نشرت عدة صحف عبرية مقالات رأي بالتزامن مع الضربة العسكرية الإسرائيلية على إيران تحدثت عن موافقة أمريكية مستجدة على احتلال رفح مقابل الرد المحدود على إيران. اجتمعت المقالات، أيضا، على أن إسرائيل أبلغت مصر قرارها هذا، وأن القاهرة قد سلّمت بالحدث المقبل، وأنها تجري استعداداتها لتداعيات الهجوم بتجهيز «منطقة محايدة» ينزح الفلسطينيون إليها.
ستتم عملية الاجتياح، حسب المعلومات، بناء على خطة متفق عليها بين واشنطن وتل أبيب، في تنازل، على ما يظهر، من الجانب الأمريكي الذي كرّر سابقا المخاوف من التداعيات الدموية للعملية، ومقابل تراجع حكومة بنيامين نتنياهو عن ردود عنيفة على إيران يمكن أن تشعل حربا شاملة في المنطقة.
سيدفع سكان غزة، حسب هذا المخطط، ثمن الضربات المحدودة المتبادلة بين إسرائيل، وستفرض حكومة نتنياهو، مجددا، خطط الإبادة والمجاعة قدما على العالم. ستُحتسب عملية قصف جنرالات «الحرس الثوري» في دمشق التي رفعت حرارة الإقليم والعالم، حسب هذا المآل الأخير، عمليّة ناجحة ما دام نتنياهو قد حصد ثمنها من دماء الفلسطينيين، ودفع حليفه الأول، الرئيس الأمريكي جو بايدن للتراجع.
أعادت المواجهة الإقليمية زخم الدعم الغربيّ لإسرائيل، بدءا من اشتراك أمريكا وبريطانيا وفرنسا في الدفاع المباشر عنها، وإعداد حزمة من العقوبات الأمريكية والأوروبية، وتعالي تصريحات الزعماء الأوروبيين المنددة بطهران، لكنّ أبرز ما حصل في هذا المجال كان إقرار مجلس النواب الأمريكي تمويل إسرائيل بـ26,4 مليار دولار مع تحديد أن الأموال ستدعم «جهودها للدفاع عن نفسها ضد إيران ووكلائها» لكنها، أيضا، فرضت حظر إرسال الأموال إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) التي تدعم اللاجئين الفلسطينيين، بحيث يسير هدف «الدفاع عن إيران» مع استكمال كل ما يمكن فعله لجعل حياة الفلسطينيين أكثر موتا ومجاعة وبؤسا.
تذهب أغلب التحليلات إلى القول إن إسرائيل لم تكن قادرة على اجتياح رفح من دون الموافقة الأمريكية، في المقابل، كانت تصريحات نتنياهو، ووزرائه، تؤكد، مرارا وبدون كلل، أن الهجوم سيحصل سواء وافقت واشنطن عليه أم لم توافق. إذا صدقت الأنباء المطروحة، فإننا نشهد انزياحا أمريكيا ـ غربيا نحو موقف حكومة نتنياهو.
إضافة إلى الضوء الأخضر الأمريكي يتحدث الإعلام العبري عن تنسيق «مع دول مهتمة» وهو ما يمكن أن يعني، إضافة إلى مصر، دولا عربية، كالإمارات، لكن حصول ذلك، لا يمكن تسميته «تنسيقا» وهو لن يؤدي إلى تفرّق دماء الضحايا «بين القبائل» بل سيؤدي إلى مشاركة الغرب، المدافع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والتحضر، وبعض الشركاء العرب، لإسرائيل في الإبادة التاريخية للفلسطينيين.