الذكاء الاصطناعي يكشف عن قلق أميركي من المنافسة الصينية – الروسية

الذكاء الاصطناعي يكشف عن قلق أميركي من المنافسة الصينية – الروسية

تشكل الهجمات الرقمية والتضليل المعلوماتي بجانب المخاوف المتواصلة من تصنيع أسلحة بيولوجية أكثر ما تخشاه الولايات المحتدة في سياق تصاعد المنافسة من الجانبين الصيني والروسي للتغلب على تقدمها في مجال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، وهو ما قاد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى بذل المزيد من الجهود لحماية أكثر نماذجها تطورا حتى لا تتحول إلى أداة تهديد لها.

واشنطن – تستعد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لفتح جبهة جديدة في جهودها لحماية الذكاء الاصطناعي المطوَر في الولايات المتحدة من الصين وروسيا عبر خطط أولية لتأمين أكثر نماذجه تطورا، وفق ما ذكرت رويترز الأربعاء.

ويخشى باحثون من الحكومة والقطاع الخاص من أن أعداء واشنطن قد يستخدمون هذه النماذج، التي تحلل كميات هائلة من النصوص والصور لتلخيص المعلومات وتوليد المحتوى، في شن هجمات رقمية شديدة أو حتى في تصنيع أسلحة بيولوجية ناجعة.

وفيما يلي بعض التهديدات التي يشكلها الذكاء الاصطناعي:

يظهر التزييف العميق على مواقع التواصل الاجتماعي، فيخلط بين الحقيقة والخيال في عالم السياسات الأميركية القائم على الاستقطاب.

والتزييف العميق هو مقاطع فيديو تبدو واقعية لكنها غير حقيقية أنشأتها خوارزميات الذكاء الاصطناعي المدربة على مقاطع فيديو كثيرة عبر الإنترنت.

وعلى الرغم من توفر هذه الوسائط المولدة رقميا منذ عدة سنوات، فقد استفحلت قدراتها على مدى العام الماضي بفعل مجموعة من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي الجديدة مثل أداة “ميد جيرني” التي تجعل إنشاء مقاطع تزييف عميق مقنعة أمرا يسيرا ورخيص التكلفة.

وقال باحثون في تقرير في مارس إن من الممكن استخدام شركات مثل أوبن أي.آي ومايكروسوفت أدوات إنشاء الصور التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في توليد صور قد تروّج لمعلومات مضللة ذات صلة بالانتخابات وبالتصويت، وذلك على الرغم من وجود سياسات في كلتا الشركتين لمكافحة إنشاء المحتوى المضلل.

وتستغل بعض حملات التضليل المعلوماتي بكل بساطة قدرة الذكاء الاصطناعي على محاكاة المقالات الإخبارية الحقيقية كوسيلة لنشر المعلومات الزائفة.

ومع بذل منصات تواصل اجتماعي كبيرة، مثل فيسبوك وإكس ويوتيوب، جهودا لحظر التزييف العميق وإزالته، يتفاوت مدى فعالية هذه الجهود في مكافحة ذلك المحتوى.

وقالت وزارة الأمن الداخلي الأميركية في تقييمها للتهديدات الداخلية لعام 2024 إن في العام الماضي على سبيل المثال روّج موقع إخباري صيني تسيطر عليه الحكومة ويستخدم منصة ذكاء اصطناعي توليدي ادعاء زائفا كان متداولا في وقت سابق ومفاده أن الولايات المتحدة تدير مختبرا في قازاخستان لتصنيع أسلحة بيولوجية لتستخدمها في مواجهة الصين.

وذكر جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، أن المشكلة ليس لها حل سهل لأنها تجمع بين قدرة الذكاء الاصطناعي و”نية جهات رسمية وغير رسمية لاستخدام التضليل المعلوماتي على نطاق كبير في تخريب الديمقراطيات وترويج الدعاية وتشكيل الوعي في العالم”.

وأضاف “في الوقت الحالي، يتفوق الهجوم على الدفاع بفارق كبير”. وجاء حديث سوليفان خلال فعالية للذكاء الاصطناعي في واشنطن.

يتزايد قلق مجتمع المخابرات ومراكز البحوث والسلك الأكاديمي في الولايات المتحدة إزاء مخاطر تشكلها جهات أجنبية عدائية تملك حق الوصول إلى قدرات الذكاء الاصطناعي المتطورة.

وأشار باحثون في شركة “جريفون ساينتيفيك” ومؤسسة “راند” البحثية إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة يمكنها تقديم معلومات من شأنها المساعدة في تصنيع أسلحة بيولوجية.

ودرست جريفون كيفية استخدام جهات عدائية النماذج اللغوية الكبيرة في إلحاق الضرر في مجال علوم الحياة، وخلصت إلى أنها “يمكنها تقديم معلومات قد تدعم جهة شريرة في إنشاء سلاح بيولوجي من خلال تقديم معلومات مفيدة ودقيقة وتفصيلية في كل خطوة من خطوات هذا المسار”.

والنماذج اللغوية الكبيرة هي برامج كمبيوتر تستعين بمجموعات ضخمة من النصوص لتوليد ردود على الاستفسارات.

وخلصت جريفون إلى أن أي نموذج لغوي كبير قد يوفر على سبيل المثال معلومات يصل مستواها إلى ما بعد مرحلة الدكتوراه لحل مشكلات تطرأ خلال العمل على فايروس قادر على نشر وباء.

وأظهرت مؤسسة “راند” البحثية أن النماذج اللغوية الكبيرة قد تسهم في التخطيط لهجوم بيولوجي وتنفيذه. وخلصت إلى أن أي نموذج لغوي كبير قد يقترح، على سبيل المثال، أساليب لنثر مادة البوتوكس السامة في الهواء.

وكانت “راند” لفتت في تقرير لها نشره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة إلى أن مع توافر المزيد من الوقت، أو المهارات المتقدمة، أو الموارد الإضافية، أو الدوافع المتجددة، يمكن تصور أن يتم تحفيز جهة فاعلة ضارة غير حكومية على استخدام النماذج اللغوية الكبيرة الحالية أو المستقبلية للتخطيط أو لشن هجوم بالأسلحة البيولوجية.

أسلحة رقمية
جهات رسمية وغير رسمية لها نية لاستخدام التضليل المعلوماتي على نطاق كبير في تخريب الديمقراطيات وترويج الدعاية وتشكيل الوعي في العالم

قالت وزارة الأمن الداخلي الأميركية في تقييمها للتهديدات الداخلية لعام 2024 إن الجهات الرقمية من المرجح أن تستخدم الذكاء الاصطناعي في “تطوير أدوات جديدة لتمكين شن هجمات رقمية أوسع نطاقا وأكثر سرعة وكفاءة ومراوغة” على البنية التحتية الحساسة، بما في ذلك خطوط أنابيب النفط والغاز والسكك الحديدية.

وذكرت الوزارة أن الصين وجهات معادية أخرى تطور تكنولوجيا ذكاء اصطناعي من شأنها تقويض الدفاعات الرقمية الأميركية، بما في ذلك برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تدعم هجمات البرمجيات الخبيثة.

وكشفت مايكروسوفت في تقرير في فبراير أنها تعقبت جماعات تسلل إلكتروني تابعة للحكومتين الصينية والكورية الشمالية، بالإضافة إلى المخابرات الحربية الروسية والحرس الثوري الإيراني، في ظل محاولتها إحكام هجماتها عبر الإنترنت بالاستعانة بالنماذج اللغوية الكبيرة.

وتأتي مساعي إدارة بايدن لفتح جبهة جديدة في جهودها لحماية الذكاء الاصطناعي، في وقت لا تخفي فيه الصين رغبتها في إزاحة الولايات المتحدة وحلفائها عن الريادة العالمية في مجال ابتكار وتطوير الأجيال الجديدة من التكنولوجيا، إذ تعتقد بكين أن الريادة التكنولوجية مكون حيوي في قوتها القومية وشرط مسبق مهم لتعزيز نفوذها في الشؤون الدولية.

وتلعب الولايات المتحدة دور الريادة في تطوير الذكاء الاصطناعي، غير أن الصين تتحرك بقوة في محاولة لتجاوز منافسيها الأميركيين بحلول عام 2030.

وتلقي الصين بمئات المليارات من الدولارات لتنفيذ مهمتها وخططها الطموحة في هذا المجال، وذلك بالتعاون مع شركاتها الكبرى في مجال التكنولوجيا، وعن طريق تشجيع ظهور الشركات الناشئة الخاصة التي تبلغ قيمتها مليار دولار أو أكثر.

ويبدو أن الذكاء الاصطناعي، وهو مصطلح شامل يشمل الشبكات العصبية والتعلم الآلي وتكنولوجيات التعلم العميق، لديه القدرة على تطوير الحياة المدنية والعسكرية بشكل أساسي في العقود القادمة. وهو ما يحول الذكاء الاصطناعي إلى قوة عالمية تتطلب الاهتمام.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصدر عناوين الصحف في العام 2017 عندما قال أمام جمهور من الشباب الروسي إن الذي سيكون قادرا على التحكم في مجال الذكاء الاصطناعي، سيكون قادرا على أن يحكم العالم.

ويشار في تقارير إعلامية سابقة إلى أن موسكو تركز على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري وستعتمد على التجسس الإلكتروني والسرقة لمحاولة العثور على اختصارات لتطوير هذا المجال في بلادها، وكل ذلك أثناء محاولتها الحفاظ على توافقها الإستراتيجي مع الصين لتحدي الولايات المتحدة.

العرب