برزت العديد من ابجديات ومصطلحات الحرب وادواتها ووسائلها المعتمدة في أي توتر وصراع ميداني بين طرفين أو أكثر، وهذا ما يحدث من سجالات ومناكفات في التصريحات والأقاريل بين إسرائيل وإيران وحزب الله، والكل يترقب وينتظر اللحظة الحاسمة في بدأ المواجهة ومن ستكون واجهته الأولى في إطلاق بداية المعركة وتحقيق الغايات والأهداف منها، وأمام هذه الاحتمالات والتوقيتات برزت حالة ميدانية تتعلق لمفهوم الحرب الاستباقية والتي بدأت تتداول في الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية عبر المجسات والأدوات الإستخبارية التي ترى أن هناك تحضيرات واسعة ووسائل متعددة وبواسطة أسلحة ومعدات حديثة وصواريخ موجهة بعيدة المدى لم تدخل ميدان أي مواجهة من قبل مع تنوع وتطور في استخدام الطائرات المسيرة وتحديد أهداف عسكرية واقتصادية مهمة.
تتابع الجهات المختصة الإسرائيلية مديات وتوقيتات الضربة المحتملة والتي يعد لها حزب الله اللبناني والقيادة الإيرانية، ولكن هناك داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من يدعو ويعمل على تحقيق مبدأ الحرب الاستباقية ومواجهة الأخطار القادمة، والتي نرى انه من الممكن أن تشمل تنفيذ مهام قتالية عبر توجيه ضربة استباقية تمنع ردًا كبيرًا وشاملًا تحديدًا من هيئة الأركان الحربية التابعة لحزب الله اللبناني تجاه مناطق ذات أهمية إستراتيجية وأهداف محددة في العمق الإسرائيلي ضمن محيط تل أبيب ومركزها الاقتصادي ومدينة حيفا ومينائها ذات الخصوصية المتعلقة بتصدير الطاقة وتأمين الحاجيات الاقتصادية للمجتمع الإسرائيلي، والضربة الاستباقية قد تُحيد بعض من عملية الرد المشترك الذي سينطلق بمؤزارة مقاتلي حزب الله عبر الجبهة اليمنية وفعاليات الحوثيين المتمثلة بتوجيه الصواريخ البالستية أو ضرب المصالح الأمريكية في البحر الأحمر والجبهة السورية المساندة لها من قبل مليشيات الفاطميبن و الزينبيين المرتبطين بالحرس الثوري الإيراني مع الأخذ بالاعتبار ما ستقوم به المليشيات الفصائل المسلحة العراقية والتي بدأت بتفيذ عملياتها تجاه المواقع والقواعد الأمريكية داخل الأراضي العراقية ، وقد تتخذ الضربة معيارًا دوليًا واقليميًا عبر التنسيق المباشر مع دول التحالف الذي تم تشكيله قبل الهجوم الإيراني على إسرائيل في نيسان 2024، ومعالجة حالة التردد والقلق لدى الإسرائيليين من عدم نجاح الجهود الأميركية في تفعيل الجهد العسكري للتحالف ضمن المحور الجغرافي للمنطقة التي تحيط الصراع القائم.
ومن أهداف الضربة الاستباقية هي تحيد الفعل القتالي للخطة العسكرية المعدة من قبل حزب الله، والتي من المتوقع أن تشمل إطلاق إطلاق عشرات الطائرات المسيرة والصواريخ باتجاه معظم مدن عكا وطبريا وحيفا ومخازن الأسلحة والمعدات مع مراكز الطاقة وخاصة
آبار الغاز، وإزاء هذه التوقعات أجرى وزير الطاقة والبنى التحتية إيلي كوهين جلسات مع مسؤولين في شركة الكهرباء وقادة الجبهة الداخلية والشرطة لاتخاذ الإجراءات المناسبة التحضيرات الميدانية لمعالجة أي طارئ علي الأرض.
ثم إن إسرائيل تدرس جميع الرسائل والمسارات والردود المتوقعة وكيفية الرد عليها بهجوم استباقي أو ميداني لاحق تجاه الجنوب اللبناني أو في باقي الجبهات ومنها مواضع المليشيات المساندة أو بعض الأماكن في العمق الإيراني، والتي نراها ضمن إطار المواضيع المطروحة للنقاش.
وتحاول إسرائيل في خطواتها منع سياسة الرد المشترك التي تعمل عليها الهيئات العسكرية لحزب الله بالتعاون مع المليشيات المتواجدة في الأراضي السورية المحاددة لمنطقة الجولان ، هذا الرد المحتمل قادر على تنفيذ هجمات منسقة على المواقع والمصالح الإسرائيلية؛ مما يرفع بشكل كبير من مخاطر اندلاع حرب إقليمية تضم تحالفات متعددة،
ومن الممكن لهذا الهجوم متعدد الأدوات أن يصيب الدفاعات الإسرائيلية ويعمل على تصعيد الصراع بشكل كبير.
وتشمل تحضيرات الحرب الاستباقية تحقيق هدف سياسي يسعى إليه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لانقاذ مستقبله وعدم التفريط بدوره وبحكومته وتخفيف ضغط المعارضة عليه، وعلى المستوى الدفاعي فقد قامت القوات البحرية الإسرائيلية بتجربة في عرض البحر على صاروخ دفاع جديد باسم (البرق الواقي) أُطلق من سفينة من نوع (ساعر) لمواجهة صواريخ متوسطة وبعيدة المدى قد تطلق من كتائب حزب الله الدفاعية.
وتدرك إسرائيل أن الهدف الاستراتيجي الإيراني يكمن في الحفاظ على الأسلحة المتقدمة التي يمتلكها حزب الله وقدراته العسكرية باعتبارها ذات قيمة كبيرة تحمي المشروع السياسي لإيران في التمدد والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي .
تبقى الأحداث قابلة لكل المتغيرات والمنعطفات في الميدان العسكري والصراع السياسي وتشكل مسارات واضحة
لشكل المواجهة المرتقبة بين حزب الله وإيران وتل أبيب،بعد عمليات الاستهداف الاغتيال السياسي التي طالت قيادات رئيسية في حركة حماس وحزب الله والتي جاءت ضمن سياق تصعيد متبادل واتساع نطاق سياسة الاغتيالات الإسرائيلية.
وحدة الدراسات الاقليمية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية