توقعات متشائمة بتراجع الطلب على الغاز المسال

توقعات متشائمة بتراجع الطلب على الغاز المسال

واشنطن- تصدر تقارير متناقضة بشأن مستقبل الطلب على الغاز، بعضها يتنبأ بأن العالم يتجه للتخلي التدريجي عن الغاز الذي يعتبر “أسوأ من الفحم بكثير” بسبب انبعاثاته من غاز الميثان، والبعض الآخر يقول إنه ما يزال من المبكر الحديث عن تراجع الاهتمام العالمي بالغاز في ظل استمرار الحاجة الواسعة إليه وصعوبة الانتقال إلى الطاقة النظيفة.

وبدأت الولايات المتحدة خلال 2023، وهي أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال، مراجعة لعملية الموافقة على منشآت الغاز الطبيعي المسال الجديدة استجابة لطلب من نشطاء المناخ.

وتشير تقارير منصة إنرجي مونيتور إلى أن الطلب على الغاز الطبيعي المسال سيستقر قريبا قبل أن يتراجع، وهذا ما سيجعل الكثير من منشآت الغاز الطبيعي المسال قيد الإنشاء أصولا غير معتمدة.

◙ الصين أصبحت خلال 2023 أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، مع ارتفاع الكميات المتدفقة عبر خطوط الأنابيب من روسيا

وتعزو المنصة توقعاتها إلى تراجع الاستهلاك، في حالة أوروبا على الأقل، مشيرة إلى انخفاض الطلب على الغاز بنسبة 20 في المئة خلال 2022، بما يتجاوز الهدف المتمثل في خفض استهلاك الغاز بنسبة 15 في المئة في خضم ارتفاع الأسعار.

وذكر معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي الأوروبي، وهو مؤسسة بحثية مؤيدة للتحول، في العديد من التقارير أن قدرة الطاقة العالمية ستتجاوز الطلب على الوقود.

لكن ما يدفع إلى التساؤل عن واقعية هذه التوقعات أن الطلب يبدو قويا في الوقت الحالي، حتى أن الاتحاد الأوروبي استورد خلال العام الماضي كمية قياسية من الغاز المسال الروسي على الرغم من تأكيدات بأن الاتحاد قطع جميع علاقات الغاز مع أكبر مصدّر سابق له.

ودعت موجة البرد خلال شهر نوفمبر الألمان إلى الاعتماد أكثر على سخاناتهم وأثارت قلق مراقبي مستوى تخزين الغاز مع ارتفاع الاستهلاك.

وكانت ألمانيا في شتاء 2022 مثالا ممتازا. وطُلب من المواطنين الاقتصاد في الطاقة، والاستحمام لفترة أقصر، وخفض درجة الحرارة عند استعمال المسخنات. ولاقت الطلبات استجابة فورية شجّعتها فواتير الغاز الباهظة واعتدال الطقس. ثم أصبح الجو باردا، وقرر الكثيرون اعتماد التدفئة التي لم تعد رفاهية بل ضرورية.

وتعمل الشركات في الولايات المتحدة على بناء قدرات التزويد بالغاز الطبيعي المسال بسبب الطلب الموجود عليه. ويصعب العثور على مثال أبسط من هذا لإبراز كيفية عمل السوق الحرة. وكما قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة شل بين فان بوردن “إذا كان هناك طلب، فسيقابله عرض”.

وتقول المحللة الاقتصادية إيرينا سلاف في تقرير لموقع “أويل برايس” الأميركي “إذا تُركت السوق الحرة تتطور دون أيّ تدخل فسيشهد العالم تطور العرض من الغاز الطبيعي المسال على مدار العقد المقبل، وخاصة في الولايات المتحدة وقطر”.

وتعمل قطر، مثل روسيا، على مضاعفة قدرتها التصديرية بحلول 2027. ويكلف تطوير هذه القدرات الجديدة عشرات المليارات من الدولارات.

وتشير سلاف إلى أنه من غير الممكن أن تكون العديد من الشركات، بما في ذلك أكبر شركات تجارة السلع الأساسية في العالم، مخطئة بشأن التوقعات طويلة الأجل للطلب على الغاز.

وأصبحت الصين خلال 2023 أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، مع ارتفاع الكميات المتدفقة عبر خطوط الأنابيب من روسيا وبلوغها مستوى قياسيا تزامن مع نمو الإنتاج المحلي. واستوردت الصين قدرا كبيرا من الغاز الطبيعي المسال أقلق البعض من كونه عاملا محتملا في رفع الأسعار لأوروبا في السوق الفورية، حتى مع انتشار التقارير الإيجابية التي تؤكّد انخفاض الطلب عليه.

وبسبب هذه الحقيقة الحياتية البسيطة لن تلوح ذروة الطلب على الغاز في الأفق بعد. ولن تتغير الأمور إلا إذا تدخلت الحكومات لخفضه من خلال فرض قيود على الاستهلاك. ويتلخص الجزء الصعب من مسار العمل هذا في إيجاد بديل مماثل للغاز لتجنب السخط الجماعي. ويعتبر استمرار الطلب على الغاز مع توفر طاقة الرياح والطاقة الشمسية دليلا على أن العالم لم يعثر على البديل بعد.

العرب