرب في أوكرانيا.

وقال دارين مورغان مدير البيانات الاقتصادية في مكتب الإحصاء إن “قطاع التصنيع شهد شهرا قويا” خصوصا صناعة السيارات والصيدلة. كما أن عودة الأحوال الجوية الجيدة أعطت زخما لقطاع الفنادق والمطاعم.

لكن بريطانيا لم تستعد بعد مستوى الذروة الذي سجلته قبل انتشار الوباء، كما أفاد مكتب الأبحاث بانثيون ماركو الذي يتوقع رغم ذلك أن تتجنب البلاد الدخول في انكماش لاسيما أن الرواتب لا تزال ترتفع فيما بدأ ارتفاع الأسعار يتباطأ.

وقفز الجنيه الإسترليني بعد نشر بيانات الناتج المحلي الإجمالي، ما يعزز بدوره احتمالات زيادة أسعار الفائدة.

وارتفع الإنفاق الاستهلاكي خلال الربع الثاني بنسبة 0.7 في المئة، في أكبر زيادة فصلية له منذ أكثر من عام. وقفز الاستثمار في الأعمال التجارية بنسبة 3.4 في المئة، وهي وتيرة مشابهة للربع السابق. كما طرأت زيادة كبيرة على الإنفاق الحكومي.

ويشعر بنك إنجلترا المركزي بالقلق من أن وتيرة نمو الاقتصاد، رغم انخفاضها نسبياً وفقاً للمعايير التاريخية، قد تفاقم ضغوط زيادة الأجور والأسعار.

ورغم انخفاض معدل التضخم مقارنة بأعلى مستوياته العام الماضي، إلا أنه ما يزال أكثر من ثلاثة أضعاف مستهدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المئة.

وما تزال المملكة المتحدة الدولة الوحيدة بين مجموعة السبع التي لم تتعاف بالكامل بعد من آثار الأزمة الصحية على الاقتصاد، حيث انخفض الإنتاج في الربع الماضي بنسبة 0.2 في المئة مقارنة بمستواه في نهاية 2019.

ونسبت وكالة فرانس برس إلى مارتن بيك الخبير الاقتصادي لدى إي. واي آيتم كلوب قوله إن “فواتير الطاقة تراجعت والتضخم يتباطأ، ما يعطي نفحة للأسر لكن أثر نسب الفوائد التي ترتفع قد يطغى” على هذه التحسينات ويمدد بطء النشاط الاقتصادي.

وحافظت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس على توقعاتها بشأن تسجيل “انكماش طفيف في وقت لاحق هذه السنة” مع أكبر أثر سلبي على نسب الفوائد “ستظهر نتائجه لاحقا”.

كما تتنبأ بلومبرغ إيكونوميكس بمعاناة الاقتصاد من ركود لمدة عام يبدأ في نهاية 2023. ورغم أنه سيكون ركوداً طفيفاً وفقاً للبيانات التاريخية، إلا أن هذا الانكماش سيُبقي الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى أقل من عام 2019 حتى سنة 2026.

وتشهد بريطانيا أزمة كلفة معيشة منذ أشهر مع ارتفاع التضخم بنسبة 7.9 في المئة في يونيو الماضي، وهي الأعلى في دول مجموعة السبع.

وتعاني الملايين من الأسر بالفعل بسبب اضطرارها لتجديد الرهون العقارية بأسعار فائدة أعلى بكثير الآن، بعدما كانت فوائدها ثابتة.

وفي دليل على آثار ارتفاع الأسعار على الاقتصاد، أعلنت سلسلة متاجر ويلكو منخفضة التكلفة، التي تبيع تجهيزات منزلية، الخميس الماضي إفلاسها بسبب عدم التمكن من إيجاد من يشتريها أو الحصول على تمويل جديد.

وأصبح زبائن ويكلو تحت ضغط مالي، ومع ارتفاع التكاليف، باتت حوالي 12.5 ألف وظيفة مهددة.

ومن أجل مكافحة التضخم، قام بنك إنجلترا بسلسلة طويلة من رفع نسب الفوائد وباتت الآن 5.25 في المئة ما يزيد بشكل كبير كلفة القروض للشركات والأسر التي تواجه خصوصا ارتفاعا كبيرا في قروضها العقارية.

وقال وزير المالية جيريمي هانت إن “الإجراءات التي نتخذها لمكافحة التضخم بدأت تؤتي ثمارها”، مضيفا أن “بنك إنجلترا يتوقع الآن منا تجنب الركود”.

وكان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك تعهّد بعيد توليه منصبه في أكتوبر الماضي، بخفض التضخم إلى النصف بعدما كان في حينه يتخطى 10 في المئة، كما دعم بنك إنجلترا في إجراءاته.

إلا أن المعارضة والنقابات تتهمان حزب المحافظين الحاكم بعدم القيام بما يلزم في مواجهة أزمة غلاء المعيشة. وتثير إستراتيجية البنك المركزي الانقسام حتى في صفوف لجنة السياسة النقدية.

وكان صندوق النقد الدولي عدّل في مايو الماضي توقعاته للاقتصاد البريطاني ورفعها مع توقع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4 في المئة لكل سنة 2023.

العرب