نيويورك – اتسعت موجة هروب الاستثمارات من الأسواق الناشئة خلال الشهر الماضي، بعد قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) برفع أسعار الفائدة لمرتين متتاليتين في الربع الثاني من هذا العام.
وتؤكد المعطيات أن معنويات المستثمرين تجاه الأسواق الناشئة ظلت منخفضة منذ بداية 2022، لكنها تدهورت كثيرا في الأسابيع الأخيرة بسبب الخسائر الكبرى التي منيت بها في عدة أسواق باستثناء الصين.
وأظهرت بيانات معهد التمويل الدولي أن الأسواق الناشئة عانت للشهر الرابع على التوالي من تخارج محافظ الاستثمارات الخارجية، في أطول سلسلة خسائر في سبع سنوات، في وقت تثير فيه مخاوف الركود والتضخم انزعاج المستثمرين.
وبحسب تقرير المعهد فإن التدفقات النقدية الخارجة تُثقل كاهل الأسواق الناشئة مع تصاعد القلق على المستوى الجيوسياسي وتشديد السياسات النقدية ومعدلات التضخم المرتفعة، وذكر أن استمرار التقلبات في أسواق الأسهم أضر على نحو كبير بالتوقعات.
جوناثان فورتون: الفائدة المرتفعة وصدمة التضخم تزيدان كمية الأعباء
وتعيش الأسواق حاليا في صدمة معدلات التضخم وأسعار الفائدة العالمية المرتفعة، مع ارتفاع عائدات السندات الحكومية طويلة الأجل بشكل حاد لدى الاقتصادات المتقدمة.
وشهد شهر يونيو عمليات تخارج محافظ غير المقيمين بقيمة بلغت 4 مليارات دولار، بحسب البيانات التي نشرت في وقت مبكر الخميس، مقارنة بقيمة التخارج التي بلغت 5.1 مليار دولار في مايو.
وأرقام الشهر الماضي تأتي على النقيض من تدفقات دخلت إلى الأسواق الناشئة بقيمة بلغت 55.8 مليار دولار التي تم تسجيلها قبل عام.
ويتشابه سيناريو التخارج الحالي مع سلسلة من عمليات التخارج على مدى أربعة أشهر انتهت في أكتوبر 2015. وبلغ صافي عمليات التخارج خلال الأشهر الأربعة الماضية 27.8 مليار دولار.
وقال جوناثان فورتون الخبير الاقتصادي بالمعهد في بيان “نعيش في خضم معدل فائدة عالمي وصدمة تضخم زائد”.
وارتفعت عائدات السندات الحكومية طويلة الأجل بشكل حاد في الاقتصادات المتقدمة، مما أدى إلى صعوبة الأوضاع المالية، والضغط على النمو، وزيادة المخاوف من المخاطرة. هذه الآلية تؤثر بالسلب على التدفقات إلى الأسواق الناشئة”.
ورأى فورتون أن تلك المعطيات تؤدي إلى المزيد من الأعباء على الاقتصادات الناشئة.
وكانت عمليات التخارج في يونيو التي بلغت قيمتها 19.6 مليار دولار من محافظ الأسهم في الأسواق الناشئة باستثناء الصين هي الأكبر في شهر منذ مارس 2020، عندما أُصيبت الأسواق بالذعر مع بدء فرض إجراءات العزل العام بسبب الوباء.
وبحسب التقرير فإنه “خلال الأشهر المقبلة، ستؤثر عدة عوامل على ديناميكية تلك التدفقات، من بينها توقيت ذروة التضخم كما ستكون التوقعات بشأن الاقتصاد الصيني في بؤرة الاهتمام”.
وأفاد المعهد بأنه على الرغم من القراءة الحالية، فإن بعض الأسواق الناشئة الكبرى بدأت في الارتفاع مقارنة بالاقتصادات المتقدمة.
معنويات المستثمرين تجاه الأسواق الناشئة ظلت منخفضة منذ بداية 2022، لكنها تدهورت كثيرا في الأسابيع الأخيرة بسبب الخسائر الكبرى التي منيت بها في عدة أسواق
وأدت هذه الوضعية إلى وجود معدلات فائدة حقيقية طويلة الأجل أعلى بكثير من النظراء في مجموعة دول العشر، وهو ما قد يتيح بعض الحماية من صدمة سعر الفائدة العالمي.
ويأتي تقرير المعهد تزامنا مع تقارير تفيد بخروج صناديق عالمية من الأسواق الناشئة في آسيا، حيث ذكرت وكالة بلومبرغ مطلع هذا الأسبوع أن تلك الصناديق باعت أسهما بقيمة بلغت نحو 40 مليار دولار في سبعة أسواق إقليمية خلال الربع الماضي.
ويعطي هذا الرقم تأكيدا على أنها تجاوزت أي فترة ثلاثة أشهُر هيمنت عليها ضغوط نظامية منذ العام 2007.
وكانت أكبر عمليات البيع في سوقي تايوان وكوريا الجنوبية، فضلا عن الهند المستوردة للطاقة، فيما تكبّدت السندات الإندونيسية تدفقات تخارج ضخمة من قِبل المستثمرين الأجانب.
وسحب الأجانب أسهما من تايوان تقدر بنحو 17 مليار دولار، كما شهدت الأسهم الهندية مبيعات بقيمة 15 مليار دولار، فيما بلغت في كوريا الجنوبية 9.6 مليار دولار، متجاوزة أيضا الفترات السابقة.
وفقدت الديون الإندونيسية أفضليتها، إذ بيعت سنداتها مرتفعة المخاطر بشكل أكبر من نظيراتها الإقليمية، وسط مخاوف من حدوث ركود عالمي.
العرب