منح مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل، هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية الإذن ببيع النفط الخام ومكثفات الغاز إلى حد أقصى قدره 134 ألف مليار تومان من أجل تعزيز البنية الدفاعية. ويعادل هذا المبلغ بيع 104 ملايين برميل من النفط، أي نحو 21 في المئة من إجمالي الصادرات النفطية الإيرانية.
وبناء على ما ورد في التقرير الذي نشره موقع “تجارت نيوز”، فقد أدرج هذا الإذن في الفقرة (ب) من المادة الـ4 من مشروع قانون الموازنة العامة للعام الإيراني (1403) المقبل الذي يبدأ بتاريخ 21 مارس (آذار) 2024. وجاء في مشروع قانون الموازنة للعام المقبل أنه في حال تخلف الحكومة عن دفع الموازنة المقررة للمؤسسات العسكرية، تلتزم شركة النفط الوطنية الإيرانية وبموافقة منظمة التخطيط والموازنة، بدفع الموازنة المقررة لهذه المؤسسات من خلال تسليم كميات من النفط أو مكثفات الغاز للأشخاص الاعتباريين الذين تعرفهم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة.
وبموجب القانون فإن احتكار بيع وتصدير النفط الإيراني هو خاص بشركة النفط الوطنية الإيرانية. ووفقاً للمادة 19، الميزانية الأولى التي قدمها الرئيس إبراهيم رئيسي للبرلمان عام 2021، فقد حصل بعض الأشخاص على مثل هذا الإذن تحت عناوين عامة (الأشخاص المعتمدون من قبل الهيئات التنفيذية). إلا أن هذه المرة، تم ذكر أسماء المؤسسات العسكرية التي يسمح لها ببيع النفط الخام. يذكر أنه قبل هذا، كانت إدارة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قد منحت الإذن لكن من دون أن يأتي ذكر ممن حصل على الإذن في مشروع الموازنة العامة.
الالتفاف على العقوبات
قدمت حكومة رئيسي مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل إلى البرلمان يوم الأربعاء الماضي. وبموجب مشروع قانون الميزانية، منحت الحكومة مرة أخرى الكيانات غير النفطية إمكانية بيع النفط من أجل الالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران. وبناء على التجارب السابقة، فإن هذا الإجراء سيؤدي بالضرورة إلى دخول العديد من المجموعات والشركات والأشخاص إلى عملية بيع النفط. وستتولى المؤسسات الأمنية والعسكرية تنفيذها والتي لا تخضع لا للرقابة ولا للمحاسبة.
تتمتع المؤسسات العسكرية وعلى رأسها الحرس الثوري بسلطات موازية للحكومة. امتلاك الحرس الثوري، للسلاح والأجهزة الأمنية والحق في التدخل في الشؤون الدولية وإمكانية القيام بعمليات داخلية وخارجية والوسائل الإعلامية والمرئية والإلكترونية والقيام بمشاريع اقتصادية كبيرة والتأثير على السياسة من خلال تواجده في البرلمان والحكومة ومجلس تشخيص مصلحة النظام، مكّنه من التأثير في المجريات السياسية وقمع الشارع الإيراني.
وتحدث موقع “تجارت نيوز” في تقريره أنه في السابق كانت تخصص الحكومة سنوياً 4.5 مليار يورو (4.9 مليار دولار) من حصة النفط الخام ومكثفات الغاز للوزارات من أجل تنفيذ وتكميل مشاريع البناء. ويبدو أن مسألة الانتهاء من مشاريع البناء والتطوير لم تعد ذات أولوية مقارنة بتعزيز البنية العسكرية.
حكومة موازية
في السنوات الماضية، أصبح للحرس الثوري الإيراني حكومة موازية لها الحق في بيع النفط في الأسواق العالمية. وكما يبدو، فإن الوضع سيستمر على ما هو عليه في العام المقبل. هذه المؤسسة العسكرية لم تعد بحاجة الآن إلى أن يخصص لها ميزانية مالية. ومن خلال بيع النفط وجني الأموال بحجة تعزيز البنية التحية العسكرية الإيرانية، فهي ليست بحاجة إلى الحكومة والمؤسسات الحكومية الأخرى. وقد أدى هذا الإجراء في عهد محمود أحمدي نجاد إلى حدوث اختلاسات تاريخية ضخمة في البلاد.
وبناء على ما ورد في تقرير “تجارت نيوز”، في الفقرة الأولى من الموازنة العامة للعام الجاري، فقد تم تحديد إطار يتم بموجبه السماح لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة وفي مرحلتين منفصلتين، الأولى: 3 مليارات يورو (3.28 مليار دولار)، وأما الثانية: مليار و500 مليون يورو (1.64 مليار دولار)، ببيع النفط. وخصصت المرحلة الأولى لتعزيز البنية التحتية العسكرية وأبحاث الدفاع الاستراتيجي وسداد الالتزامات المتعلقة بالخطط الدفاعية، بينما المرحلة الثانية خصصت للمشاريع التي تعمل لرفع الحرمان، استناداً إلى الإطار المحدد في الجدول رقم 21 من مشروع قانون الموازنة العامة.
وفي مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل، تقتصر هذه الفقرة على مرحلة واحدة فقط وهي تعزيز البنية التحتية للدفاعات العسكرية الإيرانية وخصص لها مبلغ قدره 4.5 مليار يورو سنوياً. وبالنظر إلى أن توقعات الحكومة لعائدات النفط قدرت بـ 614 ألف مليار تومان إيراني للعام المقبل، فإن هذا يعني أن 21 في المئة من العائدات النفطية الإيرانية ستذهب إلى القوات المسلحة. أي بمعنى آخر، تستطيع المؤسسات العسكرية تصدير وبيع نحو 104 ملايين برميل من النفط إلى الأسواق في عام 2024.
ليست المؤسسات العسكرية الوحيدة التي ارتبطت ميزانياتها بحقول النفط في العام المقبل. سمحت الحكومة لـ “آستان قدس رضوي” (مؤسسة العتبة الرضوية المقدسة) وصناديق التقاعد أيضاً ببيع وتصدير النفط. وفي الوقت الذي تتحدث الحكومة بين الفينة والأخرى عن الخصخصة والسوق الحر، لم نر أي أثر للشركات الخاصة في عملية بيع وتصدير النفط.
مجمل الشركات العاملة حالياً في مجال النفط والغاز هي شركات مملوكة لأبناء المسؤولين الحكوميين والشركات التابعة للمؤسسات العسكرية والأمنية. واللافت في الأمر أن حتى رسوم السمسرة وتكاليف نقل النفط والغاز أيضاً تذهب إلى جيوب مشغلي هذه الشركات وأقربائهم.