مئة يوم مرَّت على عملية “طوفان الأقصى” التي شنَّتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وانقلبت على إثرها مسارات السياسة في المنطقة العربية بأسرها، حتى كِدنا ننسى كيف كان عالمنا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول. لقد أصبح الحوثيون في اليمن، الذي مزَّقته الحرب الأهلية سنوات وسنوات، عنوانا غير متوقع لتقلُّبات البحر الأحمر، ورقما صعبا يمنع تطويق الصراع وقصره على قطاع غزة، كما عادت النيران من جديد إلى جنوب لبنان وشمال دولة الاحتلال بعد أن دخل حزب الله على الخط، دون أن ينزلق إلى حرب كاملة على غرار يوليو/تموز 2006، وشُنَّت عمليات متبادلة بين فصائل مسلحة محلية من جهة وبين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي من جهة على أراضي سوريا والعراق. بيد أن الانقلاب السياسي لم يكُن إقليميا فحسب، حيث أربكت تلك العملية الاستثنائية في تاريخ المقاومة الفلسطينية حسابات القوى الدولية، وصرفت الانتباه عن حرب أوكرانيا، التي تدخل عامها الثالث بعد أيام، وأثَّرت على التجارة العالمية في البحر الأحمر.
على رأس تلك القوى الدولية بالطبع الولايات المتحدة، بوصفها الراعي الرسمي لدولة الاحتلال، لكن منها أيضا الصين، التي أعاد موقفها إلى الأذهان ذكريات دعم القضية الفلسطينية أثناء الحرب الباردة، وروسيا، التي وجدت في الحرب فُرصة في ظل تشتُّت الغرب بين أوكرانيا وإسرائيل كي تلتقط أنفاسها. لقد منح يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول نقطة لبكين في المنطقة، التي حازت ثقة قطاعات لم ترَ وجهها السياسي منذ مُدة طويلة، في حين منح روسيا هدية في حربها مع أوكرانيا، رغم أن شعبية الروس لا تزال محل خلاف كبير بين مَن يُعجبهم الخطاب الروسي الداعم للمقاومة، ومَن لا ينسون أبدا ما قدمته موسكو من دعم مفتوح لنظام الأسد في سوريا، وما تقدِّمه في هذه الأيام نفسها من دعم لميليشيا الدعم السريع بقيادة حميدتي وجرائمه في السودان.تحدَّث الرئيس الصيني “شي جين بينغ” صراحة في أبريل/نيسان 2022 عن “مبادرة للأمن العالمي”، وهي نقلة اعتبرها بعض المحللين إيذانا بتسييس الدور الصيني الدولي. (رويترز)
منذ نهايات الحرب الباردة عكفت الصين الشيوعية على حل معضلاتها الاجتماعية والاقتصادية الداخلية، ونفَّذت برنامجا إصلاحيا ضخما صَنَع بعد نحو نصف قرن العملاق الاقتصادي الذي نراه اليوم. ولكنها في الوقت نفسه تراجعت عن الحضور السياسي المباشر أو التدخُّل في الصراعات المسلحة، على غرار ما جرى في حرب فيتنام في الستينيات أو كوريا في الخمسينيات. ولذا، تزامن الصعود الاقتصادي الصيني مع عزوف سياسي، وبات يُنظر إلى الدور الصيني في العالم بوصفه دورا اقتصاديا محضا. وقد روَّجت الصين نفسها لتلك الفكرة رغبة منها في إزالة أي مخاوف حيال تحوُّلها إلى قوة كبرى استعمارية، وإيمانا منها بأن التدخُّلات الأميركية الفاشلة في أفغانستان والعراق درس قاسٍ للقوى الكبرى كي لا تنخرط في رسم مصير شعوب العالم الثالث. وكان هناك هدف خفي أيضا من وراء ذلك الحضور غير السياسي للصين، وهو طمأنة الحكام المستبدين بأن بكين لن تضغط عليهم من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان كما تفعل واشنطن.
بيد أن العزوف عن السياسة بدأ يتغيَّر تدريجيا، فقد تحدَّث الرئيس الصيني “شي جين بينغ” صراحة في أبريل/نيسان 2022 عن “مبادرة للأمن العالمي” (Global Security Initiative) في مؤتمر آسيوي استضافته بلاده آنذاك، وهي نقلة اعتبرها بعض المحللين إيذانا بتسييس الدور الصيني الدولي. وتقول الصين إن نظام التحالفات الأميركية خلق عالما غير متكافئ، حيث تحظى الدول داخل شبكة التحالفات الأميركية باهتمام بالغ بأمنها، على حساب الدول التي تقع خارج شبكة التحالفات الأميركية التي يُترك أمنها عُرضة للخطر أو لهيمنة حلفاء واشنطن. وقد طرحت المبادرة الصينية ما سمَّته “الأمن غير القابل للقِسمة” (Indivisible Security) بديلا أفضل عن التكتُّلات الأميركية غير العادلة في نظرها (1).
على ضوء هذه التصوُّرات الصينية الجديدة، يُمكن فهم موقف الصين من الصراعات الدولية التي اشتعلت مؤخرا. أولها الصراع في القوقاز وحرب أذربيجان وأرمينيا عام 2020، حيث التزمت بكين نظريا بالحياد، لكنها تميل نسبيا منذ سنوات إلى أرمينيا، لا سيَّما وهي تملك تعاونا عسكريا معها، وذلك بالنظر إلى التحالف المتين بين أذربيجان والولايات المتحدة، علاوة على العلاقة الوطيدة بين أذربيجان وإسرائيل (2). يُضاف إلى ذلك أن أرمينيا حليف وثيق لإيران، التي هي بدورها الدولة الأقرب للصين في المنطقة. ثم أتت حرب أوكرانيا عام 2022، والتزمت بكين مُجددا بدرجة من الحياد ولم تنحز انحيازا صارخا لأيٍّ من الطرفين، لكنها بلورت حيادها بشكل تضمَّن نقدا ضمنيا للدور الأميركي، ولمحاولته استمالة أوكرانيا إلى مدار حلف الناتو، التي اعتبرتها بكين الخطيئة الأولى التي أشعلت الحرب. ولذا حافظت الصين على علاقة جيدة بروسيا، ورفضت إدانة الغزو الروسي صراحة.
في الشرق الأوسط، ظهرت الصين دبلوماسيا بوضوح أثناء وساطتها بين السعودية وإيران، التي تُوِّجَت في مارس/آذار 2023 بعودة العلاقات بين الرياض وطهران وافتتاح سفارتيْهما في العاصمتيْن بعد سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية. وقد نُظِر إلى تلك الاتفاقية على أنها إعلان للصين عن نفسها في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى كبح لقطار التطبيع الذي دشَّنته اتفاقيات أبراهام برعاية الولايات المتحدة لأنها حيدت نسبيا الذريعة الأساسية لهذه الاتفاقات وهي مخاوف دول المنطقة تجاه إيران (3). ورغم أن علاقة الصين بإسرائيل كانت جيدة حتى مطلع هذا العام، فإن وجود إسرائيل في القلب من شبكات التحالف الأميركية يعني أن دورها يُنظر إليه بسلبية في بكين وفقا لرؤيتها السياسية الجديدة، وقد تجسَّد ذلك بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول في صورة برود بين بكين وتل أبيب، وخيبة أمل من الأخيرة تجاه الموقف الصيني.
ظهرت الصين دبلوماسيا بوضوح أثناء وساطتها بين السعودية وإيران، التي تُوِّجَت في مارس/آذار 2023 بعودة العلاقات بين الرياض وطهران وافتتاح سفارتيْهما في العاصمتيْن بعد سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية. (رويترز)
فبعد يوم واحد على “طوفان الأقصى”، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن بلاده تدعو جميع الأطراف المعنية لضبط النفس ووقف الانتهاكات. وفي اليوم التالي، قال إن الصين تطالب بدولة فلسطينية، وإنها المفتاح للسلام والأمن الدائميْن، دون أن يدين هجمات حماس، وهو ما جلب على بكين نقدا إسرائيليا لاذعا، إذ صرَّح مسؤول رفيع المستوى بالسفارة الإسرائيلية في بكين بأن تل أبيب كانت تتوقَّع “إدانة أقوى” لحماس، وأضاف أنه “حين يُقتل الناس ويُذبحون في الشوارع، فليس هذا توقيتا مناسبا للدعوة إلى حل الدولتيْن”، في إشارة إلى القتلى الإسرائيليين في الهجمات (4). وبعد أربعة أيام، قال وزير الخارجية الصيني “وانغ إي”: “تمتلك إسرائيل الحق في أن يكون لها دولة، وكذلك فلسطين. لقد حصل الإسرائيليون على ضمانات لبقائهم، ولكن مَن يكترث ببقاء الفلسطينيين؟ إن الشعب اليهودي لم يُعد مُشرَّدا في الأرض، ولكن متى يعود الشعب الفلسطيني إلى بيوته؟” (5).
لم يكُن مُستغربا أن رفضت الصين الانضمام إلى موجة الإدانات الغربية لحركة حماس بعد عملية السابع من أكتوبر، تماما كما رفضت إدانة روسيا في غزوها لأوكرانيا (6). ويبدو هنالك خيط ناظم هنا في المواقف الصينية تجاه الصراعات المختلفة، إذ إن الصين تبدأ برفض الرؤية الأميركية، وتتحفَّظ على الرواية التي يقدمها حلفاء واشنطن، ثم تمتنع عن أي إدانة علنية لمَن تعتبرهم واشنطن أعداءها، فاتحة الباب لموقف مغاير للموقف الأميركي، ولدور أكثر مصداقية بين كل الدول التي تقع خارج شبكة التحالفات الأميركية. وثمَّة مزايا عديدة للصين من هذا المسلك السياسي، أبرزها قدرتها على صنع شعبية لها في تلك الدول التي عانت من ترتيبات إقليمية غير عادلة تحت وطأة التحالفات الأميركية، ويتجلَّى ذلك بوضوح في المنطقة العربية، حيث يتمترس الموقف الأميركي وراء إسرائيل الصغيرة، في حين يحظى كل مَن انحازوا ولو جزئيا للقضية الفلسطينية بشعبية متزايدة في العالم العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، بدءا من الصين وحتى جنوب أفريقيا.
بعبارة أوضح، لقد منحت المقاومة الفلسطينية الصين مساحة أوسع بكثير للتحرُّك سياسيا في المنطقة، ومصداقية تفوق الولايات المتحدة بكثير، خاصة أنها لا تمتلك إرثا استعماريا في المنطقة (مثل الغرب) ولم تتورط من قبل في صراعاتها (مثل روسيا)، بخلاف الشعبية التي اكتسبتها كونها تقدم نموذجا تنمويا جذابا ومزايا اقتصادية، على عكس روسيا التي تعاني اقتصادا مأزوما، وعلى عكس الولايات المتحدة التي تراجع الإيمان بنموذجها الاقتصادي الليبرالي بدءا من الأزمة المالية العالمية وحتى يومنا هذا.سنحت الفرصة لموسكو كي تُحرِز بعض النقاط لكسب الشعبية في المنطقة بالانحياز إلى القضية الفلسطينية، ورفض إدانة هجمات السابع من أكتوبر
رغم أن “طوفان الأقصى” لم يمنح موسكو نقطة سياسية في المنطقة بالضرورة، فإنه منحها هدية في خضم حربها الضروس مع أوكرانيا. ففي يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وبعد نحو 3 أسابيع على بدء الغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة، قال الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” إن الإمدادات العسكرية الأميركية المُخصَّصة لبلاده في حربها مع روسيا قد انخفضت، ثم صرَّح البرلماني الأوكراني “يهور تشرنييف” قائلا: “إن الوضع صعب جدا، وكثافة القصف من جانبنا تقل أكثر وأكثر بسبب نقص الذخيرة” (7). وكان ذلك نتيجة للاهتمام الذي أولته الولايات المتحدة للعملية العسكرية الإسرائيلية على حساب دعمها لكييف، حيث أعادت توجيه عشرات الآلاف من القذائف التي كان من المُقترض أن تذهب إلى أوكرانيا، وأرسلتها إلى دولة الاحتلال قبل أيام من الغزو البري (8).
لقد كانت القاعدة الصناعية-العسكرية في الولايات المتحدة وأوروبا تعاني بالفعل قبل حرب غزة، إذ استهلكت أوكرانيا نحو 240 ألف قذيفة شهريا، في حين اقتصر الإنتاج الأميركي على 28 ألف قذيفة شهريا، وهو ضِعْف المعدَّل السابق على غزو أوكرانيا أصلا، وهي معاناة تكثَّفت بعد حرب غزة، لا سيَّما وقد استنفد الأوكرانيون تقريبا المخزون الأوروبي طيلة العاميْن الماضييْن (9). ويبدو في ظل امتداد العملية العسكرية الإسرائيلية أن الضغط سيزداد على الجبهة الأوكرانية، ما يفتح الفُرَص أمام روسيا لالتقاط الأنفاس، والضغط في المفاوضات، والأهم التصعيد من جديد وإحراز التقدُّم على الأرض في ظل تراجع تسليح الأوكرانيين.
لم يقتصر الأمر على المعادلة الصناعية-العسكرية، بل امتد أيضا إلى ساحات التشريع والسياسة الأميركية، إذ شهد الكونغرس الأميركي صراعات بين الجمهوريين والديمقراطيين حول تمرير تشريعات تسمح بتمويل الجبهتين الأوكرانية والإسرائيلية معا بسبب عرقلتها من جانب الجمهوريين، الذين يبدو موقفهم مصطفا وراء إسرائيل، لكنهم لا يُكنُّون الحماسة نفسها للقضية الأوكرانية، واشترطوا زيادة تأمين الحدود مع المكسيك من أجل تمرير حزمة التمويل التي اقترحها بايدن، ثم رفضوها حين تجاهل طلبهم (10). علاوة على ذلك، انشغل الاتحاد الأوروبي نفسه بالتفاعل السياسي مع حرب غزة والانحياز إلى الاحتلال، وتوارت القضية الأوكرانية نسبيا رغم مركزيتها للأمن الأوروبي، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي بأنه قد يعجز عن الوفاء بالتزاماته التسليحية لأوكرانيا (11).
على المستوى السياسي سنحت الفرصة لموسكو كي تُحرِز بعض النقاط لكسب الشعبية في المنطقة عبر رفض الموقف الغربي المنحاز لإسرائيل، والامتناع عن إدانة هجمات السابع من أكتوبر، لا سيَّما وقد انحازت كييف انحيازا صارخا لدولة الاحتلال، وكانت من أوائل الدول التي أدانت هجمات حماس، وهو ما ساهم في نشر مشاعر سلبية تجاه أوكرانيا، حتى في صفوف العرب الذين تعاطفوا معها سابقا. “إن حماس وروسيا هما صنف الشر نفسه، والفرق الوحيد هو أن إحداهما منظمة إرهابية هاجمت إسرائيل، والأخرى دولة إرهابية هاجمت أوكرانيا”، هكذا قال زيلينسكي في خطاب يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول (12).
على النقيض، دخلت روسيا على الخط بنقد صريح لإسرائيل، التي تدعم أوكرانيا بالعُدة والعتاد منذ عاميْن، ولم يفُتها بطبيعة الحال أن تشير إلى ازدواجية المعايير الغربية التي سلَّطت الضوء على انتهاكات القصف الروسي لأوكرانيا، وأغمضت عينها عمَّا فعله القصف الإسرائيلي في غزة. إن السقوط الأخلاقي الكبير للدول الغربية لا يؤدي فقط إلى تآكل شرعيتها على المسرح الدولي، بل إلى غضب كبير حيال القضايا التي ينحاز لها الغرب مثل القضية الأوكرانية، وانهيار التعاطف الجزئي الذي حازته كييف قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهي هدية لروسيا على مستوى الرأي العام العالمي تقوِّض الدعاية الأوكرانية، خاصة أن العدد الأكبر من دول العالم الثالث منحاز لفلسطين، بدءا من معظم دول أميركا اللاتينية وأفريقيا، مرورا بالدول العربية والإسلامية، وصولا إلى الصين (13).
لم تكتفِ روسيا بالتقاط الأنفاس على الجبهة والاستمتاع بخسارة أوكرانيا تعاطف الرأي العام العالمي، بل استخدمت علاقاتها الجيدة مع المقاومة للعب دور الوسيط. فبعد أيام من الغزو البري، استضافت موسكو قيادات من حركة حماس للتوسُّط بشأن مواطنيها الروس المأسورين لدى الحركة، وللمساعدة في الوصول إلى اتفاق لتبادل الأسرى باستخدام صِلاتها مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي (14). لم تكن تلك المرة الأولى التي أظهرت فيها موسكو ودا وانفتاحا على قادة حماس، فقد كانت روسيا من أوائل الدول التي هنَّأت حماس على فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، وبعد عام استضافت موسكو خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة (15). يُضاف ذلك إلى ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية حول قيام شركة تداول عملات مُشفَّرة روسية بالمساعدة في نقل الأموال إلى حركة حماس، وهي شركة متخصصة في مساعدة روسيا على تجاوز العقوبات الدولية (16).
في ليلة وضحاها إذن، حصلت بكين على نقطة فتحت لها باب الدور الدبلوماسي والسياسي على مصراعيه بعد أن كانت قد بدأت بطرقه بالتوسط بين السعودية وإيران، وتلقت موسكو المأزومة عسكريا واقتصاديا هدية مادية ومعنوية بإيقاف الدعم المفتوح بالمال والذخيرة لأوكرانيا، وتراجع الرأي العام المؤيد للأخيرة بسبب الغضب على صناع القرار في الغرب، وعلاقات موسكو الجيدة بحركة حماس التي تساعدها في لعب دور سياسي أكثر مصداقية من الدول الغربية، وتتيح لها كسب بعض الشعبية التي خسرتها بسبب دورها في سوريا. أما الولايات المتحدة، فإنها لم تجنِ من السابع من أكتوبر سوى أزمة متعددة الأوجه، عسكرية-صناعية بتعقُّد حساباتها حيال تمويل وتسليح حلفائها، وأخلاقية بسبب دعمها الفج للاحتلال، وهو دعم قد يتسبَّب في خسارة الديمقراطيين للبيت الأبيض، وسياسية بسبب ما جناه القطب الصيني من مصداقية وحرية حركة في المنطقة، وما حازته روسيا من هدية كانت في أمس الحاجة إليها.