المقترح الأمريكي… جدية التنفيذ وصعوبة الأداء

المقترح الأمريكي… جدية التنفيذ وصعوبة الأداء

اياد العناز 

تبقى مسارات عقد جولات الحوار بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران مكفولة بمدى حالة القناعة المتبادلة من جدوى الحوار الثنائي والآفاق المستقبلية لتحقيق الغايات والأهداف الاستراتيجية من استمرار المفاوضات ونتائجها والتعامل معها بشكل جدي واتخاذ القرارات الخاصة بكيفية تحديد اختبار النوايا القائمة على أساس ثبات المواقف وتعزيز الإرادة المتبادلة في وضع المرتكزات الرصينة لاتفاق نووي قادم.
إيران تنظر إلى المقترح الأمريكي الذي قدمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف والمتضمن تأسيس كيان دولي إقليمي لتخصيب اليورانيوم ونقل منشآت التخصيب من إيران إلى جزيرة تابعة لها في الخليج العربي، إلى أن هذا المقترح يبعد إيران عن حقها في التخصيب على أراضيها ويوسع من دائرة عدم الثقة المتبادلة بين الطرفين ويضعف الأسلوب الدبلوماسي في الحوار السياسي ويؤدي لحالة من الافتراق، ولكن واشنطن ترى فيه أنه الأنسب لإيجاد حالة من المتابعة المباشرة والالتزام بالتعليمات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
و تخشى إيران من الإجراءات التي تقوم بها الإدارة الأمريكية لمناقشة الملفات الأخرى المتعلقة بالجوانب السياسية والعسكرية ومنها ما يلزم إيران بتقديم ضمانات بعدم تطوير برنامج الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، وكذلك سعى الدول الأوربية ( ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) على الإبقاء الميداني لآلية الزناد التي اتفق عليها في تموز 2015، مع أبعاد طهران عن دعمها للفصائل والمليشيات المسلحة المرتبطة بالقيادات العسكرية في فيلق القدس والحرس الثوري.
جاء مقترح ويتكوف ليكون طوقًا للنجاة في استمرار الحوار المشترك والتفاوض عليه في الجولات القادمة، وبيان الرأي الإيراني في تقيد مؤقت للمنشآت النووية وتخصيب اليورانيوم فيها بنسبة 3٪ وإنشاء برنامج للمراقبة والتحقق أمام الالتزام الإيراني الذي كلما تطور ميدانيًا أدى إلى رفع للعقوبات الاقتصادية وإطلاق للأموال المجمدة،وربما يكون مقترحًا لتقريب الفجوة بين الشروط والمطاليب الأمريكية بوقف كامل لتخصيب اليورانيوم، والموقف الذي تبديه طهران في إصرارها على الاحتفاظ بنسب التخصيب المحلي،خاصة وأنها قد أنفقت مليارات الدولارات على مدار العقدين الماضيين لتطوير برنامجها النووي ووسعت قدراتها في تخصيب اليورانيوم، ومع كل هذه التطورات فإن المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني أعلنت بتاريخ الثالث من حزيران 2025 أن إيران ( لن تترك طاولة الحوار بشأن الملف النووي وستحافظ على مصالحها الوطنية)،وهو الموقف الثابت في السياسة الإيرانية القائم على تحقيق الغايات من حضور المفاوضات للوصول إلى نتائج عملية ميدانية تفضي لرفع كامل للعقوبات وعودة إيران لعلاقتها السياسية والاقتصادية مع دول العالم وتأثيرها في سوق الطاقة الدولي والتمسك بالحفاظ على نظامها السياسي.
لا زالت إيران تؤكد على رغبتها في امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية وتوسيع عملية التخصيب بما يحقق لها أهدافها في المجالين العملي والتقني، وتراه واشنطن لا يمثل حقيقة ما توصلت إليه إيران من تخصيب نسب اليورانيوم لتصل إلى 60٪ مع زيادة كبيرة في عملية الخزن بلغت 400 كغم، مخالفة بذلك النسبة المقررة لها والبالغة 3،67٪ وحسب اتفاقية تموز 2015 الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني.
تحاول إيران العمل باتجاه تصعيد حالة الخلاف مع الولايات المتحدة برفضها للاقتراح الأمريكي لإنهاء الخلاف القائم بخصوص البرنامج النووي كونه وحسب ادعاء المسؤولين الإيرانيين ( غير قابل للتنفيذ ولا يتضمن أي تغيير في موقف واشنطن بشأن تخصيب اليورانيوم)،وهو ما يخالف الموقف الذي اتخذته ستيف ويتكوف الذي يعتبر ما قدمه يمثل ( أفكاراً أولية) وإمكانية مناقشتها في جولات الحوار القادمة.
يبقى الخلاف قائم حول موجبات العرض الأمريكي الذي لا يسمح لإيران ببناء منشآت تخصيب جديدة مع الطلب بتفكيك البنى التحتية لتحويل ومعالجة اليورانيوم ووقف الابحاث والتطوير المتعلقة بأجهزة الطرد المركزي الجديدة.

وحدة الدراسات الإيرانية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة