بعد الهدنة: مذابح تسريع التهجير!

بعد الهدنة: مذابح تسريع التهجير!


قدّر عدد ضحايا المقتلة الإسرائيلية خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية بسبعمئة شهيد، وذلك في استهداف آلة الحرب الإسرائيلية أبراجا سكنية بكاملها، ومع اندفاع الكثيرين للنزوح نحو المناطق الوسطى والجنوبية من غزة بدأ جيش الاحتلال بمطالبتهم بالنزوح إلى منطقة رفح.
مع استمرار تعرض منازلهم للقصف، اضطر العديد من سكان القطاع للنزوح ثلاث أو أربع مرات منذ بدء العدوان.
بتعريضهم للإرهاب المتكرّر لقذائفها وغاراتها، تعمل الحكومة الإسرائيلية على ترسيخ فكرة عدم وجود مكان آمن في غزة. لقد تزايدت قناعة فلسطينيي غزة الذين نزحوا، أكثر من مرة، أنهم وقعوا في خديعة لأن جيش الاحتلال يعاود ملاحقتهم من موقع نزوح إلى آخر. هذا الإرهاب الممنهج جزء من حرب الإخضاع وزرع فكرة الردع الانتقامي لأجيال، لكنّه يوضّح أيضا اتجاها جارفا داخل الحكومة الإسرائيلية، والذي يلقى رواجا داخل المجتمع الإسرائيلي، لاستغلال الحرب على القطاع لتهجير الفلسطينيين.
يندرج تصريح بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، في بداية العدوان على غزة عن إعادة تشكيل المنطقة، في هذا الإطار، وتبعه تقرير لمركز دراسات إسرائيلي عنوانه «كيف يتم تهجير سكان غزة بالكامل؟» وتصادى ذلك مع الإعلان عن «مبادرة» في الكونغرس الأمريكي تتعلق بتوزيع أهل غزة على أربع دول عربية.
تجد سيناريوهات التطهير العرقي الإسرائيلية للفلسطينيين تداعيات يمكن جسّها ضمن دول المنطقة وبين الدول الغربية، وهناك تعديلات عليها، أو إجراءات تمهيدية على ذلك السقف العالي للمخططات الإسرائيلية يدخل فيها ما ذكرته «مصادر إقليمية» عن أن تل أبيب أبلغت الأردن ومصر ودولا أخرى عن خطتها لفرض «منطقة عازلة» بين إسرائيل وغزة.
تدخل في إطار ذلك أيضا ما تشير إليه المباحثات الدائرة بين دول عربية وغربية حول وضع القطاع السياسي والقانوني بعد إعادة احتلال إسرائيل لكامل غزة، ومن ذلك حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن إمكانية نشوء دولة فلسطينية «منزوعة السلاح».
تكررت، منذ بدء الحرب الأخيرة على غزة كشوفات عن «وثائق سرية» تتعدد تواريخها عن خطط ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، أحدها تعود لمرحلة ما بعد حرب 1967، حيث صارت مخيمات اللاجئين المكتظة في غزة بؤر مقاومة للاحتلال، ومراكز انطلاق عمليات ضد القوات المحتلة والمتعاونين معها، وحسب تقديرات لتلك الوثائق البريطانية فقد أدت تلك العمليات خلال أربع سنوات (1968-1971) إلى قتل 43 جنديا إسرائيليا وجرح 336 (فيما قتلت قوات الاحتلال 240 فدائيا وأصابت 878).
ترصد الوثائق المذكورة تحركات إسرائيلية لتهجير آلاف الفلسطينيين إلى العريش التي تبعد قرابة 54 كيلومترا عن حدود غزة، وتقول إن شمعون بيريس، وزير النقل والاتصالات الإسرائيلي حينها، أبلغ السفارة البريطانية في تل أبيب بأنه «حان الوقت لإسرائيل كي تفعل أكثر في قطاع غزة وأقل في الضفة الغربية» وأنه كان هناك اتفاق داخل مجلس الوزراء الإسرائيلي على متابعة «تدابير بعيدة المدى للتعامل بشكل أكثر فعالية مع مشكلات غزة»!
تعتبر تقييمات عديدة الحكومة الإسرائيلية الحالية الأكثر عنصرية ويمينية وتطرفا في تاريخ إسرائيل، وهي حكومة تتمتع بدعم غربي رسمي وإعلامي، وجماع هذه الظروف الحالية، يمكن أن يدفع هذه الحكومة إلى إجرام أكبر على الأرض، وخطط أكثر خطورة على الوجود الفلسطيني ككل.