تجار النفط يراقبون بقلق تفاعلات سياسة أوبك+

تجار النفط يراقبون بقلق تفاعلات سياسة أوبك+

ألقى قرار أوبك+ بإعادة إمدادات النفط في وقت لاحق هذا العام بظلال قاتمة على التجار، الذين يعتقدون أن الخطوة تفتقر لإثباتات مقنعة على أن ثمة تحسنا طال انتظاره في الأسواق العالمية، بينما يصر التحالف على موقفه الذي يراه متوازنا رغم أنه تسبب في تراجع الأسعار.

لندن – ينظر محللون وتجار النفط بتحفظ إلى قرار تحالف أوبك+ المتعلق بتثبيت الإنتاج وتأجيل زيادة التصدير، حيث يتوقعون تضاؤل مخزونات الخام، وما يثيره من تفاعلات مع ذروة الطلب خلال الصيف، الذي ينمو فيه الاستهلاك العالمي.

وأعلن التحالف في اجتماعه الأخير الأحد الماضي، أن أوبك+ ستعيد تدريجيا ضخ 2.17 مليون برميل يوميا إلى السوق اعتبارا من أكتوبر المقبل، والتي كانت تحجبها طواعية دعما للأسعار.

ومن المقرر أن يُنفذ القرار على مدى اثني عشر شهرا، ويعتمد ذلك على السوق خلال هذه الفترة، وهو ما أشار إليه وزراء الطاقة في التحالف الخميس، حيث رجحوا تعديل أحدث اتفاق لهم بشأن الإنتاج إذا لزم الأمر لدعم السوق بعد تراجع الأسعار.

وقال يب جون رونغ إستراتيجي السوق لدى آي.جي لرويترز “تمكنت أسعار النفط من استعادة بعض القوة خلال الأيام القليلة الماضية مستفيدة من تطمينات من أوبك+”.

وجرى تداول خام برنت الخميس الماضي بأعلى من 78 دولارا للبرميل، مستفيدا من تزايد التوقعات بشأن خفض الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) لأسعار الفائدة، لكن العقود الآجلة تراجعت الجمعة إلى 75.68 دولارا.

ودافع هيثم الغيص الأمين العام لأوبك خلال حديث في مؤتمر اقتصادي تحتضنه سان بطرسبرغ الروسية عن التعديلات الأحدث، ووصفها بأنها “ناجحة”، وأبدى تفاؤله حيال استمرار الطلب القوي على النفط وأرجع هذا إلى تعافي حركة السفر.

لكن تجار الشحنات الفعلية يرون أن أحد محركات قرار مجموعة الدول المنتجة المتمثل في أن الطلب يجب أن يقوى بشكل حاد خلال أشهر الصيف القادمة، لم يتحقق بعد.

وهذا لا يعني أن التحسن لن يحدث، حيث يسود إجماع بين المحللين على أن مخزونات النفط ستتضاءل في الأشهر المقبلة، بما يساعد في التعامل مع إمدادات أوبك+ الإضافية عند وصولها إلى السوق.

ويواجه التحالف مطالب لإلغاء تخفيضات الإنتاج الضخمة التي أدّت إلى رفع الأسعار ومنعت في الوقت ذاته دولا من توسيع صناعاتها النفطية كما خططت. وحتى بعد إلغاء بعض القيود، ستظل الملايين من براميل النفط خارج السوق العالمية.

وتهيمن على السوق اليومية التي يتم فيها شراء وبيع الشحنات الفعلية، علامات تشير إلى فائضٍ بسبب ضعف شراء الصين للخام وكذلك مناطق أخرى، وهو ما يضعف ثقة التجار.

ودفعت هوامش الربح الضعيفة لتكرير وقود الديزل إلى شراء الصين كميات أقل من خام إسبو الروسي شائع الاستخدام من المصافي الخاصة في البلاد، التي تتجه وارداتها من هذا الخام إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات هذا الشهر.

وعلى نحو مماثل، واجهت بعض شحنات يوليو المقبل من خام زاكوم العلوي في أبوظبي صعوبة في إيجاد مشترين في سوقها الآسيوية الرئيسية، وفقا لتجار تحدثت معهم وكالة بلومبيرغ. كما تظهر مؤشرات ضعف في كل من بحر الشمال والولايات المتحدة.

وأفاد التجار أن ما لا يقل عن 6 من أصل 8 شحنات فورتيس من بحر الشمال، التي كانت مخصصة للتحميل في مايو، لا تزال عالقة في البحر قبالة سواحل المملكة المتحدة نتيجة ضعف الشراء من آسيا.

◙ الأسواق تسيطر عليها إشارات بتوفر فائض من المعروض وسط إقبال محدود من الصين ومناطق أخرى على الشراء

ولوضع الأمر في سياقه، اشترت الصين 4 ملايين برميل من هذا النوع للتحميل في أبريل، ومليوني برميل لشهر مارس. وتحاول شركات بيع خامات بحر الشمال لشهر يونيو منذ أسبوعين دون جدوى، بينما انتهى المطاف بناقلة عملاقة تحمل خامي يوهان سفيردروب وأوسبيرغ النرويجيين إلى تفريغ حمولتها في السويد.

وجاء ذلك بعد رحلة استغرقت يوما واحدا من محطات التحميل في بحر الشمال، وهي رحلة قصيرة بشكل غير عادي وذلك بالنسبة إلى سفينة مصممة لنقل البضائع لآلاف الأميال.

ويرى التجار علامات أخرى على الهبوط في دورة تدولات يوليو، فالاثنين الماضي، تم إدخال شحنتين من خام إيكوفيسك، وشحنة من خام أوسبيرغ، وهما من الدرجات الممتازة، في السلاسل الآجلة، وهي آلية لتداول وتسليم خام بحر الشمال إلى السوق الفعلية.

وتُستخدم السلاسل في العادة لأرخص ست درجات قياسية وهي خامات برنت وفورتيس وأوسبيرغ وإيكوفيسك وترول وغرب تكساس الوسيط ميدلاند.

ووفق بلومبيرغ، اعتبر التجار أن التسلسل غير المعتاد لخامين ممتازين يشير إلى أن سوق شحنات الخام في يوليو قد تكون ضعيفة أيضا. ومن المقرر أن تصل هذه البراميل إلى آسيا في منتصف الصيف، أو أواخره.

وفي الولايات المتحدة، أفاد تجار أن ملايين البراميل من الخام الخفيف المعروضة للتحميل في يونيو لم يتم بيعها، مع تراجع الطلب من الصين. وأعيد توجيه بعض الكميات إلى مصافي التكرير الأميركية، حيث تظل الهوامش قوية، وبعضها يتجه ببطء إلى الأسواق العالمية بخصومات أكبر.

ويقول محللو الصناعة إن أي من هذه التطورات لا يشكل أمرا كارثيا في حد ذاته بالنسبة إلى أوبك+، أو المراهنين على أن التحالف سيدعم السوق، لكن في الوقت ذاته لا تشير إلى سوق تحولت إلى متفائلة بشكل حاسم حتى الآن.

وأشار ثلاثة تجار على الأقل في آسيا إلى إنه في حين أن براميل أوبك+ لن تصل إلا في وقت لاحق من 2024، فإن ذلك يضعف التوقعات، ويعني منحنى مستقبليا أكثر مرونة، ما يؤدي بدوره إلى تهاوي الأسعار الأكثر فورية.

وترددت هذه الآراء لدى ثلاثة تجار أوروبيين وأربعة أميركيين، والذين أشاروا إلى علامات على شراء صيني باهت.

وانخفض مؤشر رئيسي لقياس قوة السوق الآسيوية، الذي يمثل علاوة العقود الآجلة للخام العُماني مقابل عقود مقايضة خام دبي إلى 62 سنتا للبرميل الثلاثاء الماضي، وهو ما يزيد عن النصف مقارنة بالأسبوع السابق.

ويأتي ذلك بموازاة هبوط هوامش قطاع التكرير في آسيا إلى ما يقرب من أدنى مستوى منذ شهر نوفمبر الماضي. كما تواصل الأرباح من إنتاج الوقود مثل البنزين والديزل في التراجع، مع زيادة الشحنات من الشرق الأوسط والهند التي تغمر السوق.

ورغم ذلك، فثمة المزيد من العلامات المشجعة على الطلب الفوري من غرب أفريقيا، وهي منطقة تصدير مهمة، حيث يمكن للبراميل أن تتوجه إلى مراكز الطلب الرئيسية في العالم.

وتعافت مبيعات الخام النيجيري لشهر يونيو بعد خفض أسعار البيع الرسمية إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر، وأنهت المصافي الأوروبية العمليات الموسمية. ولم تتبق سوى أقل من عشر شحنات بانتظار مشترين لها، وفقا لتجار تحدثوا بلومبيرغ، مؤكدين أن إمدادات أنغولا لهذا الشهر بيعت تقريبا.

العرب