يعتقد دبلوماسيون ومحللون أن الهجوم الفلسطيني الذي وقع على إسرائيل يوم السبت، والذي ربما يكون الأكثر دموية والأكبر على الإطلاق، سيغير بشكل كبير الحسابات الدبلوماسية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط ويحرم واشنطن من أي نفوذ لها في التأثير على إسرائيل.
وذكرت صحيفة “لوس أنجليس تايمز” الأمريكية أنه من المؤكد أن إسرائيل سترد بهجوم مباشر كامل على قطاع غزة الذي تحكمه حماس وربما على أجزاء من الضفة الغربية، وهو الأمر الذي وصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالفعل بأنه حرب شاملة. ويقول الخبراء إنه ليس من المستبعد تنفيذ توغل بري في قطاع غزة بعد 18 عاما من انسحاب إسرائيل منه.
والسؤال الملح والذي يطرح نفسه حاليا هو ما إذا كان القتال سيمتد إلى مناطق أبعد في المنطقة، ليشمل لبنان أو مناطق أخرى حيث يتمركز المسلحون المعادون لإسرائيل، بما في ذلك حزب الله.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع الارتفاع المتزايد في عدد القتلى من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على مدار يوم السبت، فإن أسر عدد كبير من الرهائن الإسرائيليين من قبل مسلحين فلسطينيين من حماس تسللوا إلى جنوب إسرائيل يشكل عاملا جديدا له عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
ولفتت إلى أن الخسارة الأخرى المباشرة لجولة العنف غير المسبوقة ستكون الجهود التي تدعمها الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وهي خطوة كانت تكتسب زخما خلال الأسابيع الأخيرة.
وتطالب السعودية من أجل إبرام ذلك الإتفاق بعدد من التنازلات من الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك الخطوات التي من شأنها أن تقرب الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة.
ويقاوم نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة بحزم هذه التنازلات، على الرغم من إصرار إدارة بايدن على “حل الدولتين”، كما هو معروف.
وقال آرون ديفيد ميلر، مبعوث الشرق الأوسط المخضرم السابق والذي يعمل حاليا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “لقد تلاشى تماما أي نفوذ كان لدى إدارة بايدن” لانتزاع تنازلات من نتنياهو لتحسين ظروف الفلسطينيين.
وأضاف ميلر خلال مقابلة: “على الرغم من أن التطبيع لم يمت بعد، إلا أنه تعرض لضربة قوية. لا نعرف إلى أين يتجه كل هذا، لكن الدماء ستراق على جميع الجوانب”.
وقال عدد من المحللين إنه من المستحيل في هذه المرحلة، بعد التعرض للصدمة من مستوى المذبحة، أن يقدم أي رئيس وزراء إسرائيلي تنازلات للفلسطينيين. وبالمثل، فإن ارتفاع عدد الشهداء بين المدنيين الفلسطينيين من شأنه أن يعقد أي مبادرات قد يكون السعوديون على استعداد للقيام بها تجاه إسرائيل.
وكان من المقرر أن يتوجه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل ومدينة رام الله الفلسطينية والسعودية الأسبوع المقبل، لكن قد يتم إلغاء هذه الرحلة الآن، أوعلى أقل تقدير، ستصبح مهمة للتعامل مع أزمة دبلوماسية بدلا من بذل جهود لإحراز تقدم في مسألة تطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية.
في غضون ذلك، في واشنطن، قفز البيت الأبيض إلى وضع الأزمة. وانضم بلينكن إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن وغيره من كبار المسؤولين في الأمن القومي لاجتماعات طارئة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن بلينكن يجري اتصالات هاتفية مع زعماء العالم في محاولة لاتخاذ قرار بشأن مسار العمل.
وكانت الإدانة الأمريكية للهجوم المفاجئ الهائل موحدة وعامة. كما كانت الحكومات الأوروبية، التي عادة ما تكون أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين من الإدارات الأمريكية، شديدة الانتقاد للهجوم.
وقال بايدن إنه اتصل هاتفيا بنتنياهو “لإدانة الهجمات المروعة والمستمرة في إسرائيل بشكل لا لبس فيه”.
وتابع بايدن في بيان: “لقد أوضحت لرئيس الوزراء نتنياهو أننا مستعدون لتقديم كل وسائل الدعم المناسبة لحكومة وشعب إسرائيل”.
وأضاف “الإرهاب لا يمكن تبريره أبدا. إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها وعن شعبها. تحذر الولايات المتحدة أي طرف آخر معاد لإسرائيل من محاولة الاستفادة من هذا الوضع. إن دعم إدارتي لأمن إسرائيل راسخ ولا يتزعزع”.
وقال بلينكن في بيان: “نحن نتضامن مع حكومة وشعب إسرائيل، ونقدم تعازينا في الأرواح الإسرائيلية التي فقدت في هذه الهجمات”.
وأضاف “سنبقى على اتصال وثيق مع شركائنا الإسرائيليين. والولايات المتحدة تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.
وقال وزير الدفاع لويد أوستن إن البنتاغون “سيعمل على ضمان حصول إسرائيل على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها وحماية المدنيين من العنف العشوائي والإرهاب”. دون الخوض في مزيد من التفاصيل.