كيف تواجه أوبك+ أعضاء لا يلتزمون بحصصهم

كيف تواجه أوبك+ أعضاء لا يلتزمون بحصصهم

فيينا – شهدت منظمة أوبك وأوبك+ الأسبوع الماضي تجاوز أسعار نفط برنت 87 دولارا للبرميل. ولم يكن الارتفاع الأخير في النفط بفضل أعضاء أوبك+ الذين لم يمتثل بعضهم لتخفيضات الإنتاج وإنما يرجع في الحقيقة لعلامات الطلب القوي والمخاوف بشأن العرض.

وتعتقد المحللة الاقتصادية تسفيتانا باراسكوفا في تقرير على موقع أويل برايس الأميركي أن الإنتاج الزائد لدى بعض أعضاء أوبك+ (ومن أهمهم العراق وكازاخستان وروسيا) لا يزال مشكلة للمنظمة التي وضعت خططا مبدئية لتخفيف جزء من التخفيضات الطوعية خلال الثلاثي الرابع من السنة الحالية، إذا سمحت ظروف السوق بذلك.

وتسعى المملكة العربية السعودية، وهي أكبر منتج في أوبك وقائدتها الفعلية، إلى أن تكون مثالا يحتذى به. وتواصل التمسك بتعهدها بضخ 9 ملايين برميل يوميا من النفط الخام. لكن منتجين آخرين في أوبك+ (كالعراق الذي يعدّ ثاني أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط) لم يمتثلوا للتخفيضات الحالية رغم تعهدهم المستمر بالانضباط الأفضل في المستقبل.

الإنتاج الزائد لدى بعض أعضاء أوبك+ لا يزال مشكلة للمنظمة التي وضعت خططا مبدئية لتخفيف جزء من التخفيضات الطوعية خلال الثلاثي الرابع من السنة الحالية

وحدّدت أوبك لغير الملتزمين مهلة ستنتهي في سبتمبر 2025 للتعويض عن فائض الإنتاج في الأشهر الأخيرة. ولم تظهر أي علامات تدل على أن العراق وكازاخستان قد تمكنا من خفض إنتاجهما إلى الحصص المحددة لهما، ناهيك عن التعويض عن فائض الإنتاج السابق.

ويشير عدم امتثال بعض أعضاء أوبك+ إلى أن كفاح المجموعة الذي استمر لسنوات لكبح غير الملتزمين لم ينته بعد. كما يرسل إشارة هبوطية إلى سوق النفط حيث تبقى بعض تخفيضات الإنتاج على الورق فقط لأن العديد من المنتجين لا يخففون الإنتاج بالدرجة التي اتفقوا عليها بموجب صفقة أوبك+. ويبرز في الوقت الحالي طرفان من غير الملتزمين، وهما العراق (المنتج الثاني في أوبك) وكازاخستان (المنتج من خارج أوبك).

وليست هذه المرة الأولى التي نجدهما في هذه اللائحة. ففي 2020 – 2021، كان العراق وكازاخستان يضخان فوق حصصهما، وفشلا في التعويض عن إنتاجهما الزائد بعد سنة من إطلاق أوبك+ آلية تعويض مماثلة لتلك التي تعتمدها الآن.

وذكرت وثائق أوبك+ الداخلية التي اطلعت عليها وكالة أنباء بلومبيرغ ازدياد تراكم التخفيضات الإضافية التي اضطر العراق وكازاخستان إلى إجرائها في 2021، بعد أكثر من سنة من اعتماد خطط التعويض. وشهدت السنة الحالية إعداد خطط تعويض مرة أخرى للعراق وكازاخستان. وحددت تقديرات أوبك بلوغ فائض الإنتاج التراكمي العراقي 602 ألف برميل يوميا، وسجلت كازاخستان 389 ألف برميل يوميا بين يناير ومارس 2024 وحدهما.

وتقرر في اجتماع أوبك+ خلال يونيو الماضي منح المنتجين مهلة حتى سبتمبر 2025 للتعويض عن فائض الإنتاج السابق. واستنادا إلى أحدث بيانات الإنتاج الصادرة عن أوبك ومن مسوح رويترز وبلومبيرغ، لم يتمكن العراق ولا كازاخستان من خفض الإنتاج إلى المستويات الموعودة.

وأظهر المسح الشهري الذي نشرته رويترز خلال الأسبوع الماضي أن إنتاج أوبك النفطي ارتفع خلال يونيو للشهر الثاني على التوالي بسبب زيادة الإنتاج من نيجيريا وإيران. وسجّل العراق أكبر تراجع في الإنتاج، حيث خفضه بمقدار 50 ألف برميل يوميا. لكن ثاني أكبر منتج في أوبك استمر في تجاوز حصته في أوبك+ في يونيو.

السعودية تسعى إلى أن تكون مثالا يحتذى به. وتواصل التمسك بتعهدها بضخ 9 ملايين برميل يوميا من النفط الخام

ووفقا لتقييمات أوبك للإنتاج بناء على أرقام المصادر الثانوية في تقريرها الشهري الأخير، ضخ العراق الذي لم يلتزم بسقف الإنتاج البالغ 4 ملايين برميل يوميا، 4.195 مليون برميل يوميا في مايو. وشكّل ذلك انخفاضا قدره 7000 برميل يوميا عن أبريل، ولكنه يقدّر بنحو 200 ألف برميل يوميا فوق هدفه. وأظهر مسح بلومبيرغ لإنتاج أوبك في يونيو أن العراق خفض الإنتاج بمقدار 30 ألف برميل يوميا لكنه لا يزال أعلى بنحو 250 ألف برميل يوميا من حصته. وكان هذا قبل احتساب تخفيضات التعويضات.

ورفعت كازاخستان من جهتها إنتاجها النفطي في يونيو. وأكدت حسابات رويترز المستندة إلى بيانات الأسبوع الماضي أنها تجاوزت حصتها. وسجّلت وفقا لحسابات رويترز لبيانات الإنتاج 1.538 مليون برميل يوميا من الخام الشهر الماضي ارتفاعا عن مايو، ونحو 70 ألف برميل يوميا فوق سقف أوبك+ البالغ 1.468 مليون برميل يوميا.

وقالت وزارة الطاقة في كازاخستان خلال يونيو إن مصادر مستقلة وافقت عليها أوبك+ وجدت أن البلاد تجاوزت حصتها بموجب الاتفاق بمقدار 45 ألف برميل يوميا في مايو.

وقالت الوزارة الشهر الماضي “ستعالج كازاخستان هذا الفائض في الإنتاج وستلتزم بالكامل في يونيو، مع الامتثال لتخفيضات طوعية إضافية”. كما تعهدت وزارة الطاقة في روسيا الشهر الماضي ببلوغ حصتها من إنتاج النفط في يونيو بعد أن تجاوزت إنتاجها المستهدف بموجب اتفاق أوبك+ في مايو.

وبينما انطلقت أوبك+ في الإعلان عن مستويات الإنتاج الزائد للأعضاء، ليس من المؤكد أن تفرض على الذين لم يمتثلوا للتخفيضات لسنوات الالتزام بحصصهم. وقد يسبب استمرار الإفراط في الإنتاج إضعاف تأثير تخفيضات المجموعة على سوق النفط.

العرب