رسمت المواجهة القائمة بين إسرائيل وإيران بعد عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي ( إسماعيل هنية) آفاقًا عديدة تمثلت في المتغير الدولي القائم على تعزيز المصالح والمنافع والاستفادة من الفرصة السياسية التي ستؤول إليها نتائج المواجهة في منطقة الشرق الأوسط، وهنا بالتحديد ما تعمل عليه القيادة الإيرانية وتسعى اليه كهدف استراتيجي في إعادة هيكلية قواتها العسكرية ودفاعاتها الجوية وتحسين البنية التحتية للقوات المسلحة الإيرانية وتدعيم حالة الدفاع عن أمنها القومي وحدودها الجغرافية، وهي تتبع سياسية تتسم بمعايير الحفاظ على النظام وديمومة بقائه والمحافطة على مقدار الكلفة وما تنجم عليه أهدافها المرحلة في مواجهة إسرائيل.
التطور القائم في العلاقات الاستراتيجية بين روسيا وإيران، وما تريده موسكو من تفعيل جانب مهم في سياستها تجاه المصالح الأمريكية ومواجهتها في أي بقعة من العالم، فإنها ترى الان قدرتها على الدخول في سياسة القتال بالوكالة ضد الولايات المتحدة الأمريكية وأن أفضل فرصة لها الآن هي حالة التوتر الذي تشهده المنطقة وطبيعة الرد الإيراني على الردع الإسرائيلي الاخير، وهذا ما حاولت إيران فهمه من خلال الزيارات المتكررة لوفودها العسكرية والأمنية إلى روسيا والطلب المستمر لإعادة تكوين القدرة الإيرانية في مجال الدفاع والاسناد لتشكيلاتها العسكرية.
جاءت الأحداث والمتغيرات الأخيرة لتمنح الطرفان الروسي والإيراني إمكانية تحقيق مصالحهما وتعزيز قدرتهما السياسية وتمدد وجودههما في المنطقة العربية ومواجهة المصالح الأمريكية، وبدأت روسيا بإرسال شحنات عسكرية غامضة إلى إيران وخلال الأسابيع الماضية ولكنها بدأت تأخذ مداها الواسع في الأيام الأخيرة، ونرى أن من أهم المعدات العسكرية ستكون منظومة الصواريخ ( إس 400) التي تتميز بقدرتها على التصدي للصواريخ الموجهة والطائرات المقاتلة ولأي فعاليات وأهداف جوية، مع إضافة معدات بحرية وغواصات وسفن تمتلك القدرة على مواجهة أي احتمالات لهجمات على مواقعها في مضيق هرمز والبحر العربي، وسبق لروسيا ان عملت على تزويد الحوثيين معدات أسلحة ثقيلة ساهمت في تعزيز البنية العسكرية لهم واستمرار فعالياتهم في البحر الأحمر وخليج عدن.
أن مانراه من إمكانية التنوع في تصدير المعدات والاليات العسكرية الروسية لإيران يأتي ضمن سياسية الردع غير المباشر الذي تتبناه روسيا في التصدي للاهداف الأمريكية الأوربية واستخدام التعامل بسياسة القتال بالوكالة بعد التطور الحاصل والدعم الذي قدمته واشنطن وبعض العواصم الأوربية لأوكرانيا في حربها مع روسيا.
ان ملامح هذا التطور الذي نراه، سيعمل على تصعيد حالة الاهتمام والانشغال داخل المجتمع الإسرائيلي بكافة أوجهه الاعلامية والسياسية والتي سترى في الدعم الروسي مواجهة دقيقة لأهداف وضعتها إسرائيل داخل العمق الإسرائيلي وأهمها المحطات والمنشأت النووية الإيرانية والميادين والأماكن المتعلقة ببرنامج الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة والتواجد الإيراني في الممرات والمضايق المائية الدولية.
كما اننا نتوقع أن القادم من الأحداث يتمثل في مواجهة دولية غير مباشرة بين روسيا وامريكا ستكون مساحته الأرض العربية عبر المواجهة المنتظرة بين إسرائيل وإيران، وهو ما سيؤدي إلى نتائج ميدانية تنعكس بصورة ميدانية على مجمل الأوضاع السياسية والمتغيرات الإقليمية ومن الممكن أن تساهم في نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة.
تبقى المصالح والمنافع الدولية للدول الكبرى أهم واوسع من حياة الشعوب وأعمالها وتطلعاتها لحياة هادئة ومستقبل افضل.
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية