اختار الحزب الجمهوري الأميركي رسمياً دونالد ترامب مرشحاً للرئاسة في مواجهة الرئيس جو بايدن الساعي لولاية ثانية في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني. وحصد الرئيس السابق، اليوم الاثنين، أصوات غالبية المندوبين في المؤتمر الوطني للحزب، في تصويت لا يزال جارياً، علماً أنه من المفترض أن يقبل هذا الترشيح رسمياً الخميس.
من جهته، اختار دونالد ترامب السيناتور جي دي فانس من ولاية أوهايو ليكون نائباً له عن الحزب الجمهوري. وكتب الرئيس السابق على منصة “تروث سوشال” أنه “بعد مداولات وتفكيرات مطولة، قررت أن الشخص الأنسب لتولي منصب نائب رئيس الولايات المتحدة هو السيناتور جي دي فانس من ولاية أوهايو العظمى”. وأشاد بأوراق اعتماد فانس وخبرته في مجال الأعمال. ورشح مؤتمر الحزب الجمهوري، لاحقاً، بشكل رسمي فانس نائباً لترامب في انتخابات الرئاسة.
يعد جيمس ديفيد فانس من قدامى المحاربين الذين شاركوا في حرب العراق، وهو يبلغ حالياً 39 عاماً، درس القانون في جامعة ييل، ومارس لفترة مهنة المحاماة وترشح لعضوية مجلس الشيوخ في عام 2022 بعد أن أيده ترمب في ذلك الوقت، مما ساعده على التغلب على المنافس الأساسي للحزب الجمهوري جوش ماندل، والمرشح الديمقراطي تيم رايان.
وخلال فترة ترشحه على قائمة الحزب الجمهوري في أوهايو لمقعد مجلس الشيوخ، حصد فانس التأييد من كبار المانحين، من أبرزهم المؤسس لشركة «باي بال» (Pay Pal) بيتر ثيل الذي تبرع بحوالي 15 مليون دولار، وهو أكبر مبلغ على الإطلاق لدعم مرشح فردي في مجلس الشيوخ، وفقاً لـ«بوليتيكو» لدعم فانس.
وقبل أن يترشح لعضوية مجلس الشيوخ، برز اسم فانس عام 2016 حينما أصدر كتاباً يؤرخ فيه للآثار الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لتراجع التصنيع في مدينة أوهايو، التي نشأ فيها، بعنوان «Hillbilly Elegy». وفي هذا الكاتب حدد فانس الأولويات الضرورية للنهوض بالصناعة في مدينة أوهايو مثل الحد من الإنفاق غير الضروري والتضخم، وتعزيز إنتاج النفط والغاز المحلي، ومكافحة وباء المخدرات والمواد الأفيونية، وإنهاء الإجهاض، وحماية الحدود الجنوبية، وتغيير سياسة الهجرة.
دخل فانس، البالغ من العمر 39 عاماً، المعترك السياسي، العام الماضي فقط، عندما فاز بعضوية مجلس الشيوخ، وجاء صعوده بشكل منهجي في الساحة المحافظة. وكان في السابق ناقداً لاذعاً لترمب، وسبق أن وصفه بأنه “مقيت”، واعتبره “هيرويناً ثقافياً”، لكن رغم ذلك حصل على دعم ترمب في انتخابات مجلس الشيوخ عام 2022 بـ”تبنيه الكامل لسياسته، ومزاعمه بشأن سرقة الانتخابات الرئاسية”، وهو التأييد الذي رفع من شأنه في ساحة مليئة بالمرشحين، وفي النهاية إلى مجلس الشيوخ، وفقاً لـ”نيويورك تايمز”.
ويعد فانس أول مرشح من جيل الألفية، إذ هناك قرابة 40 عاماً تفصل بينه وترمب، لكن في ظل قلق الناخبين من عمر بايدن وترمب، يكون الاختيار لفانس- سواء عن قصد أو لا-، كأكثر الجمهوريين احتمالًا لحمل الإرث الإيديولوجي لترمب إلى ما بعد فترة ثانية محتملة في البيت الأبيض.وفي السابق، كان فانس يجادل بأن ترمب يقود “الطبقة العاملة البيضاء إلى مكان مظلم جداً”، خاصة بسبب تصريحاته الهجومية بشأن الهجرة وجهوده لإلقاء اللوم على المهاجرين في المشكلات الاقتصادية. إلّا أن فانس قال إن “وجهات نظره تغيرت خلال رئاسة ترمب”.
وعندما خاض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ في أوهايو عام 2021، تبنى رسائل ترمب المتشددة، وتبرأ من آرائه السابقة بشأن الهجرة والتجارة. وانضم فانس في النهاية إلى الرئيس السابق، وأشاد بالفترة التي قضاها في منصبه، واعتذر عن هجماته عليه خلال مقابلة مع قناة FOX NEWS في يوليو 2021، وجاء اعتذاره في نفس الوقت تقريباً الذي دخل فيه فانس السباق على مقعد مجلس الشيوخ المفتوح في ولاية أوهايو. وقال فانس: “لقد كنت منفتحاً للغاية بشأن حقيقة أنني قلت تلك الأشياء المهمة، وأنا نادم عليها، ويؤسفني أن أكون مخطئاً بشأن الرجل”.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، فإنه “في حال جرى انتخاب جي دي فانس في تشرين الثاني/نوفمبر، فسيكون واحداً من أصغر نواب الرئيس في التاريخ. وهو وافد سياسي جديد نسبياً، وفاز بمقعده في مجلس الشيوخ في عام 2022 بعد أن صعد إلى الصدارة بصفته مؤلف كتب. ويضيف اختيار جي دي فانس إلى صفّ المرشح الرئاسي الجمهوري مدافعاً قوياً عنه”. ونقلت الصحيفة عن مراقبين جمهوريين قولهم إن “ذلك يمكن أن يساعد ترامب في تعزيز قاعدته من الناخبين البيض من الطبقة العاملة”.
ووفقاً للصحيفة الأميركية، فقد كان اختيار منصب نائب الرئيس من بين أكثر القرارات التي حظيت باهتمام في حملة الرئيس السابق الانتخابية، كما أخذ هذا القرار أهمية مضاعفة في أعقاب محاولة اغتيال ترامب في تجمع انتخابي يوم السبت في بتلر بولاية بنسلفانيا. وكان جي دي فانس أحد أكثر المدافعين عن الرئيس السابق، حيث أظهر دعمه خارج محكمة مدينة نيويورك خلال محاكمة ترامب الجنائية هذا العام. وأصبح فانس أيضاً قريباً من الإبن الأكبر لترامب.
وفي مؤتمر ميونيخ للأمن في فبراير/شباط، روّج فانس لسياسة ترامب الخارجية القائمة على مبدأ “أمريكا أولا”، قائلا إن الدول الأوروبية يجب أن تتحمل المزيد من المسؤولية عن الدفاع العسكري، وخاصة التصنيع، حتى تتمكن الولايات المتحدة من التركيز على وضع الموارد في آسيا ضد الصين العدوانية، حسبما ذكرت صحيفة “ذا هيل”. وقال “نريد لأوروبا أن تنجح، ولكن يتعين على أوروبا أن تضطلع بدور أكبر في أمنها. ولا يمكن تحقيق ذلك بدون الصناعة”.
أعرب فانس عن شكوكه في قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على الدعم العسكري لأوكرانيا، قائلاً إن الولايات المتحدة لا تصنع ما يكفي من الذخائر للحفاظ على مستوى المساعدات الموجهة إلى كييف. ودعا إلى التعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لتحقيق “المصالح الأمريكية”.
وقال فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن: “لم أزعم قط أن بوتن شخص طيب وودود. لقد زعمت أنه شخص له مصالح مميزة، وعلى الولايات المتحدة أن تستجيب لهذا الشخص الذي له مصالح مميزة”.
وأضاف “ولكن حقيقة أنه رجل شرير لا تعني أننا لا نستطيع أن ننخرط في الدبلوماسية الأساسية وإعطاء الأولوية لمصالح أميركا. هناك الكثير من الأشرار في مختلف أنحاء العالم، وأنا مهتم أكثر بكثير ببعض المشاكل في شرق آسيا الآن مقارنة بأوروبا”. كما روج ترامب لعلاقته مع بوتن، ووعد بالتفاوض بسرعة لإنهاء الحرب في أوكرانيا إذا عاد إلى البيت الأبيض. وقد أثار ذلك مخاوف من أن ترامب سيضغط على أوكرانيا للتنازل عن أراض كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار.
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، ردد فانس دعوة ترامب لإسرائيل “لإنهاء المهمة” ضد حماس في قطاع غزة، وزعم بأن العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية لا يمكن إقامتها إلا بعد هزيمة حماس في قطاع غزة على الرغم من تأكيد السعودية مراراً بأنها لا تستطيع إقامة علاقات مع إسرائيل حتى ترى مسارًا قابلاً للتطبيق لإنشاء دولة فلسطينية.
وفي مقابلة مع برنامج “حالة الاتحاد” على شبكة سي إن إن في مايو/أيار، قال فانس “إن هدفنا في الشرق الأوسط ينبغي أن يكون السماح للإسرائيليين بالوصول إلى مكان جيد مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية الأخرى. ولا توجد وسيلة لتحقيق ذلك إلا إذا أنهى الإسرائيليون مهمتهم مع حماس”.
وأضاف “وإذا لم يتمكنوا من القيام بذلك، فإن الموقف في الشرق الأوسط سيكون: “لا يمكنك أن تثق في هؤلاء الرجال، فهم لا يسعون إلى تحقيق أمنهم الوطني”. لذا يتعين علينا أن نتركهم ينهون هذه المهمة، وأعتقد أننا نأمل في النهاية أن نصل إلى عصر جديد في الشرق الأوسط”. ووصف موقع “جويش إنسايدر” فانس بأنه يضفي “لمسة مؤيدة لإسرائيل على النظرة العالمية لأمريكا أولا” من خلال الخطاب. وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، أعرب فانس عن دعمه لاستمرار إسرائيل في حرب غزة، ورفض الضغوط الأمريكية على البلاد وألقى باللوم على حماس في سقوط ضحايا فلسطينيين.
ووفقا لفانس، فإن الولايات المتحدة لم تبلي بلاء حسنا في “الإدارة الدقيقة” للحروب في المنطقة، ويجب أن تترك إسرائيل تقرر كيفية إدارة الحرب بنفسها.وقال: “أعتقد أن موقفنا تجاه الإسرائيليين يجب أن يكون واضحا، نحن لسنا جيدين في إدارة حروب الشرق الأوسط، الإسرائيليون هم حلفاؤنا، دعهم يواصلون هذه الحرب بالطريقة التي يرونها مناسبة”.
وبخصوص مواقفه السياسية، يجسد فانس ما يعرف باسم “اليمين الجديد”، وهو تيار شعبوي محافظ يرفض العديد من وجهات النظر الجمهورية التقليدية. وهو يدعم الرسوم الجمركية على التجارة، ويعارض التدخل الأميركي في الصراعات الخارجية، وخاصة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وانتقد بشدة المساعدات الأميركية لكييف. وقد أشاد أيضاً برئيس الوزراء المجري السلطوي فيكتور أوربان على “بعض القرارات الذكية”.
واتّهم الرئيس الأميركي جو بايدن، المرشّح لولاية ثانية، جي دي فانس الذي اختاره دونالد ترامب بأنه “يحابي الأثرياء”، في حين وصفته حملة المرشّح الديمقراطي بأنه “متطرّف” ومناهض للإجهاض. وشدّد بايدن في منشور على “إكس” على أن فانس وترامب “يريدان زيادة الضرائب على أسر الطبقة المتوسطة، مع تعزيز التخفيضات الضريبية للأغنياء”، في حين ندّدت حملة بايدن بفانس، ووصفته بأنه “متطرّف” و”ينكر نتيجة انتخابات 2020، ويدعم حظر الإجهاض على مستوى البلاد”.