هل سنشهد تطبيعا سعوديا مع إسرائيل؟

هل سنشهد تطبيعا سعوديا مع إسرائيل؟

حسم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الجدل الذي كان قد تصاعد مؤخرا حول إمكانية تطبيع بلاده مع إسرائيل بالتأكيد، في مقابلة عقدها في مدينة نيوم السعودية مع قناة «فوكس نيوز» الأمريكية، على أن المفاوضات ما تزال جارية وأن الاتفاق مع تل أبيب «يقترب كل يوم».
تداعت بعد المقابلة تعليقات عديدة كان لافتا بينها تصريحات للملك الأردني، عبد الله الثاني، الذي قال إن هناك شيئا تريده السعودية، وشيئا يريده الإسرائيليون، وشيئا يريده الأمريكيون، وإن ما يجب إضافته إلى هذه المعادلة هو «ما الذي سيناله الفلسطينيون منها»؟
توضيح الملك إلى أهمية أخذ الفلسطينيين بالاعتبار استدعى بالضرورة نقدا ناعما لما سمي بـ«اتفاقات أبراهام» التي «بدأت شيئا ما» لكنها، على حد تعبيره، «لن تحقق أبدا التطلعات التي نريدها جميعا ما لم تحلّ مشكلة الفلسطينيين» ولخّص عبد الله الثاني القضية بتشبيه بليغ حين قال إنه «من غير الممكن القفز بالمظلة فوق الفلسطينيين للتعامل مع العرب».
بدت تصريحات مستشار الرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، أشبه برد على انتقادات الملك الأردني لمسار «اتفاقات أبراهام» حيث قال إن «اتفاقات أبراهام ناجحة ومستمرة على المستوى الاستراتيجي بغض النظر عمن يرأس الحكومة الإسرائيلية» مؤكدا أن بلاده «منحت الفلسطينيين شيكا على بياض لكنهم لم يفعلوا أي شيء» وأن الاتفاقيات «لم تصمم بهدف حل القضية الفلسطينية».
يشير التصريح الأول لقرقاش إلى أن تطبيع الإمارات (ونظرائها) مع إسرائيل لا يتعلّق بسياسات حكومتها تجاه الفلسطينيين (أو الإسرائيليين أنفسهم) فهذه الاتفاقات «استراتيجية»!
يشير التصريح الثاني عن «الشيك على بياض» على ما يظهر، إلى ما سمي حينها بـ«صفقة القرن» والتي عرضت فيها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب تنازل الفلسطينيين عن حقوقهم التاريخية مقابل «تحسين شروطهم الاقتصادية» أما تصريحه الثالث عن أن اتفاقيات ابراهام لم «تكن لحل القضية الفلسطينية» ففيه تناقض منطقيّ لأن «صفقة القرن» كانت اقتراحا لـ«حل القضية الفلسطينية» ليس باعتبارها قضية تاريخية وسياسية معقدة نشأت مع نشوء إسرائيل واحتلالاتها للأراضي العربية ولكن باعتبارها «صفقة مالية».
من المهم معرفة ما هو موقف ولي العهد السعودي من هذه المسألة، لكن الواضح أنه يفترق عن موقف الإمارات التي صنعت «اتفاقا استراتيجيا» مع إسرائيل عبر التخلّي عن الفلسطينيين، ولكنه لا يتطابق (لأسباب سياسية وجغرافية عديدة) بالضرورة (على ما يظهر، من تصريح الملك عبد الله الثاني) مع موقف الأردن الذي يدرك أن تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني سيعني استمرارا دمويا للصراع مع إسرائيل.
حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن «السلام مع الفلسطينيين» حسب بعض الآراء الصحافية الإسرائيلية، هو «ضريبة كلامية رفعا للعتب الأمريكي» ويعود هذا طبعا لكونه يترأس حكومة يمينية متطرّفة تعمل على تنفيذ مخططات إجرام فظيعة ضد الشعب الفلسطيني، وتأمل، في الوقت نفسه، أن تحصل على اتفاق تطبيع مع السعودية من دون بنود حقيقية لصالح الفلسطينيين.
يتعلّق حصول اتفاق تطبيع، إذن، بتوازن حرج بين قدرة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على الحصول على موافقة الكونغرس على مطالب الرياض، المتمثلة بمشروع نووي مدني، وباتفاق دفاع، وقدرته على الضغط على حكومة نتنياهو لوقف إجرامها بحق الفلسطينيين؛ وبتمسك السعوديين بمطالبهم و«عدم القفز بالمظلة فوق الفلسطينيين».