ما الذي يجري بين الجزائر والإمارات؟

ما الذي يجري بين الجزائر والإمارات؟

بثّت «وكالة الأنباء الإماراتية» أمس الجمعة خبر تلقي الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد آل نهيّان، رسالة من نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، خلال لقاء بين منصور بن زايد، نائب رئيس الدولة ونائب رئيس مجلس الوزراء، والسفير الجزائري في أبو ظبي، عمر فريتح. لم يخرج الخبر عن الديباجة المعهودة في الحديث عن «علاقات التعاون المشترك القائمة» و«استعراض القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».
تجمع البلدين، بالفعل، «قضايا مشتركة» يقف على رأسها موضوع إعادة نظام بشار الأسد إلى الجامعة العربية، وهو ما حصل فعلا، ولكن ليس بالتوقيت الذي أرادته الجزائر، أثناء القمة العربية التي جرت في عاصمتها، في تشرين ثاني/نوفمبر 2022، بل في قمة السعودية في أيار/مايو الماضي، وهو ما أثار، حينها، غضب الجزائر لانفراد الرياض بهذا الملف وتهميش جهود الجزائر فيه.
يلتقي البلدان، أيضا، لأسباب مختلفة، بعلاقة خاصة مع روسيا، حيث فتحت الإمارات أبوابها للمليارديرات الروس، وللأموال الروسية، فيما تابعت الجزائر موقفها الأيديولوجي القديم القريب من سياسات موسكو، وأكدته منذ الأزمة الأوكرانية بأكثر من طريقة.
ضمن الدوائر الأخرى التي تتلاقى، أو تشتبك، فيها السياسة الخارجية للبلدين، تشكل العلاقة مع المغرب (وملف الصحراء والبوليساريو) أولوية لدى الجزائر، وهو ما يقابله، تأثير الإمارات الإقليمي، كما هو الحال في اليمن، والانشغال بقضايا أمن الخليج وإيران. تمتد، بعد ذلك، نقاط «الاهتمام المشترك» إلى مناطق نفوذ وتأثير للبلدين في أفريقيا، مرورا بمسائل التطبيع مع إسرائيل، والموقف من المسألة الفلسطينية، وبالعلاقات مع القوى الكبرى، أمريكا والصين والاتحاد الأوروبي، وقضايا الطاقة.
من المؤكد أن محاولات الإمارات الحثيثة للتأثير في سياسات دول عربية وأفريقية تشغل الدبلوماسية الجزائرية، وقد وجد هذا صدى في مقالات صدرت في صحف جزائرية مؤخرا تهاجم الدور الإماراتي وتتهمها بلعب دور «الدولة الوظيفية» التي تستغل الخلافات الداخلية للدول للعب دور سياسي، وقد أشارت بعض التصريحات السياسية مؤخرا إلى «الزيارات المشؤومة لتونس» لخرطها في سياق التطبيع، والمقصود زيارة وزير الدولة الإماراتي شخبوط بن نهيان لتونس في التاسع من الشهر الجاري ولقاؤه الرئيس قيس سعيّد، كما تم ذكر محاولات مشابهة في موريتانيا، وأدوار لأبو ظبي في ليبيا والسودان ودول أخرى.
تصرّفت السلطات الجزائرية بحزم مع قناة محلية نشرت خبرا يقول إن خارجيتها أمهلت السفير الإماراتي 48 ساعة للمغادرة، على خلفية مزاعم اكتشاف شبكة جواسيس إماراتيين يعملون لصالح الموساد، وترافق نفي الخبر مع تحميل مسؤوليته لوزير الإعلام الجزائري وإقالته. لكن، وبعد خمسة أسابيع على الحدث المذكور، نشرت صحيفة «الخبر» تقريرا بعنوان «أبو ظبي عاصمة التخلاط» يتهم الإمارات بقضايا خطيرة، منها التجسس، وبالضغط على دول عربية وأفريقية لزجها في مسار التطبيع مع إسرائيل، وحتى نشر المخدرات.
تشير الوقائع الآنفة إلى محاولات لدى المنظومة السياسية الجزائرية، للموازنة بين الغضب والقلق المتصاعد من منافسة الإمارات الشرسة للجزائر على مجالات تعتبرها حيويّة، جغرافيا وسياسيا، ومحاولة مجاراتها براغماتيا، للوصول إلى قضايا مفيدة «ذات اهتمام مشترك» يمكن البناء عليها معا.
تتسم هذه المحاولات الجزائرية بصعوبة شديدة، وهو أمر لا يمكن لرسالة من تبون إلى محمد بن زايد أن تجد حلا له!