أنقرة – قالت وزارة الدفاع التركية السبت إن قواتها “حيّدت” ما لا يقل عن 14 مسلحا كرديا في هجمات خلال الليل على مواقع للمسلحين في شمال سوريا. ويأتي ذلك ليظهر أن أنقرة لا تنوي التراجع بالرغم من الاحتكاك الأخير مع الولايات المتحدة بعد إسقاط القوات الأميركية مسيرة تركية شمال سوريا. وتصاعد الصراع في المنطقة بعد نحو أسبوع من وقوع هجوم بقنبلة في أنقرة.
وقالت تركيا الأسبوع الماضي إن أي أهداف تابعة لحزب العمال الكردستاني المحظور ووحدات حماية الشعب الكردية السورية هي “أهداف مشروعة” لقواتها، بعد أن أعلن حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عن تفجير وقع يوم الأحد في أنقرة وأسفر عن إصابة اثنين من رجال الشرطة ومقتل المهاجمين المنفذين له.
وذكرت تركيا أن المهاجمين دخلا تركيا من سوريا، لكن قوات سوريا الديمقراطية نفت ذلك. ومنذ وقع الهجوم، شنت أنقرة وابلا من الضربات الجوية والهجمات على أهداف للمسلحين في شمال سوريا والعراق، بينما كثفت العمليات الأمنية في الداخل.
وقالت وزارة الدفاع التركية “تم تنفيذ ضربات قوية على أهداف تابعة لإرهابيي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون وعملية نبع السلام بشمال سوريا طوال الليل”، في إشارة إلى المناطق التي شنت فيها تركيا هجمات عبر الحدود في وقت سابق.
وأضافت الوزارة “وفقا للنتائج الأولية، تم تحييد 14 إرهابيا على الأقل”، مستخدمة المصطلح الذي يعني عادة القتل. وأعلنت الوزارة في وقت متأخر من مساء الجمعة أن الجيش التركي نفذ ضربات جوية في شمال سوريا ودمر 15 هدفا للمسلحين.
وكرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، السبت، تحذيره من أن تركيا “قد تنفذ ضربة فجأة بين عشية وضحاها”، وهو مصطلح كثيرا ما يستخدمه لاستهداف المتشددين في سوريا والعراق.
وأضاف “سننفّذ إستراتيجيتنا لاجتثاث الإرهاب من جذوره بكل إصرار، وسنحاسب حزب العمال الكردستاني ومنظمة فتح الله غولن الإرهابية وداعش على كل قطرة دماء أراقوها”، في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية وحركة رجل الدين التركي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016.
وتصنف تركيا وحدات حماية الشعب على أنها منظمة إرهابية، وتقول إنه لا يمكن تمييزها عن حزب العمال الكردستاني الذي حمل السلاح في مواجهة الدولة التركية منذ عام 1984 في صراع قتل فيه أكثر من 40 ألفا.
وتصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني، وليس وحدات حماية الشعب، على أنه منظمة إرهابية. ووحدات حماية الشعب هي أبرز مكون في قوات سوريا الديمقراطية المشاركة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وقد تسبب الدعم الأميركي للوحدات منذ فترة طويلة في توتر العلاقات مع تركيا.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الولايات المتحدة أسقطت يوم الخميس طائرة تركية مسيرة مسلحة كانت تحلق بالقرب من قواتها في سوريا، وهي المرة الأولى التي تسقط فيها واشنطن طائرة تابعة لتركيا حليفتها في حلف شمال الأطلسي، مما يسلط الضوء على تصاعد التوتر بين الجانبين.
وأجرت أنقرة وواشنطن سلسلة من الاتصالات عقب ذلك، إذ قالت تركيا إنه سيتم تحسين آليات منع الصراع بين الأطراف على الأرض، لكنها توعدت بمواصلة الضربات التي تستهدف المسلحين في سوريا والعراق.
وقالت تركيا التي شنت عدة توغلات في شمال سوريا استهدفت وحدات حماية الشعب، إن تنفيذ عملية برية في سوريا خيار يمكن أن تدرسه. وأبلغ وزير خارجية تركيا هاكان فيدان نظيره الأميركي أنتوني بلينكن بأن الضربات الجوية التي تشنها أنقرة في سوريا ستستمر على الرغم من إسقاط الولايات المتحدة مسيّرة تركية.
◙ أنقرة تؤكد أن الأهداف التابعة لحزب العمال الكردستاني المحظور ووحدات حماية الشعب الكردية السورية هي “أهداف مشروعة” لقواتها
وجاءت المحادثة الهاتفية بين فيدان وبلينكن غداة إسقاط مقاتلة أميركية مسيّرة قتالية تركية كانت تستهدف القوات الكردية المدعومة من واشنطن في سوريا. وتعد الواقعة الأولى من نوعها بين البلدين المنضويين في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وقال فيدان لبلينكن إن “عمليات مكافحة الإرهاب التركية في العراق وسوريا ستستمر بعزم”، بحسب ما أفاد مصدر دبلوماسي تركي بعد المحادثة الهاتفية. وقال المصدر الدبلوماسي إن البلدين توصلا إلى اتفاق بشأن سبل تهدئة الصراعات المستقبلية في المنطقة “بطريقة لا تعرقل معركتنا ضد الإرهاب”. وصعّدت تركيا غاراتها الجوية عبر الحدود ضد أهداف كردية في شمال شرق سوريا وشمال العراق ردا على هجوم في أنقرة أسفر عن إصابة شرطيين الأحد.
وأعلن فرع لحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه تركيا وحلفاؤها الغربيون منظّمة إرهابية، مسؤوليته عن أول هجوم من نوعه في أنقرة منذ العام 2016. وخلصت تركيا إلى أن المهاجمين اللذين قتلا في هجوم أنقرة جاءا من سوريا. وتستهدف العملية التركية في سوريا في المقام الأول منشآت نفطية وغيرها تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية. ووصفت الرئاسة التركية الجمعة الدعم الأجنبي لوحدات حماية الشعب الكردية بأنه “حماقة كبرى”.
العرب