إيران تزيد إنتاجها من المواد القريبة من درجة صنع قنبلة نووية

إيران تزيد إنتاجها من المواد القريبة من درجة صنع قنبلة نووية

يؤدي الكشف الجديد عن اليورانيوم العالي التخصيب في إيران والذي أعلنت عنه “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” إلى تضخيم المخاوف بشأن احتمال نشوب حرب متعددة الجبهات بين إسرائيل وإيران.

في تحوّل مقلق لسياسة إيران السابقة ووسط تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، ضاعفت طهران إنتاجها من اليورانيوم العالي التخصيب ثلاث مرات، بعد عدة أشهر من تخفيضها الإنتاج. وفي تصريحات علنية نادرة حول هذا الموضوع، أكدت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” في 26 كانون الأول/ديسمبر لوسائل إعلام مختلفة أن المستوى الشهري لإنتاج المنشآت النووية الإيرانية وصل إلى حوالي 9 كيلوغرامات من اليورانيوم العالي التخصيب بنسبة 60٪، بدلاً من 3 كيلوغرامات كانت تنتجها سابقاً.

لدى إيران حالياً ما يكفي من اليورانيوم العالي التخصيب بنسبة تصل إلى 60٪ إذا تم تخصيب المادة بشكل أكبر باستخدام عملية قصيرة أمدها أسبوعين (انظر أدناه). ويعزز هذا الإنتاج الإضافي، المستخلص من مصانع نطنز وفوردو، مخزون المواد التي يمكن استخدامها في إنتاج الأسلحة النووية. وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية لكن ليس لديها أي استخدام آخر لمثل هذه الكميات الكبيرة من اليورانيوم العالي التخصيب.

ويتكون اليورانيوم الطبيعي في الغالب من نظير اليورانيوم 238 غير الانشطاري، الذي لا يصلح لصنع القنابل الذرية. أمّا النظير  الانشطاري اليورانيوم 235، فيتواجد بنسبة سبع ذرات فقط في كل ألف ذرة، أي 7: 993 أو 0.7٪، وهي نسبة أصغر بكثير من النوع الآخر. لذلك يمكن أن تستغرق المراحل الأولية لإثراء هذه المادة شهوراً. وعادة ما تكون نسبةالهدف الأولى 7: 193، بإنتاجها 3.5٪ من اليورانيوم، وهو الصنف المناسب لتزويد محطات الطاقة النووية بالوقود. وحالما يصل التخصيب إلى نسبة 7: 5، أي 60٪ من اليورانيوم عالي التخصيب، فلن يستغرق الأمر سوى حوالي أسبوعين إضافيين من المعالجة لإنتاج اليورانيوم العالي التخصيب بنسبة 90٪ المستخدم في صنع الأسلحة النووية أو 7: 1. (لمعرفة المزيد عن عملية التخصيب راجع هذا الرسم البياني لمعهد واشنطن أو قائمة المصطلحات النووية الإيرانية الأساسية المرتبطة به).

ويبلغ وزن “الكتلة الحرجة” اللازمة لصنع سلاح نووي فعال حوالي 15 كيلوغراماً من اليورانيوم العالي التخصيب بنسبة 90٪، أي ما يعادل حجم الليمون الهندي أو الجريب فروت تقريباً، ويعتمد ذلك على فعالية عملية التصميم. وفي شباط/فبراير، تبين أن إيران وصلت إلى مستوى تخصيب يزيد على 80٪ بعد أن لاحظ مفتش من “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” تعديلاً في أنابيب أجهزة الطرد المركزي لديها. وكانت مستويات التخصيب ومعدلات الإنتاج لدى النظام قد تباطأت هذا الصيف، وهو تحول نسبه الدبلوماسيون إلى المحادثات السرية بين الولايات المتحدة وإيران التي أدت إلى إطلاق سراح العديد من المواطنين الأمريكيين المحتجزين مقابل الحصول على مزيد من عائدات النفط المجمدة.

ولكن في أيلول/سبتمبر، توقفت إيران عن منح تأشيرات الدخول لمفتشي “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” الأكثر خبرة. وفي أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، أي بعد أسابيع فقط من هجوم حركة “حماس” الإرهابية المدعومة من إيران على إسرائيل وإشعال حرب غزة، لاحظت الوكالة تغيراً في مستويات إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب، مما دفعها إلى التحقق من الكميات المتزايدة في نطنز وفوردو، في 19 و24 كانون الأول/ديسمبر.

إن هذا الجدول الزمني القصير المثير للقلق الذي يمكن في غضونه أن تنتج إيران مواد لصنع الأسلحة النووية لا يعني بالضرورة أنها على وشك إنتاج سلاح نووي فعلي. فمن أجل صنع قنبلة ذرية اعتيادية، يحتاج النظام إلى صب اليورانيوم العالي التخصيب الغازي بنسبة 90٪، الناتج من محطات الطرد المركزي، في نصفي كرة معدنيين وإدخالهما في تركيبة معقدة من المواد الشديدة الانفجار. إن تحديات التصميم المتمثلة في تحويل مثل هذا الجهاز إلى رأس حربي قادر على تحمل الضغوط المتعلقة بإطلاق الصواريخ الباليستية ومن ثم عودته إلى الغلاف الجويكبيرة. ومع ذلك، يمكن لإيران التحايل على بعض هذه التحديات من خلال تطويرها المستمر لصواريخ الكروز أو الطائرات المسيرة المتقدمة.

ومهما يكن الجدول الزمني الحالي لطهران لـ “تجاوز العتبة النووية”، فإن خطر الحرب مع إسرائيل آخذ في الارتفاع. ففي 26 كانون الأول/ديسمبر، كرر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قائلاً إن إيران تشكل تهديداً كبيراً، وصرح للجنة برلمانية بأن إسرائيل تواجه حرباً متعددة الجبهات: “نحن نتعرض للهجوم من سبع ساحات مختلفة: غزة ولبنان وسوريا و [الضفة الغربية] والعراق واليمن وإيران. لقد قمنا بالرد بالفعل… على ستة من هذه الجبهات، وأقول هنا بأوضح صورة ممكنة: كل من يعمل ضدنا هو هدف محتمل، لا حصانة لأحد”. وفي سياق الحرب في غزة، والاشتباكات المستمرة مع “حزب الله” في لبنان، وضربات الحوثيين ضد حركة الشحن في البحر الأحمر، يمكن أن تؤدي الأنباء عن زيادة إنتاج إيران لليورانيوم المخصب إلى توسيع نطاق الأزمة في المنطقة.