الإصلاحيون في إيران يضغطون للقبول بمرشح عنهم في الانتخابات

الإصلاحيون في إيران يضغطون للقبول بمرشح عنهم في الانتخابات

طهران – أكد أبرز تحالف إصلاحي في إيران السبت أنه يربط مشاركته في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 28 يونيو بالمصادقة على ترشيح أحد أعضائه من قبل مجلس صيانة الدستور.

ونقلت صحيفة اعتماد عن الناطق باسم جبهة الإصلاحيين جواد إمام قوله إن “الإصلاحيين يشاركون في الانتخابات إذا كان لديهم مرشح. وإلا فيجب عدم توقع مشاركتهم”. وتقرر تنظيم الانتخابات الرئاسية المبكرة في 28 يونيو بعد وفاة الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في 19 مايو الماضي.

وقدمت 80 شخصية ترشيحاتها ويفترض أن يصادق عليها مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون، بحلول الثلاثاء. وقالت رئيسة الجبهة آذر منصوري كما نقلت عنها وكالة أنباء فارس إن “مجلس صيانة الدستور يجب ألا يعين مرشحا بدلا من التيار الإصلاحي (..) يجب أن يكون لدينا مرشحنا الخاص”.

واختار الإصلاحيون ثلاثة مرشحين محتملين: النائب الأول السابق للرئيس إسحق جهانغيري الذي أُبطل ترشيحه للانتخابات الرئاسية عام 2021، وكذلك الوزيران السابقان عباس أخوندي ومسعود بيزشكيان.

ورفضت الجبهة الإصلاحية المشاركة في الانتخابات التشريعية في مارس الماضي منددة “بانتخابات لا معنى لها” بعد إقصاء عدد كبير من مرشحيها. ولا يزال الإصلاحيون، الذين تم تهميشهم حاليا بعيدا عن السلطة، مخلصين للحكم الديني في إيران لكنهم يطالبون بتحسين العلاقات مع الغرب والمضي قدما تدريجيا في تعزيز حرية التعبير وتخفيف القواعد الصارمة للزي الإسلامي.

وقال المسؤول الإصلاحي الكبير السابق محمد علي أبطحي إن المعسكر المؤيد للإصلاح سيخوض الانتخابات إذا سُمح لمرشحه بذلك، لكنه أضاف أنه ليس من الواضح حجم المساحة السياسية التي سيُسمح بها للإصلاحيين. وتابع “هذه الدورة من الإقبال المنخفض على التصويت التي ضمنت فوز المتشددين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة، يمكن تغييرها.. لكن تساورني شكوك إزاء أيّ انفتاح سياسي محتمل”.

مع ذلك ما زالت القوة الانتخابية للإصلاحيين غير واضحة، إذ يعتقد بعض الناخبين أنهم فشلوا في تحقيق قدر أكبر من الحريات في الفترات التي كانوا فيها في السلطة خلال العقد الماضي. وكشفت احتجاجات 2022 عن اتساع الفجوة بين الإصلاحيين والمحتجين المطالبين بـ”تغيير النظام”.

وقال جريجوري برو، المحلل في مجموعة أوراسيا، “حتى السماح لعدد قليل من المعتدلين المعروفين بالترشح.. قد لا يكفي لدفع الناس إلى المشاركة. لطالما وقع الناخبون في خداع فكرة أن المرشحين ذوي العقلية الإصلاحية.. سيُحدثون تغييرا حقيقيا”.

وأبطلت الهيئة المخولة ترشيحات العديد من الإصلاحيين والمعتدلين في انتخابات 2021، ما ضمن سهولة الفوز لإبراهيم رئيسي، مرشح المعسكر المحافظ والمحافظ المتشدد، خلفا للرئيس المعتدل حسن روحاني. وبلغت نسبة المشاركة 49 في المئة فقط، وهي أدنى نسبة لانتخابات رئاسية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

ووسط المزيج المعقد في إيران من الحكام الدينيين والمسؤولين المنتخبين، تكون للمرشد الأعلى علي خامنئي الكلمة الفصل في جميع شؤون الدولة مثل السياسات النووية والخارجية. لكن الرئيس المنتخب سيكون مسؤولا عن معالجة الصعوبات الاقتصادية المتفاقمة.

ويقول محللون ومصادر إن خامنئي (85 عاما) يسعى إلى الحصول على رئيس شديد الولاء في انتخابات 28 يونيو لإدارة شؤون البلاد ويكون حليفا موضع ثقة لتحقيق الاستقرار، وسط مناورات حول خلافة المرشد الأعلى.

وقال سعيد ليلاز المحلل المقيم في طهران “من المرجح أن يكون الرئيس المقبل متشددا مواليا لخامنئي بلا هوادة وله خلفية في الحرس الثوري؛ شخص بخلفية لا تشوبها شائبة وخالية من التنافسات السياسية”.

لكن هدف فوز رئيس متشدد قادر على تحقيق انتقال سلس في قمة السلطة، حين يموت خامنئي في نهاية المطاف، يمثل معضلة لرجال الدين الحاكمين الذين سيديرون التصويت الشهر المقبل.

ويقول المحللون والمصادر المطلعة إنه لضمان أن يكون الفائز من أشد الموالين لخامنئي، من المرجح أن يهيمن على الانتخابات المقبلة متشددون لديهم وجهات نظر مماثلة لرؤيته.

ومن المرجح أن يضعف تقييد الاختيار في الانتخابات اهتمام الناخبين ويبقي نسبة المشاركة منخفضة، الأمر الذي يوجه ضربة غير مرحب بها لهيبة الجمهورية الإسلامية التي تأسست قبل نحو 45 عاما.

وهذا المأزق مألوف في إيران. ففي سباق يخضع فيه المتنافسون لفحص دقيق عادة ما يكون التحدي الذي تواجهه المؤسسة الدينية هو تحقيق نسبة إقبال على التصويت مرتفعة. وسينشر مجلس صيانة الدستور قائمة المرشحين المؤهلين لخوض الانتخابات في 11 يونيو.

ويقول منتقدون إن ضعف الإقبال ناتج عن السخط على المصاعب الاقتصادية والقيود الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى احتجاجات دامت أشهرا أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني في حجز شرطة الأخلاق عام 2022.

ويقول بعض المحللين إن إدراج مرشحين معتدلين بمستوى منخفض على بطاقة الاقتراع قد يكون وسيلة لجذب نسبة إقبال أكبر. ومن المرجح ألا يُدخل الرئيس الجديد أيّ تغيير في سياسة إيران النووية أو الخارجية، فكلتاهما تحت سيطرة المرشد الأعلى.

العرب