على المسؤولين الأمريكيين تذكير شركائهم في الخارج بأن دعم بكين لطهران يعرّض الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط للخطر.
عندما هاجمت إيران إسرائيل في 13 نيسان/أبريل، نشرت إحدى أكبر وسائل الإعلام الصينية الخاضعة لسيطرة الدولة على موقع “إكس/تويتر” تغريدة جاء فيها: “نتيجة عدم إدانة [المنظمات الدولية] وخاصة [مجلس الأمن الدولي] للهجمات الإسرائيلية على المنشآت الدبلوماسية الإيرانية، ردت إيران باستخبارات استراتيجية، وصواريخ وطائرات مسيّرة، ونجحت في تدمير أهداف عسكرية رئيسية في إسرائيل”. وفي حين تم حذف منشور “غلوبل تايمز” بعد ساعات قليلة، إلا أن المسؤولين الصينيين أعربوا عن الرأي نفسه منذ ذلك الحين؛ ففي مكالمة هاتفية أجراها وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في 15 نيسان/أبريل، “أشار إلى بيان إيران الذي يفيد بأن الإجراء الذي اتخذته كان محدوداً ويدخل في إطار الدفاع عن النفس رداً على الهجوم على القنصلية الإيرانية في سوريا”، ثم أضاف بأن “إيران قادرة على التعامل مع الوضع جيداً وتجنيب المنطقة المزيد من الاضطرابات”.
وتتوافق هذه الحلقة مع عموم الرسائل الصادرة من بكين منذ أن هاجمت“حماس” إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. فقد امتنع المسؤولون الصينيون عن إدانة “حماس” بشكل مباشر، وبدلاً من ذلكألقوا اللوم على إسرائيل وبالتالي على الولايات المتحدة. على سبيل المثال، ذكر وانغ يي في مكالمة هاتفية أجراها في بداية حرب غزة مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أن تصرفات إسرائيل “خرجت عن نطاق الدفاع عن النفس”. وبالفعل، أدان المسؤولون الصينيون باستمرار “الاستخدام العشوائي للقوة”، بينما وصف الرئيس شي جين بينغ في تشرين الثاني/نوفمبر تصرفات إسرائيل بأنها “عقاب جماعي” لشعب غزة. ويبدو حتى أن رسائل بكين تبرر هجوم “حماس” في بعض الأحيان. فخلال جلسة استماع في “محكمة العدل الدولية” في شباط/فبراير قالالمسؤول في وزارة الخارجية الصينية، ما شينمين، إن “استخدام الشعب الفلسطيني للقوة لمقاومة القمع الأجنبي واستكمال إنشاء دولة مستقلة هو حق من الحقوق الثابتة الراسخة في القانون الدولي”. وفي غضون ذلك، تنتشر داخل الصين الآراء المعادية لإسرائيل وللسامية في الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي المحلية.
ومن خلال رد بكين بطريقة مماثلة على القصف الإيراني غير المسبوق على إسرائيل بوابل من الطائرات المسيرة والصواريخ، قدمت بذلك فرصة أخرى لواشنطن لتظهر لشركائها في المنطقة ما الذي يجعل العلاقات الوثيقة مع الصين محفوفة بالمخاطر. فمع أن المسؤولين الصينيين يسعون منذ سنوات إلى تقديم أنفسهم كوسطاء غير متحيزين في الشرق الأوسط، وتحقيق التوازن في العلاقات الإقليمية من خلال تكرار مفاهيم تبدو محايدة مثل “احترام السيادة” و”عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية لبعضها البعض”، و”التعاون المربح للطرفين”، إلا أن هذا النهج تغير منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر مع استمرار بكين بالربط بين تصرفات إسرائيل ودعم الولايات المتحدة لها في محاولة لإلقاء اللوم عليهما وكسب تأييد الدول التي تعارض تصرفات إسرائيل.
ومع ذلك، تشهد المنطقة حالياً تأييداً صريحاً من الصين للهجوم الإيراني الذي انتهك سيادة الكثير من الدول العربية وأظهر مرة أخرى مخاطر العلاقة بين بكين وطهران وكيفية تهديدها لمصالح تلك الدول. لذلك يتعين على الولايات المتحدة في هذه الأوقات المشحونة بالتوتر أن تذكّر جهاراً دول الشرق الأوسط ومختلف أنحاء العالم بحدود “احترام الصين للسيادة”.