هل من رابط بين تصاعد التوتر الأميركي – الإيراني وأحداث لبنان؟

هل من رابط بين تصاعد التوتر الأميركي – الإيراني وأحداث لبنان؟

عكست سلسلة الأحداث الأمنية الأخيرة في لبنان، من اشتباكات مخيم عين الحلوة مروراً بحادثة مقتل إلياس الحصروني، المسؤول السابق في “القوات اللبنانية” لمنطقة عين إبل الجنوبية، وصولاً إلى واقعة بلدة الكحالة وشاحنة “حزب الله” المحملة بالسلاح التي أدت إلى مقتل مواطن وعنصر من الحزب، هشاشة الوضع الأمني وطرحت أكثر من علامة استفهام عن توقيتها وأسبابها، فيما اعتبر محللون كثر أن هذه الأحداث أثبتت كما في تجارب سابقة أن لبنان ساحة تتأثر بالتطورات الإقليمية السلبية.

ويؤكد كثيرون أن الأحداث التي شهدتها بلاد الأرز لا تنفصل عن الانسداد الإقليمي الذي يبدأ من أوكرانيا ولا ينتهي في سوريا، مروراً بالتوتر الأميركي- الإيراني حول الممرات المائية الحيوية في منطقة الخليج وما استتبعه من حشد متجدد للسفن الأميركية في بحر البلطيق، فيما خلفيته الأساسية هي تعثر الاتفاق النووي نتيجة رفض أميركا شروط طهران، وعلى خط الكباش الخفي الأميركي -الإيراني برز كلام جدي عن دور أميركي فاعل في مسار استكمال السلام العربي مع إسرائيل.

ويعتبر محللون أن هذا الحراك استفز الإيرانيين فكانت الرسائل واضحة من اليمن فسوريا إلى حقل الدرة النفطي الغازي وهو موضع نزاع بين السعودية والكويت من جهة، وإيران من جهة أخرى، وصولاً إلى مخيم عين الحلوة في لبنان.

يرى الكاتب السياسي قاسم قصير المقرب من “حزب الله” أنه من المبالغة ربط كل حدث أمني في المنطقة والمحيط بأحداث يشهدها لبنان، مستبعداً فرضية التصعيد الممنهج تنفيذاً لمخطط إيراني، فيما يعتبر العميد المتقاعد في الجيش اللبناني خليل الحلو أن “ما يدور حول لبنان مترابط بشكل أكيد وأولى إشاراته كانت أحداث مخيم عين الحلوة، بين حركة فتح والفصائل الفلسطينية المتشددة التي تدور في فلك إيران”، مستبعداً من جهة أخرى أي رابط بين أحداث الكحالة وما يحصل في المنطقة، على اعتبار أن نقل السلاح من قبل “حزب الله” ليس جديداً والشاحنات تمر يومياً من دون حسيب أو رقيب.

من أوكرانيا إلى الخليج

يوضح الحلو أن ما يحدث في أوكرانيا وفي أوروبا بشكل عام مرتبط بشكل أو بآخر بما يحصل في منطقة الشرق الأوسط، والرابط الأول بين الأحداث في المنطقتين هو عامل تصدير النفط والغاز الشرق أوسطي إلى أوروبا، بعد تعثر إدخال الغاز الروسي بسبب العقوبات على موسكو والذي يستدعي الحفاظ على أمن واستقرار الممرات الحيوية مثل قناة السويس ومضيق هرمز وباب المندب.

ويعتبر العميد المتقاعد في الجيش اللبناني أن تعزيز أميركا لقواتها في بحر البلطيق وحشد السفن هناك لهما علاقة بتمركز مستجد لقوات “فاغنر” في بيلاروس المحاذية لبولندا وسط تخوف أميركي من افتعال حرب جديدة بين الدولتين (بيلاروس وبولندا) يمكن أن تتحجج بها موسكو للوصول إلى ممر “كاليننغراد” التابع لروسيا لكنه منفصل جغرافياً عنها وملتصق بدول البلطيق الثلاث التي تنتمي لمجموعة “الناتو” بهدف عزلها عن بولندا.

لبنان صندوق بريد

التوتر الأميركي- الإيراني عاد ليطفو إلى سطح الشرق الأوسط من جديد بعد توقف الاتفاق النووي بسبب مطالبة طهران وفق ما يكشف العميد الحلو لـ”اندبندنت عربية” بضمانات تنص على عدم إلغائه في المستقبل من قبل أي إدارة جديدة والتعهد بعدم فرض عقوبات جديدة، وهو أمر من الصعب على الإدارة الحالية التعهد به، إضافة إلى إلغاء كل العقوبات، نظراً إلى وجود أكثر من 1500 عقوبة لها علاقة بالإرهاب لا يمكن إلغاؤها.

ومع تراجع حظوظ التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، لجأت الأخيرة إلى التحرش بالسفن المحملة بالنفط في مضيق هرمز وهي وسيلة ضغط تصيب أوروبا بشكل أساسي، مما دفع أميركا إلى إرسال أسطول بحري لضمان أمن الخليج.

وفي السياق نفسه يشرح الحلو التطورات الحاصلة على الحدود العراقية- السورية والحشد المستجد لما يصفه بـ”الميليشيات الإيرانية” هناك، رداً على التواصل الأميركي الحاصل مع بعض القبائل السنية وتشجيعها على إمساك الحدود في وجه “ميليشيات” إيران.

على عكس الحلو لا يعتبر الكاتب السياسي قاسم قصير أن هناك رابطاً بين التطورات في المنطقة والإقليم وما يحدث في لبنان من أحداث أمنية متنقلة يراها موضعية ومرتبطة بأسباب مباشرة، مستبعداً وجود مخطط بتوتير الوضع في لبنان، لكنه يتوقع في المقابل حصول تطورات أمنية سلبية إذا لم يحصل تفاهم سياسي.

ويرى قصير أن لا مصلحة لإيران أو لـ”حزب الله” بالتصعيد حالياً، لا سيما في ظل أجواء الحوار القائم بين الحزب و”التيار الوطني الحر”. مضيفاً أن “الأجواء في المنطقة متوترة ولهذا السبب يتم استخدام بعض الأحداث للزج بلبنان في الصراع السياسي والأمني الكبير”، وأردف “نحن في مرحلة قلقة وضاغطة جداً ولذا يزداد الخوف من تزايد الأحداث الأمنية في كل المناطق”.

اندبندت عربي