أكد الكاتب والخبير التركي نوح يلماز، أن مركز ثقل العالم تحوّل من المحيط الأطلسي إلى آسيا خلال العقد الماضي، فبرزت القارة الآسيوية بوصفها المركز الجيوسياسي والجغرافي الاقتصادي للعالم، وشهدت تحوّلًا ملحوظًا في هذا الإطار.
وقال الكاتب، في تقرير تحليلي نشرته مجلة رؤية تركية الصادرة عن مركز سيتا للأبحاث، إن هذا التحوّل يعيد تشكيل توازن القوى العالمي. وتمثل مبادرة آسيا الجديدة، التي أطلقتها وزارة الخارجية التركية في عام 2019، رؤية البلاد الشاملة والشاملة والمنهجية لآسيا على المدى الطويل.
ووفقا للتقرير، أصبحت تركيا في حقبة ما بعد الحرب الباردة، واحدة من الدول الرائدة التي تحاول تنويع أهداف سياستها الخارجية، والتواصل من خلال التعددية، وبنظرة متعددة الأبعاد؛ وأحد الأمثلة المهمة جدًّا على هذا التوجه كان تجاه جمهوريات آسيا الوسطى التي ظهرت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.
ويضيف الكاتب: نجحت الرؤية المتعددة الأبعاد لتركيا في نشر عناصر القوة الناعمة في هذه المنطقة؛ لزيادة نفوذها بشكل منهجي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وفي منظور تركيا المحدث بعد الحرب الباردة، لم يعد يُنظَر إلى مناطق مثل إفريقيا وآسيا على أنها “بعيدة ومثيرة للمشكلات”، بل يُنظَر إليها ضمن شراكات محتملة أقامت معها تركيا علاقاتها، ووسعت علاقاتها في المجالات السياسية والاقتصادية، وتتصرف بشكل مشترك عند الضرورة.
وبالإضافة إلى تواصلها الموسع مع إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا الوسطى، قامت تركيا بصياغة نهج جديد في السياسة الخارجية تجاه آسيا. وتتابع تركيا عن كثب التطورات في مناطق آسيا والمحيط الهادئ، التي تؤدّي دورًا مهمًّا في السلام والاستقرار العالميينِ والإقليميينِ.
وفي هذا الإطار – يضيف يلماز – ترى تركيا أن التحديات التي تواجهها المنطقة تتطلب التعاون بدلًا من الاستقطاب، وتدعم المخططات الثنائية والصغرى والمتعددة الأطراف. علاوة على ذلك، تُولي الدولة أهمية لشفافية المبادرات الإقليمية وشموليتها وخلق أوجه التآزر فيما بينها.
وتابع يلماز: تعتقد تركيا أيضًا أنه لا ينبغي إجبار دول المنطقة على الانحياز إلى أي طرف. ومن ثم، فإن تركيا تبني تعاونها مع دول المنطقة على مبادئ المنفعة المتبادلة والشراكة المتساوية، وتهدف إلى زيادة التعاون الثنائي والإقليمي في إطار المبادئ والأولويات المشتركة.
وبالنظر إلى التاريخ الاستعماري لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، فمن الجدير بالذكر أن تركيا، التي ليس لديها أي ماض استعماري، تتمتع بمزايا كبيرة في تعزيز الثقة بما يتماشى مع هذه المبادئ. يختم الكاتب.