السعودية تستكشف فرص توسيع شراكاتها مع المغرب

السعودية تستكشف فرص توسيع شراكاتها مع المغرب

تسعى السعودية إلى دعم أوجه التعاون الاقتصادي مع المغرب عبر استكشاف فرص دعم الشراكة في قطاعات ذات قيمة مضافة، في خطوة تعد ببناء مرحلة جديدة أكثر تعاونا تتضمن تقوية الاستثمار وخاصة في مجال الصناعة، ودفع التجارة إلى أفق أرحب.

الرباط – تنظر السعودية منذ فترة إلى الفرص الكامنة، التي يمكن الاستفادة منها في المغرب، والتي ستخدم اقتصادي البلدين اللذين يعملان على تنفيذ حزمة واسعة من الإصلاحات التي ستسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص العمل وجذب المستثمرين.

وأكد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف أن بلاده تعتزم تعزيز الشراكات الصناعية مع المغرب في قطاعات رئيسية على رأسها الطاقة والبتروكيماويات والفوسفات.

ويزور الخريف المغرب للمشاركة في أعمال الدورة الثامنة والعشرين للجمعية العامة للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين المنعقدة بالرباط، وقد التقى بوزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، ووزيرة الاقتصاد والمالية نادية العلوي.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إلى الخريف قوله أثناء زيارته إلى الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهو تجمع لأرباب العمل، قوله إن “المغرب يشهد تقدما اقتصاديا، خاصة في الصناعة والتعدين، حيث يمكن للبلدين التعاون بكفاءة، لاسيما في مجال الفوسفات”.

وناقش الوزير السعودي فرص التعاون مع المسؤولين المغاربة والشراكة مع بلدهم في قطاع التعدين، بما في ذلك صناعة الفوسفات، وفق ما أشارت إليه وكالة الأنباء السعودية الرسمية .

وتراهن السعودية على الصناعة لتنويع اقتصادها وفق أجندة رؤية 2030 من خلال بلورة إستراتيجيات تركز على الخدمات اللوجستية والتصدير والتعليم.

وتستهدف الإستراتيجية الصناعية للبلد الخليجي 12 قطاعا، من بينها تلك المتعلقة بالاستدامة والموارد الطبيعية وصناعات المستقبل.

وأكد الخريف أن هذه المبادرات تتيح العديد من الفرص للتعاون مع المغرب في مشاريع مبتكرة وإستراتيجية.

كما شدد على ضرورة التنمية السريعة للتجارة الثنائية بغية بلوغ الطموحات المشتركة، خاصة وأن بلده تستعد لاستضافة أحداث كبرى على غرار معرض إكسبو 2030، وكأس العالم 2034 وأيضا مشاريع مثل نيوم التي ستستدعي عرضا متنوعا من السلع والخدمات.

ونظرا لكفاءاته الصناعية وسوقه المتنامية، اعتبر الخريف أن المغرب من شأنه أن يضطلع بدور رئيسي في هذه المبادرات، خاصة عن طريق المشاركة في المشاريع ذات الأولوية المحددة في الإستراتيجية الصناعية للسعودية.

وبينما تعد السعودية أحد أكبر منتجي النفط في العالم، وهي أحد قادة تحالف أوبك+، وتعمل على توسيع استثماراتها في قطاع الوقود الأحفوري ومجال التكرير، فإنها تتطلع إلى اقتناص الفرص في مجالات أخرى مدرة للإيرادات والأرباح مثل الأسمدة.

ويمتلك المغرب أكبر مخزون من الفوسفات، بنسبة تقدر بنحو سبعين في المئة من الاحتياطي العالمي تليها الصين وثلاث دول عربية هي مصر والجزائر وسوريا.

وتُعدّ البلاد ثاني أكبر منتج لمادة الفوسفات، بنحو 30 مليون طن سنويا، وأول مصدر لها على مستوى العالم، بينما تتصدر الصين دول العالم في الإنتاج السنوي بواقع 90 ألف طن، وتظهر في قائمة كبار المنتجين كذلك السعودية والأردن والبرازيل.

4.4 مليار دولار حجم المبادلات التجارية بين البلدين لغاية 2022 وفق التقديرات المتوفرة

ويرتبط المغرب مع دول الخليج عموما بعلاقات تعاون ترتقي إلى مرتبة العلاقة الإستراتيجية، التي يؤطرها تناغم سياسي كبير وتبادل نشط للمنافع الاقتصادية، وتنسيق عالي المستوى بشأن قضايا التكامل في العديد من القطاعات الإنتاجية.

وأكد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب لعلج أن ممثلي القطاع الخاص السعودي والمغربي قد اتفقوا خلال هذا الحدث على برنامج عمل مشترك، إضافة إلى سلسلة من المبادرات الرامية لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي بين البلدين.

واعتبر أن زيارة الخريف تمثل فرصة لتتبع هذه المبادرات وفهم الصعوبات المحتملة التي تواجه أصحاب المشاريع والمستثمرين المغاربة الواجب إزالتها لتحفيز أعمالهم في السوق السعودية، والعكس بالنسبة إلى السعوديين.

وكان الاتحاد قد قام بزيارة إلى الرياض خلال يناير الماضي عبر وفد ضم أكثر من مئة شركة تمثل 15 قطاعا في إطار انعقاد المنتدى الاقتصادي السعودي – المغربي.

ويحتل المغرب المرتبة الرابعة والخمسين ضمن الدول المصدرة للسعودية تشمل منتجات كيماوية غير عضوية وسيارات وقطع غيار وفواكه وألبسة وهو الشريك رقم واحد مع البلد النفطي بين دول المنطقة العربية.

في المقابل تحتل السعودية المرتبة العاشرة ضمن الدول المصدرة للمغرب، وتشمل صادراتها اللدائن ومصنوعاتها والمنتجات المعدنية والأملاح والأحجار والإسمنت والورق والمواد الدابغة والملونة.

ويتجاوز طموح البلدين هدف تعزيز التبادل التجاري إلى العمل سويا على إنشاء شركات مشتركة لدخول الأسواق الأفريقية، بالاعتماد على تواجد البنوك والشركات المغربية في عدد كبير من دول القارة.

وفي يناير الماضي، قال رئيس اتحاد الغرف السعودية حسن الحويزي، أثناء انعقاد مجلس الأعمال السعودي – المغربي المشترك بالرياض، إن “حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع من 1.4 مليار دولار في 2021، إلى 4.4 مليار دولار في 2022”.

ووفق البيانات الرسمية، يبلغ حجم استثمارات السعودية في المغرب حوالي نصف مليار دولار، وثمة إمكانيات استثمارية متاحة للقطاع الخاص السعودي بقيمة تتراوح بين ملياري دولار إلى 3 مليارات دولار.

ولتقوية أسس التعاون فيما بينهما تخطط الرياض والرباط لإنشاء كيان مشترك يُعهد إليه تنمية الاستثمارات والصادرات، في استكمال لخطة طموحة اتفق عليها الطرفان.

وكشف خالد بن جلون رئيس مجلس الأعمال المغربي – السعودي في مقابلة مع اقتصاد الشرق من بلومبيرغ في مايو 2023 أن البلدين يدرسان استحداث صندوق لدعم الشركات المتوسطة والصغيرة للتصدير والاستثمار في البلدين بهدف رفع حجم التجارة البينية.

ومن المقرر أن يشارك في تأسيس الصندوق القطاعان العام والخاص من البلدين، بما في ذلك البنوك المغربية في مقدمتها التجاري وفا بنك والبنك الشعبي والقرض الفلاحي للمغرب وبنك أفريقيا.

أما من الجانب السعودي فسيسهم كل من البنك السعودي للاستثمار، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية في رأس مال الكيان الجديد.

ويتطلع البلدان في إطار تعزيز شراكتهما إلى تعزيز المنظومة اللوجيستية من خلال الحد من بعض العراقيل التي قد تعيق التجارة ودعمها في المستقبل عبر إطلاق خط بحري بين البلدين والذي من شأنه تقوية المبادلات البينية.

ورغم الحديث قبل عدة أشهر عن إطلاق خط بحري مباشر بين البلدين وهو موضوع دراسة لمدة سنوات، إلا أنه إلى الآن لم يتم تجسيد ذلك فعليا.

العرب