سنغافورة – تعطي الرهانات على تخفيف البنوك المركزية حول العالم لسياساتها النقدية المشددة المزيد من الأمل بأن يكون 2024 عام انحدار أسعار التضخم بشكل أكثر وضوحا بعد عامين من التضخم الجامح.
ورغم ارتفاع أسعار الكاكاو وخام الحديد في عام 2023، فإن أسعار الوقود الأحفوري تراجعت، وسط توقعات بأن يتفوق أداء معظم المنتجات الزراعية على الطاقة والمعادن الصناعية في العام الجديد وسط قيود العرض والطقس الجاف.
ومن المرجح أن ينخفض مؤشر تومسون رويترز/كور كوموديتي سي.آر.بي للعائد الزائد، والذي يشمل أكثر من 12 سلعة مثل النفط والذهب والسكر والنحاس، بنسبة 4 في المئة لعام 2023.
ويأتي تسجيل هذا الهبوط المتوقع بعد أن أدى ارتفاع الفائدة إلى إضعاف النمو العالمي وهز الأسواق المالية.
وارتفعت أسعار الكاكاو بنسبة 72 في المئة إلى أعلى مستوياتها منذ عدة عقود بسبب محدودية الإمدادات، وارتفع خام الحديد بنسبة 55 في المئة تقريبًا مع تطلع الصين إلى دعم قطاع العقارات لديها.
لكن أسعار الغاز الطبيعي والفحم تراجعت عن أعلى مستوياتها القياسية المسجلة في 2022 بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وكانت من بين أكبر الخاسرين مع زيادة المنتجين للإمدادات وتراجع الطلب.
وقال لو مينغ بانغ محلل الطاقة في ريستاد لرويترز “البداية الدافئة لهذا الشتاء أبقت الأسعار منخفضة حتى الآن، وإذا ظل الطقس دافئا كما هو متوقع، فإن معظم المناطق ستكون قادرة على التغلب على هذا الشتاء بشكل مريح، مع توفير المزيد لشتاء العام المقبل”.
وتوقع محللو شركة ماكواري في مذكرة استمرار الضعف الإجمالي في أسعار السلع الأساسية في 2024، مع توقف النمو الاقتصادي الأميركي قريبا ومن المرجح أن يظل النمو الأوروبي والصيني فاترا في أحسن الأحوال.
وارتفعت العقود الآجلة للكاكاو في نيويورك إلى أعلى مستوى منذ 46 عاما هذا العام، ومن المتوقع أن تظل قوية في 2024 مدعومة بضعف الحصاد في منطقة الإنتاج الرئيسية، غرب أفريقيا، حيث أصاب انتشار مرض تورم البراعم الفايروسي المحاصيل.
ويقول خبراء كابيتال إيكونوميكس إن العرض المحدود، إلى جانب ارتفاع الطلب الموسمي، من المرجح أن يدعم ارتفاع أسعار الكاكاو حتى عام 2024 حتى وصول الإمدادات الجديدة في أكتوبر، بداية موسم النمو المقبل.
وبالنسبة إلى خام الحديد، أدت الجهود التي بذلتها الصين لإحياء قطاعها العقاري المحاصر ودعم الانتعاش الاقتصادي غير المستقر بعد الوباء إلى تعزيز الأسعار، مع توقع المزيد من المكاسب في أوائل عام 2024.
وقال بي هاو، المحلل في شركة أف.آي.أس للوساطة المالية ومقرها شنغهاي إن “السياسات الداعمة في سوق العقارات، إلى جانب التوقعات بشأن المزيد من التحفيز الاقتصادي خلال اجتماعات صنع القرار العليا في ديسمبر، كانت بمثابة رياح خلفية”.
من المرجح أن يدعم ارتفاع أسعار الكاكاو حتى عام 2024 حتى وصول الإمدادات الجديدة في أكتوبر، بداية موسم النمو المقبل
وأثر الطقس الحار والجاف بسبب ظاهرة النينيو سلبا على إنتاج الأرز والبن والسكر في العالم، مما أدى إلى دعم الأسعار.
ودفعت صدمات الإمدادات في سوق الأرز الهند، أكبر مورد على مستوى العالم، إلى تقييد الصادرات، مما دفع أسعار المنتج الأساسي الأكثر استهلاكا على نطاق واسع في العالم إلى أعلى مستوياتها منذ 15 عاما، وتسبب في ضغوط تضخم أسعار الغذاء.
وارتفعت أسعار الأرز في مراكز التصدير الرئيسية في آسيا بأكثر من 40 في المئة هذا العام، ومن المتوقع أن تؤدي الأحوال الجوية السيئة إلى انخفاض الإنتاج بشكل أكبر في أوائل العام المقبل.
وأدى تقلص الإمدادات أيضا إلى ارتفاع أسعار القهوة، حيث ارتفعت أسعار الروبوستا بنسبة 60 في المئة تقريبًا في عام 2023.
ومن المتوقع أن يتخلف إنتاج السكر في الهند عن الاستهلاك للمرة الأولى منذ سبع سنوات، وقد يجبر انخفاض المزروعات ثاني أكبر منتج في العالم على التحول إلى مستورد صاف.
ويتجه القمح والذرة وفول الصويا إلى الخسارة هذا العام، لكن الأسعار تظل عرضة لظروف الطقس المعاكس لظاهرة النينيو والقيود على التصدير وزيادة الوقود الحيوي.
ومن المرجح أن ينخفض إنتاج زيت النخيل العام المقبل بسبب ظاهرة النينيو، مما يدعم أسعار زيت الطهي التي انخفضت بأكثر من 10 في المئة عام 2023.
ويرى المحللون أن ارتفاع إمدادات النفط والغاز والفحم سيبقى يؤثر على الأسعار للعام الثاني تواليا في 2024.
ارتفاع إمدادات النفط والغاز والفحم سيبقى يؤثر على الأسعار للعام الثاني تواليا في 2024
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط بنحو 7 في المئة هذا العام، لتنخفض للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، على الرغم من الطلب العالمي القياسي على النفط وتخفيضات أكبر في الإمدادات من أوبك+.
ومن المقرر أن يهيمن نمو الإنتاج من خارج أوبك في عام 2024، حيث تتوقع وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال إنتاجا قياسيا من النفط الخام والسوائل في الولايات المتحدة والبرازيل وكندا.
ويتوقع محللو ماكواري أن يبلغ متوسط أسعار برنت وخام غرب تكساس الوسيط 77 دولارا و73 دولارا للبرميل في عام 2024.
وتراجعت العقود الآجلة للغاز المسال في آسيا والعقود الآجلة للفحم في أستراليا بأكثر من 50 في المئة عن مستوياتها القياسية المرتفعة التي سجلتها العام الماضي، مع تراجع الطلب من أوروبا بينما زادت الصين والهند إنتاج الفحم لمنع تكرار صدمة الطاقة في 2022.
وساعد تراجع الدولار الأميركي وعوائد سندات الخزانة وسط توقعات متزايدة بأن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) سينهي تشديد سياسته النقدية، على تسارع الذهب نحو أفضل عام له في ثلاثة أعوام.
وشهد المعدن الأصفر الذي يعد ملاذا آمنا للأفراد والمستثمرين للتحوط من المخاطر ارتفاعا في الأسعار إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق فوق 2100 دولار هذا الشهر.
ويتوقع بنك سيتي أن ترتفع أسعار الذهب والفضة بحلول منتصف عام 2024 بفضل الطلب القوي على المعادن كتحوّط ضد مخاطر الهبوط في أسهم الأسواق المتقدمة والعقارات.
وبالنسبة إلى المعادن الصناعية، كان النيكل الذي انخفض أكثر من 40 في المئة هذا العام، هو الخاسر الأكبر تحت ضغط ارتفاع الإمدادات في إندونيسيا والصين، أكبر المنتجين.
ومن المتوقع أن تظل الأسعار تحت الضغط العام المقبل وسط فائض عالمي في المعدن المستخدم في الفولاذ المقاوم للصدأ وبطاريات السيارات الكهربائية.
وأثّر الطلب الصيني الأضعف من المتوقع وارتفاع أسعار الفائدة الأميركية على الأسعار التي تعافت بعض الشيء في الأشهر الأخيرة بعد تعطل الإمدادات بسبب إغلاق مناجم في بنما.
العرب