بعد المناظرة: هل بايدن ملائم حقا لأن يكون رئيسا

بعد المناظرة: هل بايدن ملائم حقا لأن يكون رئيسا

واشنطن- يتم رسم معظم تصرفات أيّ رئيس والكثير من خطوات أيّ مرشح رئاسي بعناية فائقة. ولهذا فإن أيّ هفوات بسبب لحظات غير مكتوبة أو ارتجال غير متوقع عادة، تخيم بظلالها على مسار أيّ حملة. وكانت المناظرة الرئاسية الأخيرة مثالا لذلك.

يقول باندو، كبير الباحثين بمعهد كاتو للدراسات السياسية والمساعد الخاص السابق للرئيس الأسبق رونالد ريغان، إنه لم يكن هناك قدر كبير من الموضوعية في المناظرة. فالمرشحان مسرفان كبيران، رغم أن جو بايدن أسوأ بدرجة كبيرة.

جعل بايدن الولايات المتحدة تواجه عجزا سنويا قدره 2 تريليون دولار، دون أن تكون هناك أزمة مالية، أو جائحة فتاكة، أو حرب ساخنة. ودون تغيير جاد في السياسة، يمكن أن يصل الدين الفيدرالي إلى ضعف إجمالي الدخل المحلي بحلول منتصف القرن.

◄ مناظرة سيئة واحدة لا تعني أن بايدن لا يستطيع اتخاذ قرارات مهمة، لكنها تعني أنه غير لائق لأهم منصب في العالم

والمرشحان ملتزمان بإدارة العالم بغض النظر عن المخاطر، واعتمادا على تحالفات واشنطن العتيقة وباهظة التكاليف. ومع ذلك، فإن الرئيس السابق دونالد ترامب ينتقد من حين إلى آخر على الأقل الدول الصديقة التي لا تشارك أميركا في التكاليف بقدر كاف. والوضع الدولي أسوأ الآن مما كان عليه عندما تولى بايدن منصبه، لكن ترامب يزعم بأنه سوف ينهي حرب أوكرانيا إذا ما تولى الرئاسة وهذا خيال أكثر منه واقعا.

وبدلا من التحدث عن جوهر المناظرة، تتحدث كل واشنطن عن أداء بايدن الذي كان كارثيا. ولا يعني هذا بالضرورة أنه خسر الانتخابات، فأربعة شهور توفر لترامب الوقت الكافي لاستعادة منصبه بتذكير المواطنين ذوي الميول السياسية المعتدلة بسبب عدم رغبتهم في أن يتولى ترامب المنصب أربع سنوات أخرى.

ومع ذلك، فإنه من الصعب تخيل فوز بايدن دون أن يفعل ترامب سياسيا ما كان يفعله المقاتلون اليابانيون من قتل أنفسهم خوفا من الهزيمة.

وهناك ثلاث نقاط رئيسية يمكن استخلاصها من المناظرة. الأولى، والتي فقدت إلى حد كبير في الثرثرة حول تصرف بايدن كرجل عجوز يبدو مرتبكا، هي أن ترامب كان بشكل مدهش، وحتى صادم منضبطا.

ومن المؤكد أن الوضع لن يستمر كذلك حتى الخامس من نوفمبر المقبل. وعلى أيّ حال، فقد تجنب ترامب تكرار أدائه الكارثي الذي بدر منه منذ أربع سنوات، حيث تجاهل القواعد المتفق عليها ووجه إهانات لبايدن.

ويبدو واضحا أن ترامب يستطيع التصرف لصالح مصلحته عندما يتعلق الأمر بالفوز في الانتخابات. وهذا يعني أنه قد يدير حملة أكثر تركيزا وذكاء حتى نوفمبر رغم التوقعات بعكس ذلك وواسعة الانتشار.

أما النقطة الثانية وهي الأوضح هي أن بايدن لا يصلح لأن يكون رئيسا. والآن سوف ينتقل عجزه من الادعاء السياسي إلى الحملة الانتخابية. وسوف يتم تفسير أيّ غمغمة أو تعثر في المستقبل في ضوء أدائه المرتعش في المناظرة.

ويضيف باندو، في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية، أنه لا تعني مناظرة سيئة واحدة أن بايدن لا يستطيع اتخاذ قرارات سياسية مهمة. ومع ذلك، فإنها تعني فعلا أنه غير لائق لأهم منصب في العالم. وأنه على الأقل أحيانا – وربما غالبا – غير ملائم عقليا لهذا المنصب. والكل يعرف أن حالته سوف تزداد سوءا بكل تأكيد.

والنقطة الثالثة، وربما الأسوأ بالنسبة إلى بايدن، هي أن أنصاره هم الذين يشككون علانية في صلاحيته لأن يكون رئيسا الآن، حتى قبل يناير، موعد بدء فترته الجديدة في حالة فوزه. ومن ثم، فإن الديمقراطيين الذين أفزعهم أداء بايدن، والذين يرون أنه ليس هناك أمل في فوزه، ليس فقط قد لا يصوتون لصالحه ولكن ليس من المرجح أيضا أن يقدموا مالا لإعادة انتخابه .

وعلاوة على ذلك، فإن الحديث عن بديل لبايدن سيدفع إلى مناقشة موضوعية لكل القضايا. وهي: هل هناك فرصة لأن يتخلى بايدن عن ترشحه؟ هل هناك وسيلة لإرغامه على ذلك؟ كيف ستتم العملية؟ ومن الذي سيكون البديل؟

ويقول باندو إن أي نقاش يركز على هذه المخاوف وما شابهها يعزز قضية العجز ويشتت الحملة الانتخابية.

ويرى باندو أنه من الواضح أن كل هذا يصب في صالح ترامب بدرجة كبيرة. ولكن ما زالت فترة الأسابيع الثمانية عشر فترة طويلة في مجال السياسة. فقد يرتكب ترامب خطأه الفادح؟ أو ربما ينتهي بايدن – بمعنى الكلمة أو مجازا – مما يرغم على حدوث تغيير بالنسبة إلى مرشح الحزب الديمقراطي. وفي هذه الحالة سيظل من الممكن أن يفوز الديمقراطيون، إن لم يكن بايدن.

وأضاف باندو في تحليله بالقول إن فزع الديمقراطيين له ما يبرره مع ذلك. والأمر المرجح تماما هو أن بايدن سيقدم القليل من حالات الأداء المكررة. وسوف تتسارع الحملة ولن يكون لديه الوقت الكافي لإصلاح صورته. وفي هذه الحالة من المرجح أنه سوف يتم حسم الانتخابات دون اهتمام كبير بالتحديات الكثيرة والخطيرة التي تواجه أميركا في السنوات المقبلة. وكلما زادت مدة تجاهلها، كلما كانت الكارثة التي سوف تواجه الأميركيين في المستقبل أكبر وأكثر تأكيدا

العرب