تحدّث «البيت الأبيض» عن اتفاق على اجتماع وفدين أمريكي وإسرائيلي جرى خلال الاتصال الأول منذ 32 يوما بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
جاءت المكالمة بعد إعلان لافت لبايدن خلال مقابلة له مع شبكة «إم إن بي سي» التلفزيونية قال فيه إن اجتياح إسرائيل لرفح هو «خط أحمر» بالنسبة له، وأن نتنياهو «يجعل بقية العالم يعارض ما تمثله تل أبيب». المطلوب حسب بايدن هو «وقف إطلاق نار لستة أسابيع» و«تبادل كبير للمحتجزين» (أي تبادل بين الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل).
حصل بعد ذلك حدث أكثر إثارة خلال لقاء لصحيفة «نيويورك تايمز» بزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر الذي يعتبر أرفع شخصية يهودية في السلطة التشريعية الأمريكية. كرر شومر الحديث عن خشيته من أن تصبح إسرائيل، بقيادة نتنياهو، منبوذة عالميا «حتى في الولايات المتحدة» داعيا لإجراء انتخابات في إسرائيل، وهذه واقعة أشبه بالزلزال إذا أخذنا في حسباننا التأييد الساحق المعروف لإسرائيل في مؤسسات السلطة التنفيذية والتشريعية الأمريكية، ولنتنياهو شخصيا، الذي حظي بتصفيق هائل خلال خطابين له في الكونغرس عامي 2011 و2015.
بعد الاتصال آنف الذكر أصدر «البيت الأبيض» بيانا أشار فيه لتأكيد بايدن دعم واشنطن هدف إسرائيل في «هزيمة حماس» لكنه عبر عن رفضه خططها لشن عملية برية كبيرة في رفح، فيما أكد بيان مكتب نتنياهو على أن المكالمة أشارت إلى «التزام إسرائيل بتحقيق جميع أهدافها بالقضاء على حماس» وبذلك يبدو أن البيانين يتحدثان عن «القضاء على حماس».
رغم حديث السيناريو الإسرائيلي عن «القضاء على حماس» لكنّ ما يعمل عليه فعلا هو استهداف قرابة مليون وسبعمئة ألف من الفلسطينيين من سكان رفح والنازحين إليها من المناطق الأخرى، واستكمال العقاب الجماعي وحرب الإبادة وصولا إلى التطهير العرقي للفلسطينيين.
حاول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن شرح السيناريو الأمريكي بتكرار الحديث عن ضرورة إجراء إسرائيل خطة «لإجلاء السكان المدنيين قبل تنفيذ أي عمليات عسكرية» و«القيام بخطوات عاجلة لتوسيع المساعدات الإنسانية بما في ذلك فتح معابر إضافية على الحدود». المشكلة في هذا السيناريو الأمريكي بالنسبة لنتنياهو و«مجلس الحرب» في حكومته، على ما يبدو، هو أنه يتناقض مع خطط نتنياهو ووزراء الاستيطان والصهيونية الدينية البعيدة المدى ليس لقطاع غزة فحسب، بل لإنهاء المشروع الوطني الفلسطيني برمّته، ووضح جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، موقف الرئيس الأمريكي فقال إنه لم يوجه تهديدات لنتنياهو، وأنه أكد أنه مع «هزيمة حماس» ولكن الأمر بالنسبة له «يحتاج إلى استراتيجية ناجحة لا ينبغي أن تنطوي على عملية عسكرية كبيرة».
إضافة إلى الأسباب العديدة التي يطرحها الجانب الأمريكي لتجنّب العملية البرية (والتي يبدو أن «عزلة إسرائيل الدولية» هي الأكثر أهمية بينها بالنسبة للإدارة الأمريكية) فإن سببا إضافيا، وشخصيا، يمكن أن يكون المرجّح وهو المستقبل السياسي لكلا الزعيمين، فبايدن صار أقرب للخسارة، حسب استطلاعات الرأي، والأغلب أن نتنياهو يعتبر استمرار الحرب ضد الفلسطينيين الدرع الواقي له ضد مصير السقوط.