أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن حجم التجارة السنوي بين بلاده وإسرائيل وصل إلى 9.5 مليار دولار، وقال: «ونحن اعتبرنا أن هذه التجارة غير موجودة، وبدأنا مرحلة جديدة» بقطع العلاقات التجارية.
وفي تعليق على قرار أعلنته وزارة التجارة التركية بوقف التجارة مع إسرائيل إلى حين وقف إطلاق النار في غزة، والسماح بدخول المساعدات بشكل كاف ومستدام، قال إردوغان، في تصريحات في إسطنبول، الجمعة، إن «ما يحدث من تطورات من جانب إسرائيل بحق الفلسطينيين لا يمكن قبوله، وإسرائيل قتلت حتى الآن نحو 40 – 45 ألف فلسطيني، بوصفنا مسلمين، لا يمكننا الصمت على هذه الجرائم».
انتقادات للمعارضة ونتنياهو
ووجه إردوغان انتقادات لأحزاب المعارضة التي هاجمت حكومته قبل الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي بسبب استمرار التجارة مع إسرائيل، قائلاً: «للأسف، في بلادنا، استخدمت الأحزاب، التي تمثل الوجه الوحشي للسياسة، هذا الأمر بلا رحمة خلال أجواء الانتخابات، بعض الأطراف السياسية كانت تهاجمنا قبل الانتخابات حول العلاقات مع إسرائيل، وكانت هجمات غير محقة… نحن صبرنا حتى انتهاء الانتخابات، واتخذنا الآن قرار قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل بشكل كامل».
أضاف إردوغان: «خطوة قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل كانت لازمة، وتم اتخاذها. اعتبرنا أن التجارة التي يبلغ حجمها السنوي 9.5 مليار دولار، غير موجودة، وبدأنا مرحلة جديدة».
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك (أرشيفية – د.ب.أ)
وتابع: «خلال لقائي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أميركا، العام الماضي، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، قلت له مواقفنا والخطوات التي يجب القيام بها، ولكن نتنياهو عديم الرحمة، وانعدام رحمته يستخدمه ضد الفلسطينيين من خلال المجازر، ونحن لم يكن بالإمكان أن نصبر أكثر من ذلك».
وقف التجارة
وأعلنت وزارة التجارة التركية، في بيان على «إكس»، ليل الخميس – الجمعة، أن تركيا أوقفت جميع الصادرات والواردات مع إسرائيل، بما يشمل جميع المنتجات، ابتداء من الخميس، بسبب تفاقم المأساة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية.
وقالت: «تركيا ستنفذ هذه الإجراءات الجديدة بشكل صارم وحاسم حتى تسمح الحكومة الإسرائيلية بتدفق غير متقطع وكاف للمساعدات الإنسانية إلى غزة».
وقال وزير التجارة التركي، عمر بولاط، الجمعة، إن تعليق التجارة مع إسرائيل سيستمر حتى تأمين وقف إطلاق نار دائم في غزة، وتدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق للفلسطينيين هناك.
وأضاف، خلال كلمة في إسطنبول حيث أعلن بيانات التجارة خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، أن موقف إسرائيل المتشدد والوضع المتدهور في غزة دفعا تركيا إلى تعليق التجارة.
متظاهرون يتضامنون مع فلسطين في ساحة بيازيد بإسطنبول الجمعة (رويترز)
وعبرت كبريات اتحادات رجال الأعمال والكيانات الاقتصادية في تركيا دعمها لقرار وزارة التجارة. وقال رئيس جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين (موصياد) محمود أصمالي، في بيان، إن قرار وزارة التجارة من أهم القرارات في فرض الحصار على إسرائيل، في ظل عدم تحرك العالم حيال العدوان الإسرائيلي الوحشي، وعدم تحرك النظام الدولي الحالي لإيجاد حل لتحقيق العدالة والسلام.
وقال رئيس جمعية «رجال أعمال أسود الأناضول»، أورهان أيدين، إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية غير مسبوقة في غزة، أمام أعين العالم أجمع، بضربها عرض الحائط القرارات والاتفاقيات القانونية الدولية.
وأكد رئيس غرفة تجارة إسطنبول، شكيب أوداغيتش، دعمه لقرار تعليق التجارة مع إسرائيل، لافتاً إلى أن تركيا أظهرت بهذا القرار موقفها على أعلى المستويات تجاه الجريمة ضد الإنسانية المرتكبة في فلسطين.
دعم وترحيب
ورحبت حركة «حماس» بالخطوة التركية وعدّتها انتصاراً للشعب الفلسطيني. وقالت، في بيان الجمعة: «نثمن عالياً القرارات التي اتخذتها الجمهورية التركية مؤخراً، ونراها انتصاراً لشعبنا الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة مروعة».
وأضافت أن من هذه القرارات، وقف التعامل التجاري مع إسرائيل، والإعلان عن الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
في المقابل، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إردوغان بانتهاك الاتفاقات بإغلاق الموانئ أمام الواردات والصادرات الإسرائيلية. وقال عبر منصة «إكس»: «هذه هي الطريقة التي يتصرف بها الديكتاتور، متجاهلاً مصالح الشعب التركي ورجال الأعمال الأتراك، ومتجاهلاً اتفاقات التجارة الدولية».
وقال كاتس إنه أصدر توجيهات لوزارة الخارجية بالعمل على إيجاد بدائل للتجارة مع تركيا، مع التركيز على الإنتاج المحلي، وواردات من دول أخرى.
ضغوط على إسرائيل
وسبق أن أعلنت وزارة التجارة التركية فرض قيود على تصدير 54 منتجاً كان يدخل فيها وقود الطائرات والإسمنت وحديد التسليح والأوناش ومعدات الحفر والمواد الكيميائية، وغيرها.
كما أعلن وزير الخارجية هاكان فيدان، الأربعاء، انضمام بلاده إلى الاستئناف المقدم من جنوب أفريقيا على قرار محكمة العدل الدولية بشأن دعواها ضد إسرائيل لارتكابها إبادة جماعية في غزة.
وأرجع محللون، منهم الصحافي مراد يتكين، قرار تركيا تكثيف إجراءاتها ضد إسرائيل، سواء بالانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا أو وقف تجارتها مع إسرائيل، إلى عدم حصول وزير الخارجية هاكان فيدان، خلال لقاءيه مع كل من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في السعودية قبل أيام، على أي إشارات توضح أن الدول الغربية ستمارس المزيد من الضغوط على إسرائيل؛ كخفض المساعدات العسكرية وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة.