تسع دول تتبادل القصف في الشرق الأوسط.. هل من اسم آخر لتوسع الصراع

تسع دول تتبادل القصف في الشرق الأوسط.. هل من اسم آخر لتوسع الصراع

يجد مراقبو الشرق الأوسط المخضرمون صعوبة في تتبع موجة الهجمات الصاروخية والغارات الجوية التي شهدتها المنطقة خلال الأسبوعين الماضيين.

يُذكر أن الأردن شن غارة جوية على سوريا، استهدفت ما قال إنها منشآت لمهربي المخدرات غير الشرعيين.

من جانبها، أطلقت إسرائيل صواريخ على مبنى في جنوب غرب دمشق بسوريا، متسببة في مقتل رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني في سوريا ونائبه.

كما أطلقت جماعة الحوثي اليمنية صواريخ زودتها بها إيران ووجهت طائرات مسيّرة استهدفت بها حركة النقل في البحر الأحمر دعما للفلسطينيين في غزة.وأطلقت إيران صواريخ على باكستان، مستهدفة ما اعتبرتها معسكرات للمتمردين الإيرانيين المناهضين للحكومة الذين يسعون إلى استقلال منطقة البلوش الإيرانية.

وردت إسلام أباد بإطلاق صواريخ على طهران. لكنها استهدفت جماعة استقلال بلوشية.

كما أطلقت طهران صواريخ على سوريا مستهدفة ما قالت إنها منشآت تابعة لتنظيم داعش، الذي تبنى تفجيرين انتحاريين في تفجيرين انتحاريين في إيران استهدفا المشاركين الشيعة في فعاليات إحياء الذكرى السنوية الرابعة لاغتيال قائد “فيلق القدس” السابق قاسم سليماني. وقد قُتل قبل أربع سنوات في هجوم أميركي بطائرة دون طيار في بغداد.

وأطلقت إيران أيضا صواريخ على إقليم كردستان العراق مستهدفة ما قالت إنه مقر للموساد.

وشنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غارات جوية وهجمات صاروخية متكررة على اليمن، استهدفت رادارات الحوثيين وقواعدهم الجوية ومرافق إطلاق الصواريخ، ردا على هجماتهم على الشحن في البحر الأحمر.

كما شنت الولايات المتحدة بمفردها ضربة في العراق على قادة حركة النجباء المدعومة من إيران. وتتهمها واشنطن بالتورط في الهجمات المتكررة على معسكرات الجيش الأميركي في العراق وسوريا التي تدعم العمليات ضد تنظيم داعش الإرهابي.

وواصلت حركة حماس الفلسطينية هجماتها الصاروخية على إسرائيل، على الرغم من تحركات الجيش الإسرائيلي في غزة.

في المقابل، تواصل إسرائيل غاراتها الجوية على غزة في حرب اندلعت منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

حزب الله يحاول بلوغ مستوى من الهجمات تمكنه من ضرب إسرائيل دون إثارة رد واسع النطاق ينتهي بغزو جنوب لبنان

ومساندة لحركة حماس، شن حزب الله اللبناني هجمات صاروخية متكررة وضربات صاروخية دقيقة على إسرائيل.

وردت إسرائيل على هجمات حزب الله بتوجيه ضربات على لبنان حيث استهدفته بطائرات دون طيار وغارات جوية، وأصابت أهدافا لحزب الله ووحدات من الجيش اللبناني.

وكانت هذه الكيانات التسع والدول تهاجم دولا أخرى في المنطقة على مدار أسبوعين تقريبا. واستنتج العديد من المعلقين أن حربا إقليمية تحدث بالفعل أو ستندلع قريبا. ويعتبر هذا الخطر حقيقيا، حيث تحاول إيران الضغط على إسرائيل من خلال وكلائها في محور المقاومة (حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، وحماس في فلسطين، والجماعات الإرهابية في سوريا والعراق والبحرين).

ويقول ريتشارد كلارك رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن والمسؤول السابق بوكالة الأمن القومي، إن حزب الله يحاول بلوغ مستوى من الهجمات تمكنه من ضرب إسرائيل دون إثارة رد واسع النطاق ينتهي بغزو جنوب لبنان. ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية منقسمة بالفعل حول ما إذا بلغت الهجمات بالفعل مستوى يطلب غزوا لتطهير جنوب لبنان من قاذفات صواريخ حزب الله. وواصل الحوثيون في الأثناء محاولات شن هجمات على السفن الحربية الدولية التابعة للبحرية الأميركية.

كلارك يرى في تقرير له بمعهد الشرق الأوسط للبحوث والدراسات الإستراتيجية، أن هناك قاسما مشتركا يجمع الحكومات في واشنطن وتل أبيب وطهران، وهو الرغبة في تجنب حرب إقليمية واسعة النطاق تشمل ضربات أميركية وإسرائيلية على إيران. لكن هذه الرغبة قد لا تتحقق بسبب سوء التقدير أو استفزازات الفصائل التي تسعى إلى إشعال هذا الصراع.

قضايا الشرق الأوسط لن تحل إلا إذا تعاونت الولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة للبحث عن الاستقرار

وستغير هذه الحرب الإقليمية الكبرى العالم إذا اندلعت، وستهز الاقتصاد الأميركي والدولي، وستؤثر على الانتخابات والتحالفات. وأصبح تجنبها الآن هدفا أسمى لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

ويمكن استخلاص العديد من الدروس من هذه اللحظة الخطرة التي يشهدها الشرق الأوسط. ويرتبط اثنان منها بسياسة الولايات المتحدة نفسها. أولا، كانت السياسة التي أطلقتها إدارة باراك أوباما، والهادفة إلى الحد من تدخل الولايات المتحدة في المنطقة و”التمحور” بعيدا إلى شرق آسيا خاطئة. وتصوّر الرئيس أوباما وبعض أقرب مستشاريه أن الولايات المتحدة لم تجعل الأمور سوى أسوأ من خلال تدخلها في المنطقة. واتهموا “كتلة” هيكل الأمن القومي الأميركي بتمكين أخطاء المعيّنين السياسيين في إدارة جورج دبليو بوش.

ثانيا، ارتكبت الولايات المتحدة خطأ إبقاء الأمور على حالها، حيث لم تحاول معالجة القضايا الأساسية والجذرية في المنطقة، مثل الحاجة إلى إنشاء دولة فلسطينية أو ضرورة وقف جهود زعزعة الاستقرار الإيرانية المتواصلة عبر شبكة إقليمية من الميليشيات المسلحة. وفاقم هذا التقاعس وقلة الاهتمام الأمور، وأوصلنا إلى أحداث اليوم.

وكما قال مايكل كورليوني في فيلم العراب “عندما ظننت أنني قد خرجت من كل شيء، سحبوني إليهم مرة أخرى”، كان الخطأ هو تصور قدرة الولايات المتحدة على الخروج أو التقليل من دورها في الشرق الأوسط، ومحاولة تجاهل مشاكل المنطقة، والفشل في لعب دور الأمة التي لا غنى عنها.

وتؤثر قضايا الشرق الأوسط على الولايات المتحدة، وتعدّ من مشاكلها أيضا. ويشدد كلارك على أن هذه القضايا لن تحل إلا إذا تعاونت الولايات المتحدة مع أصدقائها وحلفائها في المنطقة للبحث عن الاستقرار والحلول طويلة الأجل.