عين إيران على التوتر مع إسرائيل والقبضة مشددة في الداخل

عين إيران على التوتر مع إسرائيل والقبضة مشددة في الداخل

باريس – يرى محللون أن إيران شددت القيود الداخلية في الآونة الأخيرة، بما في ذلك عمليات الإعدام وتوقيف معارضين وعودة دوريات الشرطة المكلفة بمراقبة التزام قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية، في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر الإقليمي بينها وبين إسرائيل.

وشهدت إيران اعتبارا من سبتمبر 2022 احتجاجات واسعة إثر وفاة مهسا أميني (22 عاما) بعد أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في العاصمة بدعوى عدم التزامها قواعد اللباس. واعتمدت السلطات القبضة الصارمة في التعامل مع الاحتجاجات التي تراجعت بشكل ملحوظ في أواخر العام ذاته. إلا أن “القمع” الذي تمارسه السلطات، وفق توصيف المنظمات الحقوقية، دخل مرحلة جديدة تزامنا مع تصاعد التوتر الإقليمي منذ الأول من أبريل الجاري.

وفي ذلك اليوم دمّرت ضربة منسوبة إلى إسرائيل مبنى قنصلية إيران في دمشق وأودت بحياة سبعة أفراد من الحرس الثوري بينهم ضابطان كبيران. وردت طهران ليل 13 أبريل بقصف بالصواريخ والمسيّرات استهدف الدولة العبرية. وليل الخميس – الجمعة وقعت انفجارات في محافظة أصفهان وسط الجمهورية الإسلامية، نسبها مسؤولون أميركيون إلى ردّ إسرائيلي على طهران.

انصراف كل الاهتمام الدولي إلى التوتر المتصاعد مع إسرائيل يستغله النظام الإيراني في تشديد قبضته في الداخل

وتحدث ناشطون إيرانيون في الفترة الماضية عن عودة الحافلات الصغيرة بيضاء اللون لشرطة الأخلاق إلى ساحات المدن، والتي يقوم عناصرها بتوقيف المخالفات لقواعد اللباس المعتمدة في أعقاب انتصار الثورة الإسلامية في عام 1979، وأبرزها وضع الحجاب.

وأعلن قائد شرطة العاصمة عباس علي محمديان في 13 أبريل أن الشرطة في طهران وسائر المحافظات الإيرانية “ستتدخل ضد الأشخاص الذين يروجون (…) لعدم ارتداء الحجاب”.

وخلال الأيام الماضية تداول مستخدمون أشرطة فيديو لأفراد شرطة من الإناث والذكور يقومون بتوقيف نساء واقتيادهن إلى حافلات شرطة الأخلاق. وأرفقت هذه الفيديوهات بوسم “#جن_عله_زنان” بالفارسية (حرب على النساء).

وقالت نرجس محمدي، الناشطة الممنوحة جائزة نوبل للسلام 2023 والموقوفة في سجن إوين بطهران، إن “الجمهورية الإسلامية حوّلت الشوارع إلى ميدان حرب ضد النساء وجيل الشباب”، وفق رسالة تداولها مؤيدوها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وأظهر فيديو، يرجح أنه التقط قرب ساحة تجريش في شمال طهران، سيدة تسقط أرضا بعد توقيفها من قبل الشرطة. وسُمعت السيدة تقول للمارة الذين حاولوا مساعدتها إن هاتفها تمّت مصادرته.

وقال هادي قائمي، مدير “مركز حقوق الإنسان في إيران” ومقره في نيويورك، “في ظل تزايد المعارضة في الداخل وتركّز الانتباه الدولي على التوترات الإقليمية، تغتنم الجمهورية الإسلامية الفرصة لتشديد حملة القمع”.

وتابع “في غياب ردّ دولي صارم، ستتشجع الجمهورية الإسلامية على زيادة العنف الذي تمارسه ضد النساء وانتهاكاتها الفظيعة لحقوق الإنسان”.

وخلال تظاهرات 2022 قتل المئات، بينهم عناصر من قوات الأمن، وفق أرقام رسمية ومنظمات حقوقية، وتمّ توقيف الآلاف من المتظاهرين.

خلال تظاهرات 2022 قتل المئات، بينهم عناصر من قوات الأمن، وفق أرقام رسمية ومنظمات حقوقية، وتمّ توقيف الآلاف من المتظاهرين

وممن جرى توقيفهم في الأيام الماضية آيدا شاكرمي، شقيقة نيكا شاكرمي التي توفيت على هامش تظاهرات 2022 عن عمر 16 عاما، وفق ما أعلنت والدتها نسرين على منصّات التواصل الاجتماعي. وأشارت نسرين إلى أنه جرى توقيف آيدا “لعدم ارتدائها الحجاب الإلزامي”.

واتهم ناشطون قوات الأمن بقتل شاكرمي أثناء مشاركتها في الاحتجاجات، بينما قالت السلطات آنذاك إن التحقيقات تشير إلى أن الفتاة قضت “انتحارا”.

وإلى جانب ذلك أوقفت دينا قاليباف، الصحافية والطالبة في جامعة الشهيد بهشتي في طهران، بعدما اتهمت قوات الأمن عبر منصات التواصل الاجتماعي بتكبيل يديها والاعتداء عليها جنسيا خلال توقيفها سابقا في محطة لمترو الأنفاق في العاصمة، وفق ما أفادت به شبكة هنكَاو الحقوقية، ومقرها النرويج.

ويتواصل في السجون تنفيذ أحكام الإعدام التي يعتبرها الناشطون وسيلة لإثارة الخوف في المجتمع. ووفق منظمة “حقوق الإنسان في إيران”، ومقرها في النرويج، أعدمت السلطات 110 أشخاص إلى حد الآن هذه السنة.

وممن تمّ إعدامهم في الآونة الأخيرة إسماعيل حسنياني (29 عاما) وزوجته مرجان حاجي زاده (19 عاما) المدانَان في قضايا مرتبطة بالمخدرات، وتمّ تنفيذ حكم الإعدام بحقهما في السجن المركزي لزنجان (وسط) في 11 أبريل، وفق منظمة “حقوق الإنسان في إيران”.

واعتبر مدير المنظمة محمود أميري مقدم أن “النظام سيستغل بلا أدنى شكّ هذه الفرصة لتشديد قبضته في الداخل”.

وأشار إلى أن السلطات “لم تتمكن بعد من استعادة السيطرة إلى الحد الذي كانت عليه قبل سبتمبر 2022. الآن ربما لديها فرصة القيام بذلك، في حال انصرف كل الاهتمام الدولي إلى التوتر المتصاعد مع إسرائيل”.

العرب