أسواق العمل تواجه محنة إلغاء ملايين الوظائف في 2024

أسواق العمل تواجه محنة إلغاء ملايين الوظائف في 2024

تشي التوقعات حول أسواق العمل خلال العام 2024 بالكثير من الإحباط نظرا للتركة الثقيلة، التي لا تزال تخلفها التقلبات الاقتصادية والتحولات التكنولوجية، وسط تحذيرات من أن تتفاقم المشكلة بحدة إن لم تبرز تحركات جماعية على عجل لمعالجتها.

لندن – تضطر العديد من الشركات الكبرى إلى تقليص القوة العاملة لديها بعدما تراجح نشاطها في ظل عوامل داخلية وأخرى خارجية تتعلق بارتفاع تكاليف الاستيراد والإنتاج والخدمات، وأيضا بسبب التنافس الاستثماري على التكنولوجيا المتقدمة.

وبدأت عشرات الشركات موجة تسريحات وإلغاء وظائف في مستهل العام الجاري لأسباب بعضها مرتبطة بإحلال الذكاء الاصطناعي مكان الموظفين، وأسباب مالية أخرى مرتبطة بجهودها لتعظيم نتائجها المالية.

وأظهر مسح أجرته مؤسسة برايس ووتر هاوس كوبرز إجماعا بين أكثر من 4700 مدير تنفيذي حول العالم في أكثر من عشر قطاعات تنشط في 105 دول شملهم الاستطلاع على اتخاذ خطوات فعلية لشطب ملايين الوظائف.

وبحسب نتائج المسح، الذي أصدرته المؤسسة مؤخرا فإن 25 في المئة من الشركات الكبرى حول العالم في قطاعات مختلفة تستعد لشطب نحو 5 في المئة من الوظائف لديها بسبب الذكاء الاصطناعي خلال 2024.

ويتجه 32 في المئة من رؤساء الشركات الناشطة في الإعلام والترفيه إلى شطب وظائف خلال العام الجاري، فيما أكد 28 في المئة من أرباب الشركات في قطاع البنوك والخدمات المالية، إنهم بدأوا التحضير لتسريح الموظفين.

وتبلغ نسبة من سيتم الاستغناء عنهم في قطاع النقل واللوجستيات نحو 25 في المئة، ومثلها في قطاع الاتصالات، وبنسبة 24 في المئة في قطاع أسواق التجزئة.

كما يتجه نحو 22 في المئة من أرباب شركات السيارات إلى إلغاء وظائف خلال العام الجاري، بينما تبلغ النسبة 21 في المئة في قطاع الطاقة، ومثلها في قطاع الصناعة.

وشرعت الكثير من الشركات منذ نهاية العام الماضي في الإعلان عن خفض عدد الموظفين والتركيز على الكفاءة، وسط التزامها ببذل المزيد من الجهد بموارد أقل، بعد عام من عمليات تسريح العمال على نطاق واسع.

ويتباين عدد من سيتم تسريحهم من قطاع إلى آخر، فبينما يبدو العدد الأكبر سيطال أولئك العاملين والموظفين في شركات التكنولوجيا والاتصالات، فإن باقي القطاعات تتوزع بين الأغذية والبنوك والتجهيزات الرياضية وصناديق إدارة المحافظ الاستثمارية.

وعلى سبيل المثال، تدرس شركة معدات الاتصالات السويدية أريكسون إلغاء 1200 وظيفة من إجمالي 99.9 ألف موظف مسجلين حتى نهاية عام 2023.

كما أعلنت مجموعة سيتلانتيس وهي الشركة الأم لشركة كرايسلر للسيارات، عن تسريح 400 موظف في الولايات المتحدة، معظمهم في وحدات البرمجيات والهندسة التابعة لشركة صناعة السيارات.

وتخطط شركة السلع الاستهلاكية يونيفيلر لفصل قسم الآيس كريم الخاص بها إلى شركة قائمة بذاتها، وستتأثر حوالي 7500 وظيفة كجزء من برنامج إعادة الهيكلة.

وكشف بنك سيتي غروب أنه سيلغي 20 ألف وظيفة بحلول نهاية عام 2026 كجزء من خطة إعادة الهيكلة متعددة السنوات، وهذا الرقم المعلن يعد الأكبر بين معظم الشركات التي تنوي تقليص الإنفاق على التوظيف.

ومطلع هذا العام، أعلنت شركة التكنولوجيا الأميركية مايكروسوفت تسريح 1900 موظف، أي ما يعادل حوالي 8 في المئة من موظفي ألعاب الفيديو لديها.

كذلك، تعمل شركة التجارة الإلكترونية العملاقة أمازون على إلغاء مئات الوظائف عبر استوديو الأفلام والتلفزيون الخاص بها ومنصة البث تويتش في محاولة لكبح التكاليف.

وكانت منظمة العمل الدولية قد حذرت في تقييم لسوق العمل العالمي نشرته مطلع يناير الماضي، من ارتفاع وشيك في البطالة العالمية لعام 2024.

نسب التسريح حسب القطاع

– 32 في المئة من شركات الإعلام والترفيه
– 28 في المئة من شركات قطاع البنوك والخدمات المالية
– 25 في المئة من الشركات في قطاعات النقل واللوجستيات والاتصالات
– 24 في المئة من شركات قطاع أسواق التجزئة
– 22 في المئة من شركات السيارات
– 21 في المئة من شركات قطاعي الطاقة والصناعة
* مؤسسة برايس ووتر هاوس كوبرز

وبينما يظهر التعافي المبدئي بعد الوباء بعض المرونة، فإن تقرير المنظمة حول التوظيف والتوقعات الاجتماعية في العالم لاتجاهات العام الجديد يكشف عن هشاشة، مع تزايد التفاوتات الاجتماعية وركود الإنتاجية الأمر الذي يثير الكثير من القلق.

وتوقعت المنظمة في تقرير “بعنوان التشغيل والآفاق الاجتماعية في العالم: اتجاهات 2024” نشرته على منصتها الإلكترونية أن يبحث مليونا عامل إضافي عن وظائف، مما يرفع معدل البطالة العالمي من 5.1 في المئة بنهاية عام 2023 إلى 5.2 في المئة هذا العام.

وأشار معدو تقرير المنظمة إلى أنه من غير المرجح أن يتم تعويض تآكل مستويات المعيشة الناجم عن التضخم بسرعة.

وذكرت أيضا أن معدلات العمل غير الرسمي ستبقى ثابتة لتمثل 58 في المئة من القوى العاملة العالمية. وقالت إن “التفاوتات لا تزال كبيرة بين البلدان ذات الدخل المرتفع والمنخفض”.

وفي أغسطس الماضي، كشفت دراسة أعدتها المنظمة أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لن يكون سببا في القضاء على الوظائف، بل سيكون أداة مكملة للكثير منها.

وأوضحت أن التغيير سيكون على صعيد جودة الأعمال والوظائف، إذ سيكون هناك تركيز واستقلالية أكبر أثناء أدائها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وقبل ذلك، أظهر تقرير نشره المنتدى الاقتصادي العالمي في مايو 2023 عن حالة “مستقبل الوظائف” أن ربع الوظائف الحالية، أي نحو 23 في المئة، ستشهد تغييرات عميقة في السنوات الخمس المقبلة.

وأوضح المنتدى أن بعض المجالات والوظائف كأخصائي الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وأخصائي الاستدامة ومحلل ذكاء الأعمال وأمن المعلومات أكثر المجالات سرعة في النمو.

ورجح خبراء المنتدى من خلال دراستهم للعوامل التي ستعمل على هذا التحول بحلول العام 2028 أن مجالات التعليم والزراعة والتجارة الرقمية تستأثر بالنصيب الأكبر من هذا النمو.

العرب